بناء الإنسان المصريون نموذجًا
آخر تحديث GMT 11:40:54
 فلسطين اليوم -

بناء الإنسان.. المصريون نموذجًا!

 فلسطين اليوم -

بناء الإنسان المصريون نموذجًا

بقلم : مصطفي الفقي

سعت الثورات الكبرى والانتفاضات الشعبية بل والحركات الإصلاحية إلى تغيير وجه الحياة حولها ونجح معظمها فى التشييد والعمران ولكن المعضلة الكبرى كانت دائمًا هى بناء الإنسان، ولا نكاد نعرف نموذجًا أفضل من الثورة الفرنسية فى كم الأفكار التى طرحتها وحجم الرؤى التى أفرزتها حتى كانت بحق نقطة تحول لا فى التاريخ الأوروبى وحده ولكن فى التاريخ الإنسانى كله بما طرحته فى شعارها الشهير حول الحرية والمساواة والإخاء، وإذا نظرنا إلى مصر وتاريخها فسوف نكتشف أن هناك مفاصل واضحة أدت إلى تغيير الإنسان المصرى، وتحكمت إلى حد كبير بالأفكار الوافدة والأطروحات الجديدة، ونستطيع أن نرصد أربعة تواريخ حاكمة فى تكوين الشخصية المصرية وتحديد هوية الإنسان المصرى، فبعد التاريخ الفرعونى المجيد وحضارة مصر القديمة الملهمة ثم تعاقب اليونان والرومان نمضى مع الطريق الطويل لنسجل ما يلى:

أولًا: لقد كان (الفتح الإسلامى) نقطة تحول كبرى فى تاريخ الشعب المصرى عندما دخل غزاة الصحراء إلى الوادى الأخضر وهم يرفعون رايات الإسلام الحنيف ويستترون بمظلته السمحاء ولقد يتوهم الكثيرون أنه بدخول جيش «عمرو بن العاص» تحولت مصر بين يوم وليلة إلى دولة إسلامية تتحدث اللغة العربية ولكن الأمر غير ذلك تمامًا، فلقد ظلت مصر لأكثر من قرنين والأغلبية قبطية بينما اقتصرت اللغة العربية على أن تكون لغة السلطة ودواوين الحكم إلى أن جاء (الفاطميون) وشهدت العقود الأولى لحكمهم اضطرابًا شديدًا فى التعامل مع الأقباط صعودًا وهبوطًا مع التشدد فى جمع الجزية والمغالاة فى العقوبات فضلًا عن التطرف فى سلوكيات بعض الخلفاء الفاطميين وأبرزهم «الحاكم بأمر الله»، وعندما بدأ الأقباط فى استخدام اللغة العربية فى صلواتهم بالكنائس كان ذلك إيذانًا بالتعريب الكامل لمصر حتى أصبحت الأغلبية العددية فيها لمن يدينون بالإسلام، فالفتح العربى حدث مفصلى تشكل منه التراث الاجتماعى مستمدًا فى معظمه من العصر الفاطمى.

ثانيًا: آثار (الفتح العثمانى) على مصر عندما قدم إليها «سليم الأول» ليجثم الاحتلال التركى على صدر الكنانة باسم الخلافة وتحت عباءة الإسلام وعمامة «آل عثمان»، ولقد تحكمت قرون الوجود التركى فى مصر كثيرًا فى شخصية المصرى وأسلوب معيشته وطريقة تفكيره، ولا تنسى صفحات التاريخ أن الفاتح العثمانى قد أرسل أمهر الصناع المصريين إلى عاصمة الخلافة ليبنوا مجدًا لغيرهم وقصورًا ومساجد لسواهم! وهكذا فرض الأتراك على مصر عدة قرون من التخلف والظلام.

ثالثًا: تعد (الحملة الفرنسية) نقطة تحول مفصلية فى تكوين الشخصية المصرية التى بدأت تتبلور بوضوح وتتميز بدرجة من الاستقلال برغم السخرة وسطوة الحكم وطغيان العنصر الأجنبى أحيانًا، ولكن ذلك لا يحول دون القول بأن مدافع الحملة الفرنسية قد أيقظت «مصر» والمصريين كما أن «محمد على» الحاكم الوافد قد تمكن من وضع اللبنات الأولى لمصر الحديثة، وجاءت صيحة «عرابى» فى «ميدان عابدين» لتوقظ الروح المصرية فى الجيش ويمتد تأثيرها إلى صفوف الشعب بعد أن بدأت مظاهر التمدن والحداثة فى «القاهرة» و«الإسكندرية» وبعض مدن السواحل.

رابعًا: إن التحول الأخطر فى نظرى قد جاء عندما تراجعت (مبادئ ثورة 1919) بما فيها من ليبرالية وتمسك بالوحدة الوطنية مع مسحة علمانية لم تصطدم مع الدين عمومًا حتى كان يوم (23 يوليو 1952) واندلاع ثورة الجيش التى باركها الشعب وأحدثت نقلة نوعية كبرى فى تكوين الإنسان المصرى ونفخت روحًا جديدة بما لها وبما عليها فأصبح الإنسان المصرى بعد 1952 مختلفًا عنه قبلها حتى جاءت أحداث يناير 2011 ويونيو 2013 لكى تكون تعزيزًا لروح جديدة لا تخلو من سلبيات بالرغم من كل المحاولات الجادة للبناء، ولقد نجح الرئيس «عبدالفتاح السيسى» فى دعم البنيان ولكن بقى عليه أن يبنى الإنسان!.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: المصري اليوم

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بناء الإنسان المصريون نموذجًا بناء الإنسان المصريون نموذجًا



GMT 04:12 2018 الخميس ,06 أيلول / سبتمبر

أنبياء "أورشليم"

GMT 03:51 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

جوائز الدولة

GMT 06:21 2017 الجمعة ,22 كانون الأول / ديسمبر

رحيل جيل

GMT 12:40 2017 الجمعة ,08 كانون الأول / ديسمبر

الحرية والإبداع

GMT 05:39 2017 السبت ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

تجديد النظم وتحديث الدول

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday