بقلم : عمرو الشوبكي
جاءنى تعليق، هو فى الحقيقة مقال مكتمل الأركان، من إعلامى وكاتب مصرى كبير، هو الأستاذ محمد ناصر حافظ، اضطررت لاختصاره لأنه تجاوز فى مساحته تقريبا ضِعف مساحة العمود، وجاء فيه:
اطَّلعت على مقالكم المنشور بجريدة «المصرى اليوم» بعنوان: (كلينتون والإخوان)، وأرجو أن تسمح لى بإبداء بعض الملاحظات على ما جاء فيه:
أولا: رغم رفضك ما اعتبرته كلاما سطحيا من قِبَل مُرَوِّجى نظرية المؤامرة البلهاء على حد قولك حول مؤامرة تُحاك ضد مصر، إلا أنك تقول فى الجزء الأول من مقالك حرفيا: (ونجحت مصر فى الحفاظ على دولتها «غير الديمقراطية» من السقوط فى براثن التفكك والانهيار كما كانت تخطط جماعة الإخوان المسلمين وحلفاؤها)، هنا يُثار تساؤل مهم: هل كان تخطيط جماعة الإخوان المسلمين لإسقاط الدولة المصرية فى براثن التفكك والانهيار كما تؤكد لا يمثل مؤامرة قامت بها الجماعة مع حلفائها ضد مصر، أم أنك لا تعتبر هذا الأمر مؤامرة، ثم مَن هم حلفاؤها فى هذا المخطط، أليسوا قوى إقليمية ودولية، وقد تكون من بينهم أمريكا وخارجيتها التى كانت «كلينتون» وسفيرتها بالقاهرة، آن باترسون، على رأسها، وأتساءل أيضا: هل كان تخطيط جماعة الإخوان وحلفائها لتفكيك الدولة المصرية يتم على الملأ وبصورة معلنة أم أنه كان يتم فعلا فى الغرفة «الضلمة»، حتى يكون بعيدا عن عيون الناس؟ أعتقد أن نظرية المؤامرة لا يمكن إغفالها أو تسخيفها أو اعتبار المتحدثين بها بلهاء، فهى أمر حاضر دائما وأبدا فى السياسة الدولية، يتم استخدامه من قِبَل دول وقوى معينة، ولابد لأى دولة أو مؤسسة أمنية البحث فيه ومحاولة التصدى له.
ثانيا: أختلف أيضا مع مقولتك حول فشل مشروع الفوضى الخلاقة، وهنا أسأل: ما هى فى رأيك مُحدِّدات هذا المشروع الذى ترى أنه فشل، وهل كانت إدارة بوش الابن تنشد من ورائه الخير والاستقرار والتقدم لدول المنطقة، ومن ثَمَّ فشلت فى تحقيق ذلك؟ إننى أرى الأمر مختلفا تماما، فالمشروع كان منذ البداية هو نشر الفوضى فى المنطقة وتقسيم المُقَسَّم وتجزئة المُجَزَّأ من دولها، وهو الأمر الذى نجحت فيه على أسس طائفية وعرقية وقبلية، ومازالت الدماء تسيل على الأرض العربية جراء هذا المشروع، وتلك الدماء تمثل نجاحا باهرا للمشروع الأمريكى، الذى بدا واضحا أن الهدف منه أن يكون فوضويا فى الداخل العربى، ولكنه خلَّاق فى ترتيب المنطقة وفقا لأهداف إسرائيل، وتدمير كافة الجيوش العربية لصالح جيش إسرائيل، وتقزيم وتجزئة الدول الكبرى على مقاس إسرائيل، وما تشهده المنطقة الآن يؤكد نجاح هذا المشروع تماما وليس فشله كما ذكرتَ.
أخيرا وليس آخرا: إذا كان مشروع «كلينتون» مع الإخوان هو مشروع سياسى علنى سقط كما ذكرتَ بإرادة شعبية فى 30 يونيو وليس مؤامرة، فكان الأحرى بالإدارة الأمريكية أن تراجع حساباتها وأن تدعم النظام الجديد الذى سعى للاستقرار ونجح ولو نسبيا فى تحقيقه، وهنا يكون السؤال: بماذا نفسر رفض أمريكا سقوط هذا المشروع وعداءها للنظام الجديد، وبماذا نفسر إلحاح الإدارة الأمريكية على ضرورة دمج الإخوان فى العملية السياسية، بما يسمح بإعادة العنصر الموالى لها لإثارة الفتنة مرة أخرى فى الساحة السياسية، وبماذا نفسر- إذا كانت أمريكا ترغب فى استقرار مصر- موقفها المعادى للدولة المصرية ومنع السلاح عنها فى مواجهتها للإرهاب فى سيناء؟
عفوا الأستاذ العزيز، مازلت أعتبر ما يحدث مؤامرة.