عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية
آخر تحديث GMT 18:14:58
 فلسطين اليوم -

عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية

 فلسطين اليوم -

عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

الخطوة التي أقدمت عليها ألمانيا يوم الخميس الماضي، وتمثلت بتقديم طلب رسمي للانضمام بصفة صديق للمحكمة الجنائية الدولية، تقدم نموذجاً إضافياً لمدى عمق، وخطورة أبعاد المخطط الصهيوني، وصلته الوثيقة بالاستعمار العالمي. انضمام ألمانيا في هذا التوقيت بالذات، ينطوي على سياسة ممالئة للحلف الأميركي الإسرائيلي وما يسمى صفقة القرن، الطلب الألماني تضمن موقفا يعتبر ان المحكمة الجنائية لا تملك الشرعية او الأهلية للبت في جرائم الحرب الاسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، أو ترسيم حدود هذه المناطق. لحقت بألمانيا دولة التشيك، وثمة توقعات تشير الى أن النمسا، ودولا أخرى قد تلحق قريبا بالإجراء والموقف الألماني.

هذا يعني ان الرأسمالية الاستعمارية، تدخل بقوة على خط الصراع، ان لم يكن من باب الموافقة الصريحة والحقيقية على المخطط الأميركي الإسرائيلي المسمى صفقة القرن، فمن باب مواجهة النضال الفلسطيني، ومنع الفلسطينيين من محاكمة الإسرائيليين على جرائم حرب ارتكبوها. هي موافقة ضمنية، على ان ما تقوم به إسرائيل بحق الفلسطينيين، يعود الى حقها في الدفاع عن نفسها، وفي الوقت ذاته، فإن ذلك يعني الانحياز للرواية الاسرائيلية في كل ما يتعلق بالصراع بما في ذلك اعتبار الأراضي المحتلة العام 1967 أراضي متنازعا عليها.

المسألة هنا لا تتصل فقط بالضغط الذي يمارسه الحلف الأميركي الإسرائيلي على الجنائية الدولية، وعلى الدولة الرأسمالية، وإنما أيضاً بطبيعة السياسات، التي تستند الى دوافع استعمارية، تقف وراء المخطط الصهيوني الأساسي، وأهدافه. الفارق بين سياسة الولايات المتحدة، التي توافق وتدعم السياسة الاسرائيلية، الرامية لمصادرة الحقوق الفلسطينية بالكامل وتنفيذ المخططات الصهيونية التوسعية، وبين من يرى بأن الأفضل لحماية إسرائيل، وتحقيق أهدافها يرتبط بإقامة دولة فلسطينية، ان امكن ذلك، وبموافقة الفلسطينيين.

أي ان كل الدول الرأسمالية الاستعمارية تتبنى سياسات تدعم إسرائيل، وتساعد على حمايتها وتفوقها وتوسعها لكن الخلاف يكمن في كيفية ضمان ذلك، هذا الخلاف المحدود يختفي عمليا حين تكون الظروف مواتية، لتحقيق أهداف المشروع الصهيوني، دون تهديد حقيقي لمصالح هذه الدول، كما يبدو عليه الحال في هذه المرحلة. ليس للفلسطينيين في ضوء أوضاع دولية كالتي يمر بها المجتمع الدولي ان يراهنوا على تدخل عوامل قوية، يمكن ان تغير مسار ما يسمى صفقة القرن، أو يرغم القائمين عليها، بإدخال تعديلات جوهرية تتناقض والرغبة الجامحة لتحقيق تحول جذري في الصراع.

الدعوة الروسية، لعقد اجتماع للرباعية الدولية، مجرد هراء، اذ لا تقوى روسيا على إرغام الأطراف الأخرى على تلبية مثل هذه الدعوة، وإن حصل ذلك، فإن مثل هذا الاجتماع لا يغير من الواقع شيئاً.
هذا يعني أيضاً ان الدعوة لرعاية دولية مهما كان عنوانها، لعملية سلام تقوم على المفاوضات، هي دعوة فارغة، ذلك ان الولايات المتحدة لا تفكر لحظة في السماح لأي طرف، بأن يدخل على خط هيمنتها واحتكارها للملف. مع ذلك لا بأس من استمرار المحاولة، وإظهار المظلومية الفلسطينية، الأمر الذي قد يحقق بعض الإنجازات، مثلما فعل المجلس العالمي لحقوق الإنسان حين نشر القائمة السوداء، للشركات العاملة والمتعاملة في المستوطنات، ومعها.

يفتح قرار مجلس حقوق الإنسان، على إمكانية ملاحقة، ومقاضاة الشركات التي تتضمنها القائمة السوداء، لكن حبال القضاء والعدالة طويلة وستجد في مواجهتها ضغوطا شديدة من الحلف الأميركي الإسرائيلي. وبالمناسبة، هذه هي المرة الثانية في غضون اشهر قليلة، تعلن فيها إسرائيل، يوماً أسود، كان الأول حين أصدرت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية قرارها، بشأن إمكانية التحقيق في شبهة ارتكاب إسرائيليين لجرائم حرب.

الحديث عن ضعف المراهنة على الأوضاع الدولية والمجتمع الدولي في هذه الأوقات ليس مدعاة لليأس، أو التوقف عن خوض المعارك، من خلال المؤسسات والمنابر الدولية، لكنه يفرض التدقيق في الأولويات، والخطوات المؤسسة لتوفير عوامل المواجهة، الإدارة الأميركية أعلنت عن بدء عمل اللجنة الأميركية الاسرائيلية لترسيم الحدود ورسم الخرائط استنادا الى ما ورد في المخطط الأميركي الإسرائيلي ما يعني ان المسألة تتصل بتوقيت الإجراء الإسرائيلي العملي لتنفيذ ما ترتبه لها الصفقة.

لهذا السبب يبدو أن تأخير تنفيذ قرارات المجلس المركزي لمنظمة التحرير التي تتعلق بوقف العمل بكل ما ترتب عن أوسلو من اتفاقيات، أمر لا قيمة له من الناحية التكتيكية، لكنه ينال من ثقة الفلسطينيين بأنفسهم وقياداتهم.ما ستفعله إسرائيل، ستفعله، اليوم أو غداً، ولذلك ينبغي أن يستعجل الفلسطينيون، باتخاذ الخطوات والقرارات اللازمة، وأولها بطبيعة الحال، إنهاء الانقسام الفلسطيني واستعادة الوحدة، لخوض المعركة بكل مكونات وطاقات الشعب.
وفي كل الحالات ووفق كل الحسابات، فإن الثمن الذي يترتب على الفلسطينيين دفعه معلوم، ولذلك فإن عليهم البناء على الحقائق. الحقائق تشير على نحو واضح، إلى أن الحلف الأميركي الإسرائيلي يدفع الأوضاع نحو الصراع المفتوح على كل الأرض وكل الحقوق، ما يستدعي التوافق على سياسات واتخاذ ما يلزم من قرارات، بما يتناسب مع جذرية الفعل الأميركي الإسرائيلي.

نعلم بأن الظروف صعبة جداً، في ضوء الواقع الذي تشكل خلال مرحلة أوسلو، ما يستدعي التدقيق الشديد، وعدم التسرع او ركوب ظهر المغامرات، ولكن لا يمكن معالجة مخططات استراتيجية بمخططات او خطوات تكتيكية، والأصل ان تسحب منظمة التحرير اعترافها بإسرائيل طالما ان هذه لا تعترف لا بفلسطين ولا بمنظمتها.

قد يهمك أيضا :  

هي الحرب وعليكم أن تستعدوا لخوضها

   نحو إعادة صياغة الرواية الأساسية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية عن هذا الانحياز إلى الرواية الإسرائيلية



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday