بقلم-عمرو الشوبكي
احتضان شيخ الأزهر لطالبة الأزهر المفصولة ليس فقط موقفا إنسانيا راقيا، إنما أيضا يعبر عن الوجه الحقيقى للدين، وعن المعنى الحقيقى لتجديد الخطاب الدينى الذى ينصح ويوجه قبل أن يعاقب، وهو بلا شك موقف يحسب لشيخ الأزهر أحمد الطيب.
والقصة فى الحقيقة معروفة، ففى مثل هذا الوقت من العام الماضى قرر أحد طلاب كلية الحقوق بجامعة المنصورة (19 عاما) أن يخطب زميلته الطالبة فى جامعة الأزهر فى داخل الحرم الجامعى وأمام زملائه، وذلك بأن قدم لها باقة ورود وأعلن على الملأ أنه يحبها ويطلب خطبتها فبكت الفتاة وارتمت لثوانٍ فى حضنه وانتهى المشهد الرومانسى عند هذا الحد.
المؤسف أن من تبارى فى تدمير مستقبل الفتى والفتاة هم من رجال قانون، فأعلن عميد كلية حقوق المنصورة عن فصل الطالب نهائيا من كلية الحقوق، بل وأكد «أن العقوبة تتناسب مع الفعل الذى ارتكبه الطالب داخل الحرم الجامعى، والذى يخل بالقيم والتقاليد الجامعية، والتى يجب أن يلتزم بها جميع طلاب الجامعة، ولا يجوز لأى شخص من خارج الجامعة التدخل فى القرار».
ولم يتأخر قرار جامعة الأزهر حين أعلن رئيسها فصل الطالبة أيضا، لتتعادل جامعة المنصورة والأزهر فى قسوة العقوبة وفى تضييع مستقبل الطالب والطالبة على السواء.
هكذا كان رد فعل رجال القانون المدافعين عن العدالة على مشهد يمكن إعلان عدم قبوله، إلا أنه لا يمكن وصفه بالفاضح، ولأن الطالب هو الطرف الأضعف فى المعادلة (طالب فى التعليم الحكومى وليس الدولى) فتبارى الجميع فى تغليظ العقوبة لا تخفيفها فى مشهد صادم ومخجل.
وجاء بيان شيخ الأزهر، أمس الأول، ليوقف هذه الروح الانتقامية فى التعامل مع ما جرى، ويطلب من مجلس تأديب جامعة الأزهر إعادة النظر فى العقوبة المفروضة على الطالبة ويضع فى اعتباره حداثة سنها وضرورة الحرص على مستقبلها التعليمى وأن يقوم بواجب النصح والإرشاد قبل اللجوء لفرض العقوبات.
المؤكد أن هذه الواقعة ليست معتادة فى مصر، وربما غير مقبولة، ولكنها تذكرنا بأفلام الأبيض والأسود ورومانسية الخمسينيات وليست مشهدا إباحيا، كما أن ما يخفف من وقعها أنها حدثت علانية، فهى ليست لطالب انزوى بفتاة فى مكان مظلم داخل الجامعة أو خارجها حتى نقول إنها «فعل فاضح»، فهى خطوبة علنية يقينا ليس مكانها الجامعة، وبالتالى إذا كانت هناك عقوبة فهى من جنس الفعل، فلا أحد يمكن أن يحاسب شخصاً على جنحة بجريمة قتل وهكذا.
الصادم فى هذه الحادثة هو فى تبارى السلطات الجامعية فى تدمير مستقبل الطالب والطالبة وكيف نسوا أو تناسوا القيم المدنية والدينية الصحيحة فى التوجيه والنصح، خاصة بعد اعتذار الفتى والفتاة.
خطوة شيخ الأزهر لافتة وملهمة ونتمنى البناء عليها.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع