انتفاضة عكس السير
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

انتفاضة عكس السير

 فلسطين اليوم -

انتفاضة عكس السير

بقلم - عمرو الشوبكي

انتفاضة الشعب السودانى المستمرة منذ أكثر من شهر جاءت فى وقت سارت فيه معظم الثورات العربية فى طريق بناء نظم وأوضاع سياسية أسوأ مما كانت عليه قبل الثورات.

وإذا كان من الطبيعى أن ينتفض قطاع واسع من الشعب السودانى ضد نظام شاخ رئيسه فى الحكم 30 عاما، فقد بقى السؤال الكبير وهو ما مصير هذه الانتفاضة الشعبية العظيمة والسلمية والراقية فى ظل واقع عربى يقول معظم حكامه إن الثورات والانتفاضات كانت وبالاً على شعوبها وإن قطاعاً من الرأى العام يترحم على الأوضاع والنظم السابقة للثورات من مصر إلى ليبيا إلى اليمن، وحتى تجربة النجاح التونسية هناك تيار يرى أن الأوضاع فى عهد بن على كانت أفضل مما هى عليه الآن؟!

انتفاضة السودان تحمل رسائل وتحديات كبرى، فهى أولاً تعيد الاعتبار لـ«الطبيعى» أى من حق الشعوب أن تثور على حكامها إذا بقوا فى السلطة سنوات طويلة وفشلوا فى الاقتصاد كما فى السياسة، وفى نفس الوقت هى تثير التحدى الدائم، وهو أن الهدف ليس إسقاط النظام القائم إنما هو بناء نظام بديل.

والحقيقة أن معضلة السودان كبيرة ومركبة فهو بلد عانى من انقسامات عرقية أدت إلى انفصال جنوبه وهو يعانى من انقسامات مشابهة فى دارفور لا تزال تهدد وحدته، كما أنه يعانى من توظيف الدين فى السياسة، فالحكم هناك يدعى أنه إسلامى وتحالف مع الإخوان لفترة طويلة قبل أن يفض التحالف الرسمى بينهما ويبقى على عناصر إخوانية كثيرة داخل أروقة السلطة، وأنتج نموذجاً لا يدرس من الحكم الاستبدادى الذى وظف الدين للتنكيل بالخصوم والمعارضين وفى الفشل السياسى والاقتصادى.

ورغم أن الشعارات التى يرفعها الحكم فى السودان إخوانية وتتناقض مع شعارات نظم عربية كثيرة تدعمه إلا أن تيار إبقاء الأوضاع القائمة الذى يحكم معظم البلاد العربية دعم النظام السودانى فى مقابل تراجع تيار التغيير الذى بات قطاع منه غير متأكد من نتائج الانتفاضات الشعبية بعد أن اكتشف أن بعضها أنتج نظماً وأوضاعاً سياسية أسوأ من التى ثاروا عليها.

انتفاضة السودان يمكن أن تتلافى أخطاء وخطايا تجارب الفشل فى الثورات العربية وتحدد أولاً المسار البديل ببناء خط سير سياسى (وليس بالضرورة جبهة أو تنظيم أو أيديولوجية) قد يقبل باستمرار البشير فى السلطة وضمان عدم ترشحه مرة أخرى للرئاسة فى العام القادم، أو يتوافق على دعم أحد الوجوه شبه الإصلاحية من داخل النظام، خاصة فى ظل تداول أسماء من داخل المؤسسة العسكرية والأمنية، يمكن أن تمثل جسرا آمنا بين النظامين القديم والجديد وسيكون وصولها للسلطة بفضل انتفاضة شعبية وليس عبر ترتيبات الأجهزة والدولة العميقة.

انتفاضة السودان قريبة من أن تقدم نموذجا ناجحا بشرط أن تعرف أن معارك التغيير والإصلاح هى معارك بالنقاط وليست بالضربة القاضية.

نقلا عن المصري اليوم

المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتفاضة عكس السير انتفاضة عكس السير



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:57 2024 الجمعة ,22 تشرين الثاني / نوفمبر

تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان
 فلسطين اليوم - تظاهرة تضامنية مع غزة في العاصمة الأردنية عمّان

GMT 02:22 2017 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

أبل تقلّل أداء الموديلات القديمة للحفاظ على البطارية

GMT 14:47 2017 الأحد ,29 تشرين الأول / أكتوبر

فوزي غلام يستمر مع نابولي ويجدد لفقراء الجنوب

GMT 08:57 2014 الإثنين ,29 كانون الأول / ديسمبر

نصائح إيمي تشايلدز لتعيش حفل رأس سنة مميز

GMT 08:55 2015 الأربعاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ترشيح ثلاثة مدربين لقيادة نادي "اتحاد الشجاعية"

GMT 20:31 2019 الأربعاء ,16 كانون الثاني / يناير

"أسرة فيلم الفيل الأزرق2" تنتهي من تصوير العمل بعد أسبوعين

GMT 07:59 2018 الخميس ,27 كانون الأول / ديسمبر

السياح يغلقون فنادق موسكو في أعياد رأس السنة الجديدة

GMT 18:08 2018 السبت ,22 كانون الأول / ديسمبر

سانتياغو سولاري في حيرة بسبب خط الوسط قبل مواجهة "العين"
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday