بقلم : مكرم محمد أحمد
يؤدى اليمين الدستورية اليوم أبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا الجديد, أول رئيس مسلم من قبيلة الأورومو أكبر القبائل الإثيوبية عدداً, يتولى حكم إثيوبيا خلفاً لرئيس الوزراء السابق هايلى ماريام ديسالين الذى استقال الشهر الماضى بعد اضطرابات واسعة فى مناطق الأورومو القريبة من العاصمة أديس أبابا، تطالب بإنهاء تهميش وضع الأورومو التى تسيطر على أكبر مساحة من الأرض الإثيوبية التى يقع معظمها فى نطاق ملكية القبائل وليس الدولة.وقد رحبت الخارجية المصرية بهذه الخطوة أملاً فى أن تسهم فى تعزيز استقرار إثيوبيا وتهدئة الأوضاع بما يعزز جهود الأمن والتنمية فى إثيوبيا فى أقرب وقت ممكن، وقالت تقارير مصرية إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ التغيرات التى تجرى فى إثيوبيا وتترقب توجهات رئيس الوزراء الجديد، ومدى تأثيره على الحزب الحاكم وعلى العلاقات المصرية الإثيوبية بوجه عام، وتأمل فى أن ينجح فى إعادة الاستقرار إلى إثيوبيا، ورغم أن رئيس الوزراء الجديد لم يزر مصر من قبل لكنه معروف بمواقفه الحيادية المعتدلة كما أنه صاحب خلفية عسكرية واستخباراتية تمكنه من دور قوى فى تحقيق الاستقرار، وذكر سفير مصر الأسبق فى السودان صلاح حليمة أن رئيس الوزراء الجديد سوف يركز أولاً على تحقيق الاستقرار وحل النزاعات الداخلية واحتواء التظاهرات العرقية. وإذا كان البعض يستشعر بعض القلق لأن رئيس الوزراء السابق ديسالين نجح فى تعزيز علاقاته مع الرئيس السيسى فضلاً عن أنه كان مهندساً للرى يعرف كل التفاصيل المتعلقة بسد النهضة، فإن مصر تتعامل مع إثيوبيا كدولة مؤسسات, وتؤكد ضرورة الالتزام بالاتفاقيات المسبقة كما أنها تأمل فى حل جميع الأمور الفنية المعلقة بين الجانبين فى اجتماع الخرطوم القادم، كما يؤكد السفير الإثيوبى فى القاهرة محمود دردير أن العلاقات ممتدة ومستمرة بين مصر وإثيوبيا، وتشهد تحسناً مضطرداً بعد كل لقاء بين القيادتين المصرية والإثيوبية، وأن هناك لجاناً فنية تدرس المشكلات الفنية المعلقة بما يخدم مصالح الدول الثلاث، مصر وإثيوبيا والسودان، بخلاف اللجان الأخرى التى تبحث العلاقات الثنائية وتعمل على ترجمة البروتوكولات الموقعة بين الجانبين إلى خطط وبرامج عمل، وكانت العاصمة الإثيوبية قد شهدت يوم الخميس الماضى التوقيع على عقود تصدير لحوم إثيوبية إلى مصر فى إطار صفقة قيمتها 8 ملايين دولار لتصدير 4 آلاف رأس من العجول وألفى جمل شهرياً لمدة عامين، كما يوجد أكثر من 30 شركة مصرية تعمل مع إثيوبيا، تبلغ حجم استثماراتها مليار دولار فى مجالات صناعة الكابلات والطاقة المتجددة والمحولات والألمونيوم ومجالات الزراعة والصيد وتربية الماشية.والواضح أن استقالة ديسالين ومجىء أبى أحمد لم يكن له أى علاقة بقضية سد النهضة، وأن ديسالين تعرض داخل التحالف الحاكم لضغوط قوية اتهمته بالفشل فى مواجهة التوترات العرقية وأجبرته على الاستقالة بعد تزايد احتجاجات الأورومو والأمهرا تعبيراً عن غضبهم من هيمنة أقلية قبائل التيجراى على الحكم، رغم أنها لا تشكل أكثر من 6 فى المائة من تعداد البلاد.وثمة أنباء بوصول وفد أمريكى يزور القاهرة والخرطوم وأديس أبابا قبل انعقاد الإجتماع الثلاثى فى الخرطوم، الأربعاء والخميس المقبلين، الذى يضم وزراء الخارجية والرى فى الدول الثلاث ومديرى أجهزة المخابرات لبحث تطبيق توصيات اللجان الفنية فى التعامل مع القضايا العالقة من سد النهضة دون الإضرار بمصالح أى من الدول الثلاث، وهو أول اجتماع يعقد بعد أداء رئيس الوزراء الإثيوبى اليمين الدستورية..، وإذا صحت التقارير الصحفية التى تؤكد أن الوفد الأمريكى جاء لتقريب وجهات نظر الدول الثلاث وأن التدخل الأمريكى يجىء لتقريب وجهات نظر الدول الثلاث ويعكس رغبة أمريكية فى تعزيز علاقة مصر وإثيوبيا ضماناً لأمن القرن الإفريقى الذى يتعرض لمخاطر جماعات الإرهاب وعصابات القراصنة التى تهدد الملاحة العالمية، فربما تشهد مباحثات سد النهضة انفراجة هدفها تحسين ظروف الاستقرار فى القرن الإفريقى.المصدر : جريدة الأهرامالمقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع