بقلم-مكرم محمد أحمد
يبدو أن الصدام بين الرئيس الأمريكى ترامب والكونجرس أصبح حتمياً بعد أن سُدت كل سبل الحوار بين الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب التى ترفض طلب الرئيس الأمريكى اعتماد مبلغ 5 مليارات دولار لبناء جدار عازل حول المكسيك، بينما يُصر الرئيس ترامب على إغلاق عدد من وكالات الحكومة الفيدرالية ما لم يعتمد مجلس النواب المليارات الخمسة، والواضح أن الطرفين فشلا فى الوصول إلى حل وسط ينهى إغلاق الحكومة الفيدرالية، ويمكن ملايين العاملين فى هذه الوكالات من الحصول على رواتبهم وأجورهم، بينما يستمر تفاوض الجانبين، البيت الأبيض والأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب حول قضية الجدار العازل، وقد زاد الموقف سوءاً أن قرار إغلاق بعض الوكالات الفيدرالية يمكن أن يتسبب فى وقف دعم معونات الغذاء للفقراء، لكن الأخطر من ذلك أن الرئيس ترامب يُفكر فى إعلان حالة الطوارئ فى الولايات المتحدة بما يُتيح له استخدام إمكانات القوات المسلحة الأمريكية باعتباره القائد الأعلى للقوات الأمريكية، وبناء جدار المكسيك العازل رغماً عن أنف مجلس النواب، وهى خطوة جد خطيرة يمكن أن تفتح أبواب جهنم على الرئيس الأمريكى ترامب وإدارته، لأن الوضع على حدود المكسيك والولايات المتحدة ليس خطيراً إلى الحد الذى يُبرر إعلان حالة الطوارئ، وليس هناك ما يسند ادعاءات الرئيس بأن الحدود سوف تتعرض لعملية غزو من أعداد متزايدة من المهاجرين الذين لا يحملون أى وثائق، ويريدون العبور إلى داخل الولايات المتحدة، وقال مسئولون أمريكيون يعارضون بناء الجدار العازل إنه ليس هناك ما يدعم تقارير إدارة ترامب التى تقول إن منطقة الحدود سوف تتعرض مع نهاية فصل الشتاء وبداية الربيع لأعداد ضخمة من المهاجرين، وإن إدارة الرئيس ترامب تبالغ كثيراً فى تقاريرها، وإن مثل هذه الخطوة من جانب الرئيس الأمريكى سوف تزيد الأزمة اشتعالاً مع مجلس النواب، فضلاً عن التحديات الأخرى التى ربما يكون مصدرها اعتراض المحاكم الفيدرالية على إعلان حالة الطوارئ التى تفتقد وجود أدلة واقعية تُثبت وجودها، وإن المحاكم الفيدرالية يمكن أن ترفض توسيع سلطات القائد الأعلى بما يمكن إدارة ترامب من بناء الجدار العازل، ورغم التشجيع الذى يلقاه الرئيس ترامب من عدد من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين فإن الجمهوريين ينقسمون على أنفسهم خاصة أن حملة الديمقراطيين نجحت فى تصوير توسيع سلطات الرئيس ترامب على أنه قرار يغتصب للرئيس الأمريكى سلطات الملك الذى لا يرد له قرار، أو سلطات الطاغية الذى يفرض أوامره على الجميع، ورغم هبوط شعبية الرئيس ترامب إلى أدنى مستوى لها 37 فى المائة، يدعى الرئيس أنه يلقى تأييداً جارفاً من جمهوره الانتخابى، وبسبب هذا الإعتقاد يخطط الرئيس ترامب لإلقاء خطاب تليفزيونى إلى الأمة من المكتب البيضاوى فى البيت الأبيض يقنع فيه المواطنين الأمريكيين بأن الموقف جد خطير على حدود المكسيك، ولا حل سوى بناء الجدار العازل، وربما يزور الرئيس ترامب منطقة الحدود عقب خطابه حول الأزمة سعياً إلى حشد تأييد أنصاره وناخبيه، ورغم أن إعلان الرئيس ترامب حالة الطوارئ وبناء الجدار العازل مستنداً إلى سلطة القائد الأعلى سوف يزيد الموقف اشتعالاً، ويجعل العداء سافراً بين مجلس النواب والرئيس الأمريكى، وربما يؤدى إلى العديد من الاستجوابات أملاً من الديمقراطيين فى إزاحة الرئيس عن منصبه، يسابق بعض الشيوخ الأمريكيين الزمن أملاً فى إقناع ترامب بسرعة العمل لإنهاء إغلاق الحكومة الفيدرالية واستمرار التفاوض حول الجدار العازل مع الأغلبية الديمقراطية فى مجلس النواب تفادياً لتداعيات خطيرة، يصعب على الجميع حسابها.
نقلا عن الاهرام القاهرية
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع