أفكار للمناقشة
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

أفكار للمناقشة

 فلسطين اليوم -

أفكار للمناقشة

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

مقالي هذا ليس رداً على مقال الدكتور سلام فياض، وإنما هو محاولة لإغناء النقاش حول الأفكار القيّمة والمسؤولة التي تضمنها المقال.
يسرد  فياض بصورة متماسكة ومُقنعة العلاقة التي تحولت في الواقع السياسي الفلسطيني إلى علاقة صميمية بين برنامج المنظمة في عام 1988 وبين الانتفاضة الوطنية الكبرى في عام 1987، ثم مؤتمر مدريد واتفاقيات أوسلو التي غيرت مسار الالتفاف الجماهيري حول المنظمة.

وينطلق الدكتور فياض من واقع الفشل أو الإفشال لإمكانية قيام دولة فلسطينية على مدار أكثر من ثلاثين عاماً من المحاولات التي تلت الانتفاضة الوطنية، ومن انطلاق برنامج عام 1988، ليخلص إلى ضرورة المزاوجة بين خيارَي: الدولة الديمقراطية على كامل فلسطين التاريخية، «وبما يكفل دستورها المساواة التامة لسائر مواطنيها، ودونما أي تمييز بينهم على أي أساس كان»، وبين خيار دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران بإقرار واعتراف إسرائيلي وفق قرارات الشرعية الدولية بما في ذلك حق العودة (194)، والحق في تقرير المصير.

لا يرى الدكتور فياض ضرورة لحسم الأمور [في هذه المرحلة] باتجاه خيارٍ بعينه، ويرى أن بالإمكان تجاوز ذلك مؤقتاً، وإلى حين نضج وإنضاج الظروف لحسم الخيار الأفضل، وان كل فصائل العمل الوطني مطالبة بالانخراط في منظمة التحرير الفلسطينية بعد أن يتم إصلاحها وتمهيد الطريق لدخول الكل الوطني فيها، وبالتالي يصبح العمل الوطني الموحّد ضد «الضم» وضد المشروع الصهيوني لفرض الحل الذي يكرس تصفية أهدافنا وحقوقنا الوطنية.

باختصار، فإنه يمكن للفلسطينيين التوافق على هذه المزاوجة إلى حين اتضاح الأمور لاحقاً، ويمكنهم أن يعيدوا وحدتهم للتصدي للأخطار المحدقة بهم دون حسم الخيار من هذه اللحظة، وبكفاح وطني لا هوادة فيه، هذا ما فهمته ملخصاً في مقال الدكتور فياض.

لا يمكن إنكار واقع ما قامت به إسرائيل لمنع قيام دولة فلسطينية، وصعوبة أن يكون «حل الدولتين» مطروحاً وكأنّ شيئاً لم يكن.
نعرف جميعاً أن هذا الحل قد تناقصت فرصه، وكثرت العراقيل أمامه، وتكرّست في الولايات المتحدة إدارة أميركية أصبحت جاهزة للانقضاض عليه، وتحويله إلى حل كاريكاتوري مبهم، يعطي لإسرائيل مكانة «قانونية» تاريخية جديدة للتحكم في كل مفصل من مفاصل هذا الحل.
ومع مشروع «الضمّ» الإسرائيلي يتحول هذا «الحلّ» إلى ما يشبه الطوباوية السياسية.

قبل عدة سنوات كان لمجموعة من الكتّاب والنشطاء الفلسطينيين جلسة مع السيد أبراهام بورغ قال فيها: أيها الأصدقاء، الواقع الإسرائيلي يقول Game Over لـ «حل الدولتين»، أما الواقع الإقليمي والدولي فلا يقوى على صد السياسة الإسرائيلية.

أقصد أن مقاربة الدكتور فياض لا تأتي من فراغ، وأن ثمة ما يبرر ضرورة تحضير الشعب الفلسطيني لنفسه باتجاه خيارات أخرى وأساساً نحو خيار الدولة الواحدة.
تكمن المشكلة هنا في أن «حلّ» الدولة الواحدة، مهما كانت ديمقراطية هو حل طوباوي بامتياز، وذلك بالنظر إلى الواقع الذي أدى إلى فشل أو إفشال الدولة الفلسطينية من خلال «حل الدولتين».

وما أراه هنا هو «حل الدولة الواحدة» بكل المقاييس التي تعتمد على الواقع القائم، وعلى نفس هذا الواقع في المدى المنظور ليس سوى فرصة لإسرائيل لتكريس «حكم ذاتي» منقوص ومقيّد ومحاصر، يستحيل تحوله إلى دولة مستقلة، وخصوصاً، إذا أقدمت إسرائيل على «الضمّ»، وإذا ما نالت على موافقة ومصادقة إدارة الرئيس ترامب عليه.

عندما نطرح «الدولة الواحدة» [الديمقراطية مستقبلاً] فهذا يعني أن إسرائيل أصبحت في وضع «يمكّنها» من الإيغال في مصادرة الأرض، ومحاصرة السكان، وحرمانهم من كل حقوقهم، وتحويل حياتهم إلى جحيم يسهل من خلاله ممارسة «الترانسفير» ضدهم في كل لحظة مناسبة تختارها إسرائيل.

لا يجوز ـ كما أرى ـ أن يكون «حلّ» «الدولة الواحدة» هدفاً في ظل معرفتنا للواقع القائم، ولهذا الواقع في المديات المنظورة. يمكن أن يكون مسار تطور الأحداث من الزاوية الموضوعية هو الذهاب القسري وبصورة مباشرة إلى «دويلات» فلسطينية، بقيادات «فلسطينية» تقبل بهذا «الواقع الجديد» الذي ستحاول أن تكرسه إسرائيل.
أقصد أن لا علاقة سببية موضوعية بين فشل حل الدولة المستقلة وبين التطور الموضوعي والحتمي إلى «حل الدولة الواحدة».

قد يتحول «حل الدولة الواحدة» إلى نتيجة.. ولكن هذه مجرد إمكانية من بين إمكانيات أخرى، ولهذا لا يمكن أن تكون هدفاً نعمل له ونسعى إليه، لأنه ببساطة هو واقع قائم في حالة إنهاء السلطة الوطنية، وهو واقع قائم بحكم أن السلطة الوطنية القائمة ليس لها أي ولاية فعلية على الأرض، وبالتالي فإن نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال وضد الاستيطان، وضد السلخ والاستيلاء (الضمّ)، وضد هدم البيوت والسطو على الموارد  والثروات سيستمر من خلال عملية كفاحية تطول أو تقصر يكون عنوانها التمسك بالحقوق والصمود على الأرض.

إذاً، التمسك بـ «حل الدولتين» أمامه فرصة سياسية أكبر من فرصة «الدولة الواحدة»، لأنه موضع توافق دولي وإقليمي إلى حد كبير أصبح موضع إجماع فلسطيني.
الواقع يقول إن هذا الحلّ لم يعد متاحاً أو يكاد.

هنا يطرح السؤال الجوهري: إذا كان «حل الدولتين» قد «تجاوزه» الواقع، وإذا كان «حل الدولة الواحدة» ليس هدفاً بحد ذاته، فما هو الحلّ إذاً؟
ما هو البرنامج الذي يمكن أن يحلّ محل «حل الدولتين»، ويكون له أساس قانوني في الشرعية الدولية، ويمكن أن يشكل مساراً جديداً يستجيب لفشل «حل الدولتين» أو إفشاله؟، وأن يكون متفهماً من الشعب الفلسطيني أولاً، ومن المجتمع الدولي بما في ذلك المجتمع الإقليمي؟
الحلّ الأمثل كما أرى هو العودة إلى قرار التقسيم. لماذا؟

أولاً: لأن هذا القرار يمكن أن يحلّ بصورة عملية ومقبولة قرار حق العودة إلى الدولة الفلسطينية بحدود هذا القرار.
ثانياً: هذا القرار يمكن أن يكون الحل المناسب الوحيد لقضية القدس. وهنا نحن أمام إمكانية اعتماد نص القرار حول الوضع الخاص للمدينة، أو أن يتم فعلاً تحويلها إلى عاصمتين لدولتين على أن تكون المنطقة الدينية (داخل الأسوار) هي التي يكون لها الوضع الخاص.

ثالثاً: إذا تضمن القرار الجديد للتقسيم كقرار معدل فإن قضية الأمن التي تتذرّع بها إسرائيل دائماً ستكون محلولة ومتوفرة على أساس العلاقة الفيدرالية أو الكونفدرالية بين الكيانين أو الدولتين.

رابعاً: يتضمن قرار التقسيم حدوداً واضحة وتقاسماً للأرض والموارد محدداً وملموساً، ولا نصبح بحاجة إلى أي تفاوض سوى على مستقبل العلاقات بين هذين الكيانين طالما سنكون قد «اتفقنا» على الحدود والقدس وحق العودة والموارد والعلاقات الثنائية.

أنصار الشريعة اليهودية، وأنصار الشريعة الإسلامية سيمانعون هذا الحل، والمتطرفون على الجانبين من خارج إطار أنصار الشريعتين سيعترضون على هذا الحل، هذا كله صحيح. لكن هؤلاء موجودون في إسرائيل منذ أكثر من سبعين عاماً، وموجودون عندنا بتاريخ أقل أو أكثر، ولا ضير في ذلك إذا كانت اعتراضاتهم ومعارضتهم دستورية وفي إطار ما يسمح به القانون.
المجتمع الإسرائيلي ـ كما أرى ـ سيفكر في الأمر مليّاً، خصوصاً وأن قرار التقسيم يخلصهم من هاجس حق العودة ومن هاجس الأمن، والمجتمع الدولي سيتفهم هذا الأمر باعتباره الحلّ التاريخي او المساومة التاريخية.

أما المجتمع الفلسطيني فلن يكون معارضاً لهكذا حل لأنه وافق على إقامة دولة فلسطينية على 22% من أرض فلسطين التاريخية.
ما أقوله: لماذا لا نذهب باتجاه البحث عن مقاربات من هذا النوع؟

قد يهمك ايضا : 

  «كورونا» تضرب فلسطين في مفاصلها السياسية، أيضاً

لقاء «فتح» و«حماس»: إيجابيات كبيرة ونواقص خطيرة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أفكار للمناقشة أفكار للمناقشة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday