بقلم مكرم محمد أحمد
العارفون بأوضاع الزراعة المصرية يحذرون من مخاطر كبيرة يمكن ان تلحق ضررا بالغا بانتاج مصر الزراعي نتيجة الارتفاع الكبير في اسعار الكهرباء والاسمدة وارتفاع تكاليف العمالة بما يزيد من كلفة الانتاج ويخل باقتصاديات الزراعة، لان التكلفة تفوق العائد الحقيقي رغم زيادة اسعار المحاصيل سواء الحقلية او الخضر والفاكهة!، خاصة أن المستفيد الاول من هذا الخلل هم الوسطاء والتجار اما المنتجون فيشكلون الحلقة الاضعف في العملية كلها،والعارفون بأوضاع السوق الزراعية يعرفون حجم الفارق الكبير بين اسعار السلع الزراعية علي رأس الحقل واسعار البيع للمستهلك ويعرفون ان نصيب المنتج هو الاقل والاضعف قياسا علي ارباح الوسطاء والتجار!.
ولان مصر تعتبر نفسها جزءا من الاقتصاد الحر يتحدد الاسعار في اسواقها طبقا لقانون العرض والطلب بما لا يمكن الحكومة من اية ضوابط حقيقية تساعدها علي تصحيح هذا الخلل الضخم،بسبب الاحتكار وألاعيب التجار وممارستهم التي تغبن حقوق المنتجين وتمتص دماء المستهلكين،ومع الاسف فان تأثير التسعيرة الاسترشادية علي الاسواق يكاد يكون صفرا لانها تفتقد قوة التنفيذ كما انها لا تعد وفق معايير اقتصادية صحيحة وغالبا ما يكون الفارق ضخما بين السعر الادني والسعر الاعلي لكل سلعة، بما يؤكد انحيازها إلي مصالح التجار والوسطاء باكثر من أن تكون حسابا دقيقا لكلفة السلعة وهامش الربح!.
غير أن الاخطر من ذلك ضعف ردود افعال المستهلكين، وعدم فاعلية مؤسسات حماية المستهلك رغم وجود تجارب مصرية نجحت فيها ضغوط المستهلكين في التقليل من جشع التجار، وحتي الدور القديم الذي كانت تلعبه الجمعيات الاستهلاكية في ضبط اسعار السوق لم يعد موجودا لفساد هذه الجمعيات وعدم وضوح دورها وانقطاع الصلة بينها وبين مراكز الإنتاج..، وأظن ان تصحيح الخلل الضخم في السوق الزراعية خاصة اسواق الخضر والفاكهة يتطلب أولا إنصاف المنتج ومساعدته علي تقليل كلفة الانتاج من خلال إعادة النظر في اسعار الكهرباء المستخدمة في الزراعة، والحفاظ علي دعم الاسمدة وتخليصه من الرشاوي والفساد، ونشر محطات الميكنة علي نطاق واسع يغطي النقص الفادح في العمالة الزراعية، اما خلل الاسواق بسبب الاحتكار وغياب المنافسة الحقيقية فحله الصحيح، احياء دور الجمعيات الاستهلاكية وإعادة هيكلتها و ربطها بمراكز الانتاج ورفع يد الحكومة عن إدارتها بحيث تصبح جمعيات أهلية في صورة شركات مساهمة يكتتب فيها سكان كل حي، يقومون بإدارتها ورقابتها كما هو حادث في الكويت.