بقلم : مكرم محمد أحمد
«المنوفى لا يلوف وإن أكلته لحم الكتوف» هذا ما يقوله مثل دارج لا يُعرف أصله أو سببه، وإن كان اللواء سعيد عباس محافظ المنوفية الجديد الذى أمضى الشهور الستة الأولى من تعيينه محافظا يدرس الشخصية المنوفية ويتعرف على خصائص المنوفيين وطباعهم، ويقرأ كل ما كُتب عن المنوفية أرضا وشعبا، وهو بالمناسبة جيزاوى، يرى أن المثل غير صحيح لا يطابق حال الشخصية المنوفية, وربما يكون سبب شيوعه هو شطارة المنوفيين، وتفوقهم الذى ربما يعود سببه الأول إلى ضيق الرقعة الزراعية وكثافة السكان واعتقاد المنوفيين السائد أن التعليم هو أقصر الطرق خلاصا من الفقر،
ويكاد يكون التعليم فرضا على كل أسرة يُلزمها بأن تعلم أولادها مهما تكن مصاعب الحياة، وبسبب شطارة المنوفيين وحبهم للتعليم تصل نسبته إلى 92%، وثمة قرى فى المنوفية أشهرها كفر المصيلحة تصل فيها نسبة التعليم قبل عشرات السنين إلى مائة فى المائة بسبب جهود عبدالعزيز باشا فهمى وأحمد عبدالغفار باشا اللذين يعتبران من المؤسسين الأوائل لجمعية المساعى المشكورة التى أقامت فى كل مراكز المحافظة منذ بدايات القرن التاسع عشر مدارس جميلة وأنيقة راقية الهندسة وكاملة التجهيز، وافتتحت ثانى مدرسة لتعليم البنات بعد مدرسة السنية،
ولها فضل عظيم على كل المنوفيين، لأنها كانت حافزهم الأكبر على تعليم أولادهم تعليماً عصرياً بدلاً من الكتاتيب. وما يميز الشخصية المنوفية التى أحسن قراءتها اللواء سعيد عباس، الاتقان وجودة العمل وحب التعليم والسباق على المنافسة وحب الوطن الذى يكاد يكون فريضة منوفية، والمنوفيون هم أقدم فلاحى الدلتا وأمهر فلاحى مصر، يعيشون على رقعة زراعية ضيقة محصورة فى الزاوية الصغيرة ما بين فرعى رشيد ودمياط فى مساحة لا تزيد على ألفين وخمسمائة كيلو متر مربع. والمنوفية ليست محافظة طاردة لأنها لا تترك أبناءها يغادرونها إلا بعد أن يكملوا تعليمهم، ومن المنوفية خرج 4 رؤساء للجمهورية هم الرئيس السادات ومبارك وعدلى منصور والسيسى، وثمانية من شيوخ الأزهر من بينهم ثلاثة من ثلاثة أجيال متتابعة من أسرة العروسى، وينتمى إليها 76 من وزراء مصر وأشهر قُراء القرآن، وهى المحافظة الوحيدة فى مصر التى تملك جامعتين جامعة المنوفية 80 ألف طالب، و21 كلية،
وجامعة السادات فى مدينة السادات التى تشكل ظهير المحافظة الصحراوى ونطاق امتداد المحافظة خارج زقم الدلتا المحاصر بين فرعى رشيد ودمياط، ويبرز من قرى المحافظة الـ 317 التى يبلغ سكانها الآن قرابة الخمسة ملايين نسمة أربعة قرى هى الأشهر والأشطر والأكثر كفاءة، ساقية أبوشعرة التى اشتهرت بصناعة أجود أنواع السجاد الحرير، وساقية المنقدى التى برعت فى صناعة التحف وقطع الأثاث المُطعمة بالصدف والعاج، يذهب إنتاجها إلى خان الخليلى ومن خان الخليلى إلى العالم أجمع، وجريس التى اشتهرت بصناعة أجود أنواع الفُخار، وكفر هلال التى تضم 150 مصنعا صغيرا لصناعة أجود أقمشة الستائر والفرش القطنية، وتفخر محافظة المنوفية بأن من بين أبنائها الحاج محمود العربى العصامى الشهير حسن السمعة والتاريخ، الذى صفق له المنوفيون بالأمس طويلاً.جمع محافظ المنوفية اللواء سعيد عباس لأول مرة كل المستثمرين فى المحافظة وكل أعضاء جماعاتها النوعية وهيئات تدريس الجامعتين،
وأغلب شخصياتها العامة وخبراتها المتنوعة فى أول مؤتمر يُعقد من أجل التنمية المستدامة، يركز على أربع قضايا رئيسية، الإستثمار على قاعدة اقتصادية تعترف بحق المستثمر فى أن يكسب خاصة فى المشروعات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر، التعجيل بمشروعات الصرف الصحى التى سوف تعيد لأرض المنوفية خصوصيتها وتزيد غلتها، وتنهى مشكلة الخلط بين مياه الشرب ومياه المجارى وتُحسن جودة الحياة فى كل أرجاء المحافظة، والبحث عن حلول عاجلة لمشكلات التعليم والصحة، وأخيرا مشكلات جمع القمامة وتدويرها فى صناعات مفيدة، استمر المؤتمر أربع ساعات فى مناقشات مستمرة متنوعة واقتراحات مُثمرة تخرج من أرض الواقع، يجمعها رغبة «المنايفة» فى تحسين جودة الحياة لأبناء محافظتهم وحماسهم الشديد للإستثمار فى محافظتهم، من أجل تحقيق الاستقرار، ويكاد يكون مطلبهم الأساسى تسهيل الإجراءات، وتحسين مناخ الاستثمار، وحل مشكلات المستثمرين وتحقيق عدالة الفرص، واحترام القانون، وتجميع كل الإجراءات فى نظام الشباك الواحد.