صـــفــقــــة الــعـــــدو
آخر تحديث GMT 18:28:05
 فلسطين اليوم -

صـــفــقــــة الــعـــــدو

 فلسطين اليوم -

صـــفــقــــة الــعـــــدو

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

الآن، وقد أعلن البيت الأبيض الأميركي خطته لتسوية الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، ذلك الإعلان الذي جاء تتويجاً لسلسلة من الإجراءات التي أظهرت إدارة دونالد ترامب كطرف منحاز، بل حتى كشريك للاحتلال الإسرائيلي، فيما يخص ملف صراع إسرائيل مع فلسطين، يفترض بأن يكون دوره قد انتهى، ليس كوسيط، ولا كراع للمفاوضات المتوقفة على أي حال بين الطرفين منذ عام 2014، ولكن أيضاً فيما يخص "مبادرته" السياسية هذه، حيث علمتنا التجربة، خاصة تجربة هذا الصراع، الذي لم يكن يثير اهتمام ترامب ولا طاقمه قبل سنوات قليلة - حيث كان مهتماً بسوق العقارات والمصارعة الحرة - بأنه ليس المهم الكلام ولا القرارات ولا الإعلانات ولا المواقف، بل على الأرض ماذا يجري، ثم والأهم هو أن هذا الملف معقد لدرجة لا يمكن حلها هكذا - بفهلوة - أو بجرة قلم ترامبي حتى لو كان محشواً بماء الذهب، وليس بملح البارود.
أولاً وقبل كل شيء، ليست نصوص "الصفقة" وحسب هي التي تشير إلى انحياز البيت الأبيض إلى جانب أحد طرفي الصراع، بل إن كواليس إعدادها، كذلك اللقاءات التي جرت قبل إعلانها، ومجمل حصيلة السنوات الثلاث السابقة بين ترامب ومن يحيط به من رجال تقول بأن البيت الأبيض كان ولا يزال على علاقة منحازة مع اليمين الإسرائيلي، فيما علاقته مقطوعة تماماً مع الجانب الفلسطيني، وهو - أي البيت الأبيض - سبق له وأن اتخذ جملة من القرارات العدائية تجاه القيادة الفلسطينية، وتجاه القضية الفلسطينية والعربية، والإطار العام للمسار السياسي الذي اتبعه ترامب منذ دخل البيت الأبيض، إنما هو عدائي تجاه فلسطين والعرب والمسلمين، ومنحاز تماماً للصهيونية وللاحتلال الإسرائيلي، بل وظهر كما لو كان عضواً في اليمين الاستيطاني المتطرف.
خلاصة القول، هي أن الصفقة ما هي إلا عرض من العدو على الجانب الفلسطيني، لذا فإنه من الطبيعي أن يقبل أو يرفض، فلو قبل، يدخل الطرفان في التفاصيل، أي تنشأ على اثر ذلك مفاوضات، وإن رفض، فما على ترامب وطاقمه، إلا أن يقوما بجمع أوراق العرض وحرقها أو الاحتفاظ بها للتاريخ، أو أن يفعلوا بها ما شاؤوا، فذلك شأنهم ولا علاقة للشعب الفلسطيني به.
ولأن ترامب وطاقمه أغرار سياسيون، بل إنهم لم يقرؤوا كثيراً في تاريخ هذا الصراع، فهم ربما لم يسمعوا من قبل أن أميركا بالذات سبق لها وتقدمت بمبادرات وعروض سياسية لا حصر لها، بدءاً من مبادرة وليام روجرز عام 1970 لوقف النار مدة تسعين يوماً ومن ثم دخول مصر وإسرائيل في مفاوضات لتنفيذ القرار الأممي 242، وصولاً إلى اتفاقية كامب ديفيد بين السادات وبيغين عام 1978، وكلها لم تمر، لأن الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي الوحيد لم يكونا طرفاً بها.
كذلك لا بد من القول، إن "الصفقة" تظل عرضاً، وهي أدنى بكثير مستوى من الاتفاق، مثل اتفاق إعلان المبادئ الذي قبل به الطرفان، بل صنعاه معاً ووقعا عليه في حديقة البيت الأبيض برعاية رئيس أميركي سابق، أكثر نضجاً ومهابة من هذا الرئيس الحالي، لذا فان أبسط رد على العرض الأميركي السياسي، والرد المهذب حتى هو القول له: شكراً، فقط كشفك العرض كمنحاز تام للجانب الآخر، لكن عرضك غير مقبول، هناك ما هو أهم وأقوى وأعلى شأناً ومكانة من العرض الأميركي وهو الاتفاق بين الجانبين، والقرارات الدولية، فأميركا أولاً وأخيراً ليست هي الأمم المتحدة، ولا يمكنها أن تفرض عرضها بالقوة على الجانب الفلسطيني خاصة.
هنا لا بد من لحظ مواقف أركان المجتمع الدولي، ومن الضروري هنا أن لا يفاجأ الشعب الفلسطيني بالتوافق التام بين إسرائيل وأميركا، فالعرض الأميركي إنما هو عرض إسرائيلي، لذا فهو عرض عدو وليس عرض وسيط أو طرف محايد، فالأطراف الدولية الفاعلة والرئيسية، استندت في مواقفها على اعتبار أن العرض الأميركي يلزمه موافقة الطرفين، وان التوصل إلى حل يلزمه مفاوضات ثنائية، وان العرض الأميركي في أحسن أحواله، إنما هو واحدة من المبادرات السياسية الكثيرة المعروضة على طاولة الصراع المركزي في الشرق الأوسط.
الاتحاد الأوروبي أكد التزامه بحل الدولتين القابل للتطبيق عن طريق التفاوض. الخارجية الروسية اعتبرت المقترح الأميركي واحدة من المبادرات، وتابعت بأن واشنطن ليست من يتخذ قرار التسوية، فيما تمسكت الأمم المتحدة بقرارات الشرعية الدولية والاتفاقيات الثنائية حول إقامة دولتي إسرائيل وفلسطين، أما على المستوى الإقليمي فقد رفضت كل من تركيا وإيران العرض الأميركي بشكل حاد وواضح وصريح.
هذا يعني بأن العرض فعلاً ولد ميتاً، ولا أهمية لكل الصخب الذي أراده نتنياهو لتوظيفه في حربه الانتخابية الداخلية، وترامب الذي تخلو جعبته بعد ثلاث سنوات في البيت الأبيض من أي إنجاز سياسي مهم، ومن ثم الطاقم الذي اشتغل كل هذا الوقت على "كلام فارغ"، وظن أنه قد أنجز شيئاً لم يسبق لأحد إنجازه!، لكن العرض في حقيقة الأمر يعني بأن هناك إقراراً من غلاة العدو بحقوق فلسطينية، وان كل أيديولوجيا العام 48 وما قبله قد ذهبت أدراج الرياح، وان الشعب الفلسطيني عنصر مهم في معادلة الشرق الأوسط، تجري محاولة "قضم حقوقه" نعم، بل ومحاولة الالتفاف على دولته الغائبة من خلال إفراغها من مضمونها، لكن حتى حديث مناحيم بيغن عن أن الحد الأعلى الذي يمكن أن يوافق عليه هو الحكم الذاتي قد تم تجاوزه أيضا، وهذا كله جرى بشكل متراكم وحثيث بفعل كفاحات الشعب الفلسطيني المتواصلة، لكن أيضاً، بقدر ما ظهر الشعب الفلسطيني غير قابل للاستسلام، فان غلاة العدو ظهروا غير قابلين بعد بالحل الوسط، على حدود 67، لذا لا بد من فصل كفاحي آخر متعدد الأشكال، ولا يقتصر على الكفاح السياسي والدبلوماسي، يتوحد فيه الشعب الفلسطيني في كل أماكن وجوده، ليس لإفشال صفقة ترامب، فهذا أمر مفروغ منه، بل لفرض الحل المقبول على إسرائيل التي بعد مصرع رابين لم يعد فيها شريك للسلام.

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صـــفــقــــة الــعـــــدو صـــفــقــــة الــعـــــدو



GMT 14:24 2020 الأحد ,09 شباط / فبراير

أنصار اسرائيل في اميركا يهاجمون المسلمين

GMT 17:48 2020 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

أخبار مهمة للقارئ العربي - ٢

GMT 17:48 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

وهذه معرة النعمان

GMT 17:46 2020 الجمعة ,31 كانون الثاني / يناير

ما الذي سيُنَفذ عملياً من «صفقة القرن»؟

GMT 15:32 2020 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

أخبار مهمة من حول العالم

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان

GMT 09:52 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

قناعاتنا الشخصية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday