صفقة عابرة في مرحلة عابرة
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

صفقة عابرة في مرحلة عابرة

 فلسطين اليوم -

صفقة عابرة في مرحلة عابرة

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

انتهت الاحتفالية التي أرادوها مُبهرة وصاخبة وجاء دور الحسابات والموازنات والمفاضلات والمقارنات. حسابات الفرص والتحديات والعقبات، وموازنات القوى والدول المؤيدة والمعارضة والمتحفظة والحذرة، الساكتة عن الحق، والصامتة بالانتظار والخائفة والمتخوفة. وصلنا ووصلت ساعة قياس وقع الصدمة ومرور الأفعال الأولية، وشرعت عجلة القرارات الدولية بالدوران الفعلي.

بسرعة قياسية تم استبدال التاريخ بالخرافة، وامتزجت الأسطورة بأطماع التوسع والسطو والنهب، في نسخة عشوائية من التزوير الساذج. صورة سوريالية لذوبان التفوق العسكري والاقتصادي والعلمي في طيّات غيبيات ثيوقراطية مُبهمة ومضحكة. إنها صورة استحضار الماضي اللامعقول من أجل مستقبل مستحيل وحاضر مؤقت. انتهت هذه المسرحية التي بدا فيها الرئيس الأميركي

كقاضي قضاة الأرض، وبدا فيها نتنياهو كمدير الكرنفال، في حين ان الثلاثي كوشنير وفريدمان وغرينبلات مثلوا دور الصدّاحين الظرفاء.
راحت السكرة وجاء دور الفكرة!
دعونا نبدأ بالنتائج الأولية فقط.

على المستوى الوطني الفلسطيني توحدت القيادة الشرعية مع جموع الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع والقدس في مشهد لم نره منذ سنوات وسنوات، وهبّت كل الفصائل من كل لون وطيف تطالب بالوحدة الميدانية لمجابهة الخطر القادم، وارتفعت أصوات المطالبة بإنهاء الانقسام فوراً. بسرعة قياسية يتم الإعداد لزيارة القطاع، ويتم التحضير لذهاب الرئيس إلى هناك، ويعلن إسماعيل هنية أنه

سيعود على الفور إذا تأكدت زيارة الرئيس، ويبدأ الجرح الفلسطيني بالالتئام السريع. أما في الشتات، فيهب ملايين الفلسطينيين لتبية نداء الوحدة مع الأرض المحتلة، وينهض الأهل في الداخل ويرفعون شعار إسقاط صفقة القرن كشعار أساس للانتخابات الاسرائيلية في الشهر القادم. لم نعثر حتى تاريخه على صوت نشاز واحد من بين اكثر من ثلاثة عشر مليون فلسطيني من هو مستعد للتعاطي مع

هذه الصفقة «العبقرية» ناهيكم عن الاستعداد لقبولها. وكان هذا العنوان هو الاختراق الأول للصفقة. أما عربياً، فقد جاء بيان وزراء الخارجية العرب ليسدد لهذه الصفقة الصفعة التي لم تخطر ببال ترامب ولا نتنياهو، وحمل البيان في تبنيه الكامل للموقف الفلسطيني كل معاني الشعور بالخذلان وخيبة الأمل والمهانة السياسية بكل ما في الكلمة من معنى لأهل الصفقة وأصحابها. والحقيقة أن

الجامعة العربية منذ عقود لم تجمع كما أجمعت أول من أمس، على رفض الصفقة، ولم تتخذ من المواقف القوية كما اتخذت من عدم الاستعداد للتعامل معها. وبذلك حققت القيادة الشرعية لنفسها وشعبها وقضيتها انتصاراً كانت تحتاجه اكثر من أي وقت مضى لأنه (هذا الانتصار) سيكون مفتاحاً سندخل من خلاله الى مؤتمر التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي ودول عدم الانحياز والأمم المتحدة

وللدخول لاحقاً الى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الروسي والصين الشعبية، ومع الكثير الكثير من الدول الإقليمية والمحورية والصاعدة، ومع العشرات من دول العالم. وكان هذا العنوان هو الاختراق الثاني الكبير للصفقة. وأما الاختراق الثالث فهو خروج عشرات الألوف في عواصم العالم العربي للتنديد بالصفقة وامتداد تظاهرات التنديد بها الى الكثير من دول العالم على الرغم من أننا على بعد أسبوع واحد

من إعلان الصفقة ومفاعيلها على مستوى المجتمع المدني العالمي الذي ما زال في بدايته الأولية المبكرة. أميركياً، لم يجد الرئيس ترامب من يُعتد به من المهللين والمطبلين والمتحمسين لصفقته الفريدة، بل على العكس فإن الأصوات العالية في الولايات المتحدة هي الأصوات المنددة والمستنكرة والتي تحذر من كارثية ما أقدم عليه، وبدأنا نسمع عن خطورة هذه الصفقة على مصالح الولايات المتحدة

ودورها ومكانتها بل وخطورة هذا الانحياز الأعمى لإسرائيل اليمينية على أمن إسرائيل الحقيقي والذي تحتاجه فعلا للتعايش والسلم وليس للحرب والعدوان. وأما في إسرائيل نفسها فقد بدأت أصوات العقلانية السياسية بالتعبير عن مخاوفها من ان يتم جرّ المجتمع الإسرائيلي الى صراع مفتوح لعشرات السنين القادمة دون طائل ولا جدوى، بل وبدأت بعض الأصوات تطالب وتؤكد استحالة نجاح هذه

الصفقة، واستحالة أن تشكل حلا ناجعا للأمن الإسرائيلي. وواضح منذ الآن ان هذه الأصوات ستنتهي الى المطالبة المباشرة بمواجهة حقيقة هذا الصراع واستحالة إنهائه دون الاعتراف بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني. فإذا كانت هذه هي النتائج السريعة الأولى للصفقة بعد أسبوع واحد من احتفاليتها الصاخبة في البيت الأبيض، وإذا كانت مفاعيل هذه الصفقة ما زالت برسم قيام حلف وطني إقليمي

ودولي شامل يطالب بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني فهل من أمل حقيقي للرئيس ترامب وجوقته وصديقه الحميم نتنياهو في إيجاد دولة واحدة او منظمة واحدة او قوة إقليمية واحدة او حتى مؤسسة دولية واحدة مستعدة للذهاب معهما الى أبعد من مجاملات فارغة نعرف حقيقتها وأسبابها؟

صحيح أننا نعاني من أزمات كبيرة على مستوى وحدة الموقف والمؤسسة الوطنية، وصحيح أن الأداء الفلسطيني يعاني من ثغرات كبيرة، وصحيح أن الفكر السياسي الفلسطيني ما زال يراوح في محيط مرحلة انتهت ولم يتقدم للدخول الآمن إلى المرحلة الجديدة، وصحيح أن نظامنا السياسي متعثر وعلاقاتنا الوطنية ما زالت دون الأسس الديمقراطية المطلوبة، لكن فلسطين تبدو، اليوم، كحقيقة سياسية

في هذا العالم ساطعة وقوية وشجاعة وقادرة وهو ما يعني ان الصفقة عابرة في مرحلة عابرة.

قديهمك أيضا :   

عندما يتقمّص ترامب دور الفهلوي والكومبارس

   في دلالات خطة ترامب

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صفقة عابرة في مرحلة عابرة صفقة عابرة في مرحلة عابرة



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 17:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الجوزاء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 10:19 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

الأحداث المشجعة تدفعك إلى الأمام وتنسيك الماضي

GMT 16:13 2014 الأربعاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الدكتورة أميرة الهندي تؤكد استحواذ إسرائيل على ثلث المرضى

GMT 22:32 2016 الثلاثاء ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

عروض فنية للأطفال في افتتاح مسرح "متروبول"

GMT 06:02 2019 الخميس ,25 إبريل / نيسان

تألق سويفت ولارسون وكلارك وصلاح في حفل "تايم"

GMT 14:01 2020 الخميس ,06 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 09:04 2019 الثلاثاء ,01 كانون الثاني / يناير

سكارليت جوهانسون تُوضِّح أنّ وقف تقنية "deepfake" قضية خاسرة

GMT 06:31 2018 الإثنين ,17 كانون الأول / ديسمبر

خبراء يكشفون عن أسوأ 25 كلمة مرور تم استعمالها خلال عام 2018

GMT 15:38 2018 الجمعة ,07 كانون الأول / ديسمبر

أحمد أحمد يتوجّه إلى فرنسا في زيارة تستغرق 3 أيام

GMT 09:02 2018 الجمعة ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

"إسبانيا" الوجهة المثالية لقضاء شهر عسل مميز
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday