التأقلم مع الحجر المنزلي
آخر تحديث GMT 19:08:29
 فلسطين اليوم -

التأقلم مع الحجر المنزلي

 فلسطين اليوم -

التأقلم مع الحجر المنزلي

عبد الغني سلامة
بقلم : عبد الغني سلامة

مع استمرارية حالة الحجر المنزلي المفروضة على أغلب دول العالم، ومع طول فترتها، واحتمالية تمديدها لأمد غير معلوم، بدأ الأهالي يعربون عن مخاوفهم، وشعورهم بالسأم، وأخذت تظهر شواهد سلبية وخطيرة، على نفسياتهم، وسلوكهم الاجتماعي. الزميلة د. نبال خليل، كتبت عن هذا الموضوع، ونبهت كأخصائية اجتماعية إلى مخاطر كثيرة محتملة، قد تغير شكل الحياة، وأنماط المعيشة، وقد تطال قيما وعادات ومفاهيم اجتماعية.

على الصعيد النفسي، بسبب الوحدة والعزلة الذاتية ستنتشر بين الناس حالات قلق، واكتئاب، وخوف من الحجر نفسه، أو من الإصابة بالمرض، وحتى خوف من المستقبل. وهذا قد يؤدي لاحقا إلى اضطرابات نفسية، وشعور بالضيق، ستنعكس سلبيا على الآخرين، وستفاقم من العنف الأسري، وتزيد من حالات الطلاق، وقد تنجم عنها حالات اكتئاب حادة، أو حتى انتحار.

لذا توصي الأخصائية الاجتماعية بضرورة التنفيس عن مشاعر الغضب، والعصبية، والاحتقان، لأن المشاعر مرتبطة مع الحالة النفسية، ومحاولة توجيه المشاعر السلبية الى مساحة متخيلة متفائلة، لما ستؤول إليه الأمور من الناحية الجمالية. ويمكن للرياضة الروحية، والتأمل، والصلاة والدعاء أن تساعد في هذا الاتجاه؛ حيث إنها تمنح السكينة والطمأنينة.

وتحذر نبال من احتمالية إهمال البعض لصحته، خاصة مع قلة الحركة، لا سيما وأن بيوتا كثيرة تتعذر فيها ممارسة الرياضة، وخطورة ذلك تتمثل في الاستسلام للمشاعر السلبية، وبالتالي إضعاف جهاز المناعة، ما يعني ضعف إمكانية مواجهة المرض. وتضيف: على الصعيد الاجتماعي، ونتيجة الحشر في المنزل فترة طويلة، ومع انتشار طاقة سلبية في أجواء البيت، ستنشب الخلافات داخل الأسرة، بين الأولاد، وبين الزوجين، وعلى أتفه الأسباب، وقد تنتقل تلك المشاعر المأزومة إلى المحيط الضيق للفرد، وهذا ربما يولد مشاعر مختلفة ومتضاربة تجاه الناس والمجتمع، قد تستمر حتى بعد الانتهاء من الأزمة.

ومن الطبيعي أن الأفراد مختلفون فيما بينهم من ناحية تأثرهم، وتفاعلهم، ومدى وصولهم لهذه النتائج، فهناك أناس محصنون نفسيا واجتماعيا وثقافيا، ولديهم قدرة أكبر (جسديا ونفسيا) على التأقلم مع الحجر وتداعياته. لتلافي الآثار السلبية للحجر المنزلي، وللتخلص من حالة الخوف والهلع تنصح الدكتورة نبال، بممارسة تمارين التنفس العميق عدة مرات يوميا، بتوازن واسترخاء.. ولتخفيف حالة القلق تنصح بتدريب العقل الداخلي على تقبل فكرة الحجر، والاقتناع بأهميته، والتذكر بأنك محصن داخل بيتك، وفي منأى عن الخطر، والإدراك أن الوضع الراهن هو وضع مؤقت، ووضع شمولي، وغير مقتصر على فئة أو دولة معينة، وتذكير نفسك كل يوم بذلك، ومحاولة استثمار وقت الفراغ المتاح.

ولتجنب الوصول إلى حالات الاكتئاب، تنصح بالنهوض مبكرا، والنوم ساعات كافية، والإكثار من شرب الماء، والقيام بأي جهد بدني أو نشاط رياضي بالتدريج، وترى أيضا أن الاستحمام بماء ساخن، وارتداء ملابس مريحة، وتبديل ملابس النوم، والاهتمام بالأناقة الشخصية، وفتح النوافذ، والخروج أمام البيت أو الجلوس في «البلكونة»، واستنشاق هواء نقي.. كلها أمور تساعد في تحسين النفسية والمزاج.

كما تنصح باسترجاع كافة الهوايات التي لم يكن ضيق الوقت يسمح بممارستها، مثل القراءة، الكتابة، الرسم، التطريز...الخ، وتوصي أيضا بالابتعاد عن ملاحقة أخبار «كورونا»، إذ تكفي مرة واحدة في اليوم، والأهم عدم تصديق كل ما يُنشر، خاصة الشائعات.. وكذلك عدم الانعزال في غرفة النوم مقابل «السوشال ميديا»، والحرص على مشاركة أفكارك وقلقك وهمومك مع أقرب الناس لديك.

وتوصي أيضا بالاستماع لأفراد الأسرة يوميا، والثناء عليهم، وتشجيعهم، ومشاركتهم قلقهم، وعدم إفساح الفرصة لهم بالانعزال والإقصاء داخل غرفهم، بل توزيع الأدوار عليهم في واجبات المنزل وإعداد الطعام.. وممارسة الألعاب الجماعية التنافسية، أو مشاهدة الأفلام، والاستماع للموسيقى، أو تصليح أشياء قديمة. ومع أهمية هذه النصائح والإرشادات؛ إلا أنّ المجتمعات الإنسانية لديها وسائل عديدة أخرى في التأقلم مع الكوارث والمحن والأزمات، فقد خبرت كافة المجتمعات الإنسانية، على مر التاريخ، كوارث بيئية مدمرة، وأوبئة خطيرة، وحروبا وأزمات اقتصادية.. مع أنها كانت تدفع أثمانا باهظة، وتقدم تضحيات جسيمة، لكنها كانت تنجح كل مرة في الخروج والتعافي.. واستئناف الحياة من جديد.

في أزمة «كورونا» الحالية، وجدنا مثلا وسائل عديدة في التأقلم؛ مثل الغناء الجماعي من فوق أسطح البيوت، ومن الشرفات.. ظهور أغان شعبية فكاهية تحاكي الأزمة، أو السخرية منها من خلال النكات، والتعليقات اللاذعة، والفيديوهات المركبة، ونشر الصور على وسائل التواصل الاجتماعي.. هذه كلها ظواهر قديمة ومعروفة للتحايل على الأزمات، وهزيمتها.. وطبعا إلى جانب حملات التطوع، والمبادرات الاجتماعية الخلاقة، وتعاون الجيران، والتبرع...

مع ضرورة إتباع الإرشادات الصحية، والتقيد بالتعليمات الحكومية، من المهم جدا عدم الوصول إلى حالة من الذعر والخوف.. فالخوف يضعف قدرة الجسم على المقاومة من ناحية، ومن ناحية أخرى، فإن نشر حالة الخوف الجماعي هو الهدف الذي تسعى إليه بعض القوى الشريرة في العالم، حيث هناك تضخيم ومبالغة في الضخ الإعلامي المتعلق بـ»كورونا»، وهذا ليس بريئا تماما، فمن خلال نشر الرعب الجماعي يمكن للحكومات فرض سيطرتها، وتمرير ما كان متعذرا عليها تمريره سابقا، ويمكن للشركات الربحية تحقيق أرباح لم تكن تحلم بها، من خلال بيع منتجات وهمية، مستغلة حالة الخوف الغريزي.. والمنتجات المتعلقة بتداعيات الخوف أكثر مما نتصور، إذ إن كثيرا منها غير واضحة الآن، لأن علاقتها بالخوف غير مباشرة.
وتمنياتي بالسلامة للجميع.

قد يهمك أيضا : 

 الإذعان للسلطة

  ملاحظات حول المعتزلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التأقلم مع الحجر المنزلي التأقلم مع الحجر المنزلي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday