مخاض عسير للحكومة اللبنانية
آخر تحديث GMT 19:08:29
 فلسطين اليوم -

مخاض عسير للحكومة اللبنانية

 فلسطين اليوم -

مخاض عسير للحكومة اللبنانية

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

من الجنرال هنري غورو إلى الجنرال بول بينيه، مرّ على لبنان خلال فترة الانتداب الفرنسي 12 مفوضاً سامياً حكموا لبنان وسورية بين العامين 1919 و 1946،
كلهم فرنسيون. غير أنه في ذكرى 13 تشرين أحيا باسيل لقب المفوض السامي مجدداً، ولكنه هذه المرة كان من نصيب لبناني، حيث اتهم باسيل، سعد الحريري بأنه يتصرف كمفوض فرنسي سامٍ يشرف على التزام الكتل النيابية بالمبادرة الفرنسية.

وواصل باسيل هجومه على الحريري بقوله إن من يريد ترؤس حكومة اختصاصيين (تكنوقراط) يجب أن يكون هو الاختصاصي الأول، أو أن يتنحى لاختصاصي آخر. وذلك في رد باسيل على طرح الحريري نفسه لترؤس حكومة تكنوقراط، وهو السياسي الأول.

لذلك، لم يبدُ إرجاء رئيس الجمهورية ميشال عون، الاستشارات النيابية لتكليف رئيس وزراء جديد إلى يوم الخميس القادم، مفاجئاً.
وبدا أن «حرد» رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل من سعد الحريري الذي لم يزره او يتّصل به أسوة برئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، عقب اطلاقه مبادرته الحكومية، هو السبب الرئيسي لتأجيل الاستشارات، كون كل المبررات التي سوّقها القصر الجمهوري، لم تقنع أحداً.

وفق مصادر مطلعة فإن «التيار الوطني الحر» لن يقبل مهما كان حجم الضغوطات ان يقبل بعزله، هو يرغب بتظهير عملية العزل للحصول على تعاطف داخل الرأي العام المسيحي، لكن في المقابل، لا يرغب بالبقاء خارج الصورة كلياً،

وسيعمل بشكل واضح على إظهار نفسه قوة سياسية قادرة على التعطيل، لمنع اي تجاوز وفرض على القوى السياسية العودة الى التفاهم معها، حتى لو أغضب باريس ثمناً لذلك.
فقرار «دفش» الاستشارات النيابية أسبوعاً كاملاً إلى الأمام بناءً على «فرمان رئاسي» مصدره القصر الجمهوري خلّف أضراراً وعلى أكثر من صعيد. بداية عند الفرنسيين الذين شعروا بطعنة إضافية، وخصوصاً أنها

الضربة السياسية المباشرة الثانية التي تتلقاها المبادرة الفرنسية في أقل من شهر، وأصبح الطرف الذي فوّض نفسه مهمة إنقاذها – سعد الحريري - يحتاج إلى من ينقذه! فالحريري الذي هيأ نفسه وفريقه لتكليف سريع، ليكتشف أن خلافه مع باسيل أكبر من أن يحل تحت وقع ضغط المهل الفرنسية.

في الحقيقة، اتضحَ أن التعقيد هذه المرة جاء بخلفيات داخلية بعكس الحالة السابقة التي اتسمت بتوافر أكثر من عنصر خارجي. وتعود أسباب التعقيد إلى الخلاف المستحكم بين سعد الحريري وجبران باسيل، وكانت نتيجته تبادل خدمات «التفشيل» من كلا الجانبين.

وما هو محسوم، انّ عون مقتنع بصوابية صهره باسيل، الذي اعترض على تجاهل الحريري لموقعه التمثيلي في التوازنات الداخلية، وعدم مبادرته الى زيارته او الاتصال به، كرئيس لأكبر تكتل نيابي عموماً ومسيحي خصوصاً، بينما تجاوز رئيس تيار «المستقبل» المواقف الحادة التي اتخذها ضدّه وليد جنبلاط، وبادر إلى الاتصال به، مبدياً التجاوب مع مطالبه الوزارية، لكسب أصوات كتلته النيابية في الاستشارات.

وابعد من الجانب المتصل بالنزاع بين الحريري وباسيل، تلفت أوساط التيار الى انّ احد الأسباب الجوهرية التي دفعت عون الى تأجيل الاستشارات، هو انّ نتائجها كانت ستفتقر الى عصب الميثاقية المسيحية، وسط رفض كل من تكتل لبنان القوي « باسيل» وكتلة الجمهورية القوية «جعجع» تسمية الحريري، بمعزل عن انّ الرجل كان سينال عددياً اكثرية كافية لتكليفه بتشكيل الحكومة.

لقد شعر عون وباسيل انّ الحريري سيكتفي بالتفاهم مع الثنائي الشيعي وجنبلاط ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية وبعض الكتل الصغيرة، لانتزاع التكليف، من دون الأخذ في الحسبان طروحات الرئاسة والتيار وطريقة مقاربتهما لشروط التسمية والتأليف. ولم يتقبّل عون وباسيل فكرة ان يتولّى رئيس تيار المستقبل، السياسي الكبير، رئاسة حكومة اختصاصيين، وهما يضعان هذا الطرح في سياق التحايل على المبادرة الفرنسية.

وهناك في أوساط التيار من يعتبر انّ الحريري يبتز الآخرين سياسياً، على قاعدة انّه المرشح الوحيد لرئاسة الحكومة في ظروف اقتصادية واجتماعية شديدة الصعوبة، ولا تتحمّل المزيد من التفريط بالوقت، مفترضاً انّ هذا الوضع الدقيق لن يعطي عون وباسيل اي هامش للمناورة او لرفع سقف التفاوض. ولكن باسيل يريد أن يوصل رسالة للحريري، بأننا لم نفقد بعد زمام المبادرة، وأن معادلة «الحريري- باسيل» داخل الحكومة باقية.

ويجري التعويل هنا على إمكانية فتح قناة اتصال بين الحريري وباسيل، برعاية فرنسية، على صعوبتها حيث لا يخفي «المستقبل» والحلقة السياسية الضيقة في الماكينة السنية ان اي تنازل من زعيمها سيؤثر سلباً عليه على أساس الاتهامات التي تطارده الى اليوم أنه قدم الكثير من التنازلات أمام العونيين، والخدمات لباسيل الذي كان اللاعب الأول في الحكومات التي ولدت في عهد عون. واي لقاء يجمع الطرفين قبل موعد الاستشارات يراه الكثيرون من السنة بأنه تنازل من الحريري.

إلى هذا الجانب، لا يمكن إعفاء «الغيوم الخلافية» التي تلبدت في سماء الثنائي – بعبدا نتيجة لخيار الأخير المضي في تشكيلة الوفد المكلف إدارة التفاوض غير المباشر مع إسرائيل حول الترسيم من دون تعديل، والذي استدعى أن يصدر الثنائي الشيعي بياناً يطالب بإعادة النظر في تركيبة الوفد المفاوض.

وعلى كل حال، فلا شيء يضمن أن الثنائي الشيعي – الذي يزكي الحريري لرئاسة الحكومة، سيفرش درب التأليف بعد التكليف، بالورود، بل على العكس. فقد بدأ يجري الحديث عن إعادة نظر في بنود الورقة الفرنسية والإصلاحات التي تتطلبّها، ما يجعل من الصعب التنبؤ بمسار الأمور خلال الأيام القادمة.

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مخاض عسير للحكومة اللبنانية مخاض عسير للحكومة اللبنانية



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday