حول الاستثمار البشع للكوارث
آخر تحديث GMT 04:16:48
 فلسطين اليوم -

حول الاستثمار البشع للكوارث

 فلسطين اليوم -

حول الاستثمار البشع للكوارث

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

تضج شبكة التواصل الاجتماعي في هذه الأيام العصيبة بالكثير من الطرائف والتعليقات الساخرة التي تنطوي على إبداعات فردية يمكن أن تخدم غرض الترويح، لكن هذه الشبكة أيضاً تضج بالتحليلات والتعليقات والشروحات والتوقعات المتضاربة جداً بشأن «كورونا» وبعضها من خبراء وأطباء وعلماء وأكثرها من قبل عامة الناس، بما يترك حالة من الارتباك وغياب اليقين ومعها تضيع المعرفة ويخلد الإنسان إلى القدر.

ثمة من قدم وصفاً شعبوياً طريفاً لخطورة هذا الوباء بالقول: «ساق الله على أمراض وأوبئة زمان، فلقد كان فيها بركة. حين ظهر انفلونزا الطيور شبع الناس من أكل اللحوم، وحين ظهر فيروس انفلونزا الخنازير شبعوا من أكل الدواجن، أما كورونا فإنها مكلفة حيث يتوجب توفير كمامات وأدوات ومواد تنظيف وتعقيم». الإسلاميون أكثروا من التفسيرات الروحانية وبعضهم اعتبر «كورونا» من جند الله، وأنها عقاب للبشر بسبب انتشار الفسوق والابتعاد عن الدين، ولذلك فإنهم يكثرون من الدعاء ويغرقون شبكة التواصل الاجتماعي بأدعية يطالبون من تصل إليه أن يمررها إلى عشرات البشر سعياً وراء الثواب.

السياسيون وخبراء الاقتصاد كانوا أكثر حذراً وأكثر فوضى إزاء الآثار المترتبة على الجائحة، التي ستضع حداً للنظام العالمي السائد وتؤشر على الانتقال نحو نظام عالمي جديد لم تتضح بعد معالمه. من بين عديد بل كثير النداءات والنصائح والتحليلات أدهشني بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت بالنداء الذي وجهه للبشرية ورغم اختصاره فإنه يشير إلى قضية مهمة.
النداء الذي اتخذ صفة عاجل موجه إلى قادة العالم للعمل معاً على مكافحة فيروس كورونا الجديد وضمان توزيع المعدات الوقائية والعلاجات الجديدة واللقاحات بشكل عادل.

ودعا في صحيفة ديلي تلغراف إلى نهح عالمي لمكافحة الفيروس، محذراً من تركه ينتشر في الدول النامية دون عوائق، مشيراً إلى أن هذا الأمر سيزدهر ويتفشى ويضرب الدول الغنية في موجات متلاحقة. والأهم من بين ما قاله إنه يتخوف من أن تسيطر «وطنية اللقاح الذي تسعى إليه دوائر كثيرة في العالم ما لم يتم التوصل الآن إلى اتفاقيات دولية حول كيفية توزيعه لأنه لا توجد دولة تعرف من سينتج اللقاح أولاً».

لابد أن غيتس قد لاحظ كما الكثيرون طغيان المسؤولية الوطنية لدى عديد الدول على المسؤولية الإنسانية الأممية في مواجهة وباء لا يعرف الحدود. ثمة ما يقال في هذا الصدد بعد الشكاوى التي صدرت عن رؤساء حكومات تعاني بلدانهم من الانتشار السريع للوباء، وتشير إلى السياسات الأنانية التي يتبعها بعض الدول التي لم تمد يدها للمساعدة.

في الواقع ربما كانت هذه الإشارة مهمة من حيث إن العولمة والليبرالية الجديدة وما رافقها من استراتيجيات وتحالفات وآليات تتعرض للاهتزاز، ويفرض عليها الوباء التراجع نحو إعلاء مكانة الدولة القومية. ظواهر كثيرة من المتوقع أن تشهد تغييراً جذرياً على مستوى السياسات الاقتصادية والمالية والاجتماعية بما يشمل العلاقات الدولية إلى السلوك الفردي وستظهر على نحو أكثر وضوحاً مدى بشاعة السياسات العنصرية والاستعمارية المتوحشة.

الاحتلال الإسرائيلي من بين الظواهر والكيانات السياسية التي يظهر عليها الطفح حتى يستفز الكاتب البريطاني ديفيد هيرست الذي كتب مقالاً يفضح فيه الظلم الذي يقع على الشعب الفلسطيني بسبب سياسات الاحتلال وإجراءاته اللاإنسانية في زمن الـ»كورونا». إن كانت الشواهد كثيرة في هذا السياق فإن أحدث فصولها الحوارات الجارية والجدية، متبوعةً بإجراءات لا تخفى على الجاهل وليس العارف فقط حول موعد وآليات الإعلان عن ضم منطقة الغور وشمال البحر الميت.

هذه الحمى التي تسيطر على تفكير نتنياهو وأطراف اليمين المتطرف تعتقد أن الفرصة ملائمة جداً، طالما أن العالم منشغل حتى أذنيه بملف كورونا، وتحسباً لضياع فرصة وجود ترامب على رأس الإدارة الأميركية إذا لم ينجح في الانتخابات الرئاسية قبل نهاية هذا العام. وربما يعتقد نتنياهو أن الإجراءات التي تتخذها السلطة الوطنية الفلسطينية في مواجهة «كورونا» واحتمال تدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل سياسة التباعد الاجتماعي واستمرار ظاهرة الانقسام، ربما تساعد على ضبط ردود الفعل الجماهيرية.

وفي ضوء غياب كتلة سياسية وازنة يمكن أن تقف في وجه اليمين المتطرف إزاء موضوع الضم وغياب الجهد الدولي فإن نتنياهو سيكون قد حقق استثماراً تاريخياً للكارثة التي يحدثها «كورونا» حتى لو تطلب ذلك أن تدفع إسرائيل بعض الأثمان التي لا تقاس قيمتها مع قيمة الربح. بالنسبة للفلسطينيين لم يعد ثمة فرق جوهري طالما أن الاحتلال موجود في كل الحالات، بصرف النظر رغم أهمية القانون الذي يفرضه، وطالما أن الشعب الفلسطيني موجود على أرضه، وأيضاً لما تفتقر إليه السياسة الاحتلالية من الشرعية الدولية، حتى لو حظيت بموافقة الولايات المتحدة.

قد يهمك أيضا :  

عمار يا فلسطين

مملكة العنصرية والخداع

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول الاستثمار البشع للكوارث حول الاستثمار البشع للكوارث



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 03:11 2015 الخميس ,03 كانون الأول / ديسمبر

الحقيبة الصغيرة مكملة لإطلالة المرأة الجميلة في سهرات 2016

GMT 10:00 2019 الإثنين ,11 آذار/ مارس

أسباب غير متوقّعة تؤدّي إلى تأخّر الإنجاب

GMT 12:10 2019 الإثنين ,21 كانون الثاني / يناير

فيفي عبده تحرص على حضور عزاء الفنان سعيد عبد الغني

GMT 03:33 2019 الجمعة ,18 كانون الثاني / يناير

"حماس" تخطط لإعادة فتح معبر رفح والقاهرة لا تعقب

GMT 11:49 2019 الإثنين ,14 كانون الثاني / يناير

باكستاني ينسى اسم عروسته والسلطات البريطانية تعتقله

GMT 03:18 2018 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

نوعان من الزراف في أفريقيا يواجهان خطر الانقراض

GMT 09:27 2018 الأربعاء ,12 كانون الأول / ديسمبر

الإسباني بينات يقترب من تدريب نادي النصر الإماراتي
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday