بقلم - عمرو الشوبكي
شارك ولى العهد السعودى محمد بن سلمان فى قمة العشرين التى عُقدت فى العاصمة الأرجنتينية بوينس آيريس، واتضح فيها عدم حرص الرئيس الأمريكى على الاجتماع به، بل إن الأمر بدا لافتًا أن يتجاهل الرئيس الأمريكى مصافحته فى الوقت الذى دافع فيه أكثر من مرة عن التحالف الأمريكى السعودى، وتحدث أكثر من مرة عن صفقات الأسلحة الأمريكية للسعودية التى تبلغ قيمتها مائة مليار دولار، وتوفر مليون فرصة عمل.
صحيح أن زعيمى الصين وروسيا تعاملا بشكل طبيعى مع ولى العهد السعودى، كما اجتمعت به رئيسة الوزراء البريطانية، وهو ما يعنى أن الأمير الشاب حقق اختراقا واضحا بين زعماء المجتمع الدولى، وأن القمة لم تكن بالسوء الذى توقعه البعض إلا أنها أيضا كانت بفتور لم يأمله البعض.
والحقيقة أن الموقف الأمريكى من السعودية هو موقف مُركّب، فعلى مستوى الإدارة الأمريكية سنجد أنها فتحت الباب أمام إجراء تغييرات فى معادلة نقل السلطة فى السعودية، وفى الوقت نفسه المحافظة على النظام الملكى والمصالح الاستراتيجية بين البلدين.
والحقيقة أن هذا الاختيار أمامه صعوبات داخلية وخارجية وغير مضمون العواقب، حتى لو استمر ضغط الصحافة الكبرى والرأى العام العالمى، فإن أمريكا لن تسعى له، إنما لن تعترض عليه وربما تفتح له الطريق.
أما على مستوى الصحافة الكبرى والرأى العام فستظل قضية قتل خاشقجى تحتل مساحة كبيرة من اهتمامها (تراجعت مع المشاكل العالمية اليومية)، وستظل تمثل أيضا عامل ضغط على إدارة ترامب والحكومات الغربية.
أمريكا لديها مصالح وعلاقات استراتيجية مع السعودية كبيرة بصرف النظر عن توجه الإدارة الحاكمة، أما مع إدارة ترامب فقد أضيف لها دعم إضافى، فحتى لو كانت مع تقبل فكرة تغيير معادلة الحكم، لكنها لن تسعى لتنفيذها أو الضغط على السعودية لتغييرها، وكل مواقف ترامب المتناقضة ترجع لمحاولته الاستجابة لضغوط الرأى العام الداخلى، فيعكسها على موقف غير واضح بولى العهد السعودى دون أن يمس الثابت الاستراتيجى، متمثلا فى العلاقات الأمريكية السعودية.
لقد حاول ترامب أن يواجه أطرافا فى حزبه الجمهورى والكونجرس، فى محاولة لإقناعهم بالرواية السعودية وإغلاق القضية، ولكنه لم ينجح، فى الوقت نفسه هو مستمر فى توظيف هذه الجريمة من أجل الحصول على مزيد من المكاسب المالية لأمريكا، وحديثه الصريح والواضح عن أنه لن يلغى العقود العسكرية التى وقعتها بلاده مع المملكة، مؤكدا عمق الاستفادة الاقتصادية الأمريكية من العلاقة مع السعودية.
سيظل الموقف الأمريكى من السعودية قائما على التمسك بالعلاقة الاستراتيجية معها، وفى الوقت نفسه فتح باب حذر لإمكانيات تغيير معادلات الحكم فى السعودية، بشرط ألا يؤثر ذلك على تماسك المملكة واستقرارها.
نقلا عن المصري اليوم
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع