كورونا والتغيير الجذري في منظومة التعليم والبحث العلمي
آخر تحديث GMT 19:08:29
 فلسطين اليوم -

"كورونا"... والتغيير الجذري في منظومة التعليم والبحث العلمي

 فلسطين اليوم -

كورونا والتغيير الجذري في منظومة التعليم والبحث العلمي

عقل أبو قرع
بقلم : عقل أبو قرع

من ضمن الأمور التي تغيرت والتي سوف تتغير بسبب الأزمة الحالية لانتشار فيروس "كورونا"، طبيعة وطريقة ونوعية التعليم والتعلم والأبحاث العلمية بأنواعها، سواء من حيث تحديد الأولويات أو نسبة الأموال من الميزانيات أو الاستثمارات فيهما، أو محتوى المواد التي يتم تدريسها أو عرضها، وشكل العرض وطبيعة التلقي من قبل الطلبة أو الباحثين، وأولوية المواد المطروحة، والاستثمار أكثر في وسائل التعلم عن بعد الافتراضي التكنولوجي، وغياب الدور التقليدي للمؤسسة التعليمية، وتضاؤل أهمية الحيز المكاني للتعليم والتعلم والبحث العلمي، بما يحويه من المدرس والطالب ونوعية الخدمات وطبيعة التفاعل والأمور الأخرى غير التعليمية.

وسوف يكون التركيز على الاستعانة عن ذلك من خلال الوسائل الافتراضية التكنولوجية ولو بشكل تدريجي، وسوف يطال هذا آجلاً أو عاجلاً التخصصات العلمية والهندسية، التي تحتاج الى مختبر ومعمل ومواد، وسوف يطال كذلك وسائل البحث العلمي وطريقة إجراء البحث وعرض أو نشر النتائج، وبدون شك أن التركيز على مواضيع علمية محددة، سواء من خلال التعليم أو البحث سوف يكون من أولويات الدول والمجتمعات المتعددة، بعيداً عن التعليم التقليدي "الوجاهي"، وبعيداً عن التخصصات الكلاسيكية، وبعيداً عن استثمار مئات بل الآلاف من ملايين الدولارات في مواضيع أبحاث، أثبتت أزمة كورونا عدم الحاجة اليها، أو على الأقل أنها ليست من ضمن الأولويات الحالية أو المستقبلية لشعوب كثيرة في العالم.

فهناك دول استثمرت وتستثمر أموالاً طائلة في أبحاث وبالتالي تعمل على تصنيع أو القيام باختراعات اثبتت أزمة كورونا الحالية عدم جدواها، أو على الاقل عدم الحاجة اليها وهشاشتها أمام " شبه كائن" دقيق لا يمكن رؤيته الا من خلال أجهزة متطورة، هو ذلك الجزيء الدقيق من الحامض النووي المغلف بالبروتين، الذي نحتاج الى تكبيره حوالي 500 مرة بالمجهر لكي نراه بالعين المجردة، والذي فقط يعيش داخل خلايا الكائن الحي، والقادر على الهجوم والحاق الأذى بشدة بالبشر والاقتصاد وبالمنظومة السياسية والاجتماعية وحتى في تغيير مفاهيم ثقافية ودينية وعلاقات بين الدول وتقوقع للمصالح واغلاق الحدود بشكل لم يسبق له مثيل، حيث تقوقعت الدول وانعزلت وقامت بإجراء جرد ذاتي لإمكانياتها وما تملك من أدوات للتعامل مع هذا الفيروس، بعيداً عن آفاق مساعدة حقيقية، سواء من دول قريبة أو بعيدة.

واثبت التخبط والتصريحات المتناقضة وفي أحيان، غير العلمية وغير الموضوعية، فيما يتعلق بتوفر لقاح أو دواء أو حتى أمكانية استخدام دواء حالي، مدى هشاشة وضعف الاستثمار في المجال البحثي العلمي الصحي الطبي، ومدى عدم جدوى إنفاق مئات المليارات خلال السنوات الماضية على أبحاث أسلحة الدمار، التي يتم تكديسها، حتى تصدأ أو ينتهي زمن استعمالها أو يتم افتعال مآس ونزاعات من أجل استخدامها، ومن استمع الى تصريحات الرئيس الاميركي بأنه يستخدم شخصياً دواء "هيدروكسي كلورو كورون"، وفي نفس الوقت يقرأ عن قرار لمنظمة الصحة العالمية بإيقاف استخدام هذا الدواء في التجارب السريرية لمرضى فيروس "كورونا"، والذي يتم استخدامه حالياً لعلاج مرضى الملاريا، يلاحظ الضعف الشديد في فهم أهمية الابحاث والحاجة الى الاستثمار في هذا المجال، وهذا ما سوف يكون الأولوية القادمة لدول ومؤسسات بحثية وشركات أدوية وبيوتكنولوجية وغيرهما، بحيث يصبح الاستثمار في البحث العلمي دقيقاً وخاصاً وموجهاً، وينبع من حاجة المواطن والمجتمع، وليس من أجل الغطرسة والقوة والاستعراض وسباق التسلح والتسليح.

وهذا سوف ينطبق كذلك على نوعية التعليم، ومدى حاجة الناس والبلد الى تخصصات أو مساقات لا تمت بصلة الى حاجة البلد الحالية أو المستقبلية، بغض النظر عن نوعية البلد والإمكانيات، وسوف تكون هناك إعادة صياغة لاستراتيجيات التعليم، وللأولويات، وسوف يشمل هذا طريقة ايصال التعليم الى الطالب أو ايصال المعلومة الى الباحث، وطبيعة العلاقة بين المدرس والطالب، بعيداً عن الشكل التقليدي لغرفة الصف وللمنهاج الورقي وطبيعة الاختبارات أو التقييم، وبالطبع سوف تتغير أهمية كل طرف، حتى في ظروف معينة يمكن أن تكون لا حاجة لوجود مدرس بالمفهوم الحالي المتعارف عليه.

وبالطبع سوف تتغير ولو تدريجياً البيئة الخدمية المساعدة أو المساندة للتعليم الذي اعتدنا عليه، من الذهاب الى الحيز المكاني للتعليم، اي الحاجة الى مواصلات وغرف وخدمات الطعام والمكتبة وحتى الحاجة الى وجود اجسام ودوائر إدارية متنوعة ومتشعبة ومتراكمة خلال الزمن، ولا عجب اذا كان المختبر وما يحويه من مواد، واجراء التجارب واستخلاص النتائج، يوماً ما افتراضياً، وبالطبع فإن كل هذا التغيير المتوقع يحتاج الى تحضيرات واستشارات وتهيئة لتغيير في طبيعة علاقات ونوعية خدمات وحتى في اقتصاد مصغر مبني على ذلك، اعتدنا عليه خلال عشرات السنوات الماضية.

وفي بلادنا، من المفترض أن نبدأ بالتحضير وبشكل موضوعي مبرمج، لواقع أو لعالم ما بعد كورونا، سواء في المجال الصحي ونوعية الحاجات والخدمات، وفي منظومة الحماية الاجتماعية الهشة الضعيفة، وفي طبيعة الاقتصاد الضعيف القابل للاهتزاز كما اهتز خلال هذه الأزمة، وفي طبيعة العلاقات الاجتماعية والتربوية المتشعبة، والاهم في الاستثمار المادي وغير المادي، في منظومة تعليم وتعلم وبحث علمي، بناء على الدروس التي تم تعلمها من خلال الأزمة الحالية، آخذين في عين الاعتبار احتمال حدوث أزمات مشابهة وربما أخطر، تستدعي التعطيل الفيزيائي واللوجيستي للبلد، وبالتالي نكون جاهزين للتعامل مع أزمات بأقل الأضرار والخسائر المادية والمعنوية.

قد يهمك أيضا : 

  أزمة «كورونا» وضرورة البحث عن آلية جديدة للحماية الاجتماعية

أزمة «كورونا» وأهمية تقوية المختبرات الوطنية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كورونا والتغيير الجذري في منظومة التعليم والبحث العلمي كورونا والتغيير الجذري في منظومة التعليم والبحث العلمي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday