صورة المسلمين عند الغرب
أخر الأخبار

صورة المسلمين عند الغرب

 فلسطين اليوم -

صورة المسلمين عند الغرب

بقلم: عمار علي حسن

ليست الصورة المنطبعة فى الذهن الغربى عن العرب والإسلام وليدة السنوات الأخيرة، بل تضرب بجذورها فى عمق تاريخى بعيد، فقد استمر وعى الغرب بصورة العربى الموروثة عن القرون الوسطى يقوم على أسس انفعالية مجبولة على العداء، وهذا الوعى المشوه واصل سيره حتى القرن العشرين، بتعديلات محدودة، ليساهم فى علاقة التبعية بين الدول العربية والغرب، مثلما ساهم فى حركة الاستعمار. وبالطبع فإن هذا التصور العدائى والمتحامل لا يمكن رده إلى الأفراد، بل إلى المنظومة الحضارية الغربية برمتها، فى جوانبها السياسية والاجتماعية والإعلامية.

ويعزى هذا الإدراك المشوه إلى جهل الغرب بالماضى والحاضر العربى، وهنا يقول بشارة خضر، فى كتابه «أوروبا والوطن العربى: القرابة والجوار»، إنه باستثناء بعض الاختصاصيين، الذين تكبدوا عناء تعلم اللغة العربية والسفر مراراً إلى الوطن العربى والبحث عن المعلومات من مصادرها الأولى، فإن الغربيين قلما يعرفون، وبشكل سيئ، واقع الوطن العربى، ولنقل إن شئنا إن هذا الواقع متحرك لدرجة يبدو عصياً على الإدراك. وعدم العودة إلى المصادر، أو تعمد التحيز، جعل وسائل الإعلام هى المنفذ الرئيسى، إن لم يكن الوحيد، فى تشكيل الصورة العربية الإسلامية لدى الذهن الغربى. وهنا نجد أن الإفراط فى الإعلام الحدثى يميل فى الغالب إلى تشويش الأفكار وخلط الأوراق والمسائل وحجب الرهانات. والرأى العام المضلل يلجأ إلى المقولبات والأحكام المسبقة، التى تقوم على تفسير واقع الوطن العربى بالأصولية والعنف والثروة النفطية ومعاداة الغرب والهجرة. فهذه القضايا تساهم فى تكريس الصورة القديمة للشرق فى إدراك الغرب على أنه مقاتل ومتعصب واستبدادى وشره للاستهلاك.

وهناك واقعة مهمة تؤكد أن التصور الغربى، وتحديداً الأمريكى، عن «عدائية» العرب والمسلمين قديم، وليس وليد حادث الحادى عشر من سبتمبر، كما يظن البعض، فالرئيس الأمريكى الأسبق رونالد ريجان ربط قسراً بين الرئيس الليبى المقتول معمر القذافى، والأعمال الإرهابية والحركة الإسلامية الأصولية فى بقاع الأرض عند إعلانه عن بدء العدوان الأمريكى على ليبيا عام 1996، وتكرر الأمر مع العراق قبل غزوها، الأمر الذى كشف عن تصور مسبق خاطئ عن علاقة العرب والأصولية الإسلامية بالإرهاب، رغم أن بعض الجماعات اليهودية والمسيحية المتطرفة وغيرها فى الغرب تمارس عنفاً منظماً ضد المجتمع دون أن تصم الإدارة الأمريكية، وغيرها ما تفعله بأنه «إرهاب».

وبدا هذا التصور يشكل تياراً فى الغرب يؤمن بـ«صدام الحضارات»، حسب تعبير الباحث الأمريكى صمويل هنتنجتون، الذى تحدث عما سماها خطوط التقسيم بين الحضارات، باعتبارها نقاطاً تفجر الصراعات فى المستقبل، وهى تحل فى نظره محل الحدود السياسية والأيديولوجية لحقبة الحرب الباردة، الأمر الذى يعنى حتمية المواجهة بين الحضارتين الإسلامية والغربية، وقد انعكس هذا على العديد من الأدبيات السياسية الغربية، التى راحت تتحدث عن أن الإسلام هو الدين الوحيد الذى استمر فى مواجهة مع الغرب طيلة التاريخ.

لكن ذلك لم يمنع من تفهم بعض عناصر النخب السياسية والفكرية الغربية لطبيعة الدين الإسلامى، ووجود «أوجه متعددة للمسلمين»، على حد ما ذكر واحد من أكثر الباحثين الغربيين تعمقاً فى دراسة ظاهرة الإحياء الإسلامى الحديثة، وكذلك وجود اختلاف بين المسلمين أنفسهم فى التوجهات السياسية والفكرية، وفى نمط علاقتهم بالآخر، وخاصة الغرب، لكن صوت أصحاب هذه الرؤية لا يزال خافتاً مقارنة بالمروجين لفكرة صدام الحضارات، الذين وجدوا مؤسسات تتبنى وجهة نظرهم المغلوطة، فى سبيل تحقيق أهداف سياسية معنية فى المحيط الخارجى، وهو تصور تتصاعد حجيته مع تصاعد إرهاب تقوم به جماعات وتنظيمات ليست بعيدة بأى حال من الأحوال فى نشأتها، وأسباب تمددها واستمرارها عن يد الغرب.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صورة المسلمين عند الغرب صورة المسلمين عند الغرب



GMT 06:00 2018 الجمعة ,14 كانون الأول / ديسمبر

نصف الكوب السياسي الفارغ

GMT 03:48 2018 الجمعة ,22 حزيران / يونيو

آفة أن يُحارَب الفساد باليسار ويُعان باليمين

GMT 05:25 2017 الجمعة ,23 حزيران / يونيو

مصر من الثقافة المدنية إلى الحكم المدنى

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 21:11 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

استطلاع يؤكد رغبة جمهور سنغافورة في استمرار فورمولا1

GMT 00:11 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كيف توسّع المكعبات خيال الطفل؟

GMT 05:25 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أفكار لتوفير المساحة في الشقق عن طريق الأثاث

GMT 21:48 2015 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفلامنكو "الطريق المفتوح" في دار الأوبرا الأحد

GMT 10:22 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جولة لتوعية مزارعي وادي بيضان بطرق الزراعة

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday