أوروبا وسياسة الضم
أخر الأخبار

أوروبا وسياسة الضم

 فلسطين اليوم -

أوروبا وسياسة الضم

هاني عوكل
بقلم : هاني عوكل

أكثر من شهر بقليل يفصلنا عن خطة إسرائيل لضم أجزاء من الضفة الغربية، بعد أيام على موافقة الكنيست الإسرائيلي على حكومة وحدة بقيادة كل من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحليفه المستجد بيني غانتس، وهي حكومة لا تختلف كثيراً عن سابقاتها باستثناء أنها حكومة إنقاذ لنتنياهو.

أسئلة كثيرة مطروحة بين الأوساط النخبوية والسياسية بشأن تنفيذ إسرائيل مثل هذا القرار الذي يعكس بالتأكيد مخاطر وعواقب وخيمة، لكن العين ليست كلها على تل أبيب، لأنها فعلت الكثير قبل ذلك وصدرت عنها مخالفات انتهكت بشكل صارخ القانون الدولي وكل الأعراف الدولية.

والعين أيضاً ليست على الولايات المتحدة الأميركية، لأنها وحدها من شجّع إسرائيل على توسيع نفوذها في الضفة الغربية، وسكتت كل الوقت عن عمليات الاستيطان غير القانونية التي حدثت وتحدث بشكل متسارع لفرض وقائع على الأرض تمهد لقرار كبير كإعلان الضم.

ما يسترعي الانتباه حقيقةً هو موقف الاتحاد الأوروبي المبكر إزاء دعوة إسرائيل للتخلي عن خطط ضم أجزاء من الضفة الغربية، إذ صدرت عن 25 دولة من أعضاء الاتحاد موافقة على بيان أعدته وزارة خارجية الاتحاد، يدعو فيه تل أبيب إلى عدم ضم مناطق في الضفة.

أغلب دول الاتحاد الأوروبي تعتبر أن مثل هذا القرار إن تم لا ينسجم مع توجهاتها بشأن ضرورة استئناف المفاوضات الثنائية بين الفلسطينيين والإسرائيليين لتحقيق السلام القائم على حل الدولتين، الذي تدفع أوروبا به قدماً باعتباره خيارها الأول والأخير.

فقط كل من النمسا والمجر هما من رفضتا الانضمام إلى بيان الاتحاد الأوروبي، ويعكس هذا الموقف وغيره من المواقف الحساسة الأخرى غياب اتفاق جماعي حول القضايا الساخنة في أروقة الاتحاد، وهي كثيرة من بينها ملفات الهجرة والبريكست والعلاقة مع روسيا.

بيان الاتحاد في صيغته لا يعادي إسرائيل ولم يرتبط بمبدأ الثواب والعقاب، اللهم الا أنه ذكر بأهمية العودة إلى طاولة المفاوضات وتجنب الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب واحترام القانون الدولي، وفي المقابل الاستعداد والجهوزية للعمل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة.

على مستوى دول الاتحاد، تتحرك فرنسا بشكل فردي ومشترك مع ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا لاستبدال فكرة ضم أجزاء من الضفة الغربية باستئناف المفاوضات بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، وهو تحرك يبدو أنه لن يكتب له النجاح في ضوء الوضع القائم.

الأهم من هذا التحرك هو التحذير الفرنسي على لسان وزير الخارجية جان إيف لودريان من أن إسرائيل قد تتعرض لعقوبات أو إجراءات انتقامية إذا ما أقدمت على ترجمة قرار ضم الضفة، لأن مثل هذا القرار ينسف تماماً عملية السلام المجمدة منذ زمن وحيث يراهن عليها الأوروبيون لتحقيق حل الدولتين.

تزامن مع هذا التحرك توجيه رسالة من قبل 130 نائبا بريطانيا من أحزاب مختلفة إلى رئيس الوزراء جونسون تدعو إلى فرض عقوبات اقتصادية على إسرائيل إذا ما ضمت مناطق في الضفة الغربية، في حين قدّم 10 سفراء أوروبيين احتجاجاً رسمياً للخارجية الإسرائيلية على نية الضم.

الموقف الأوروبي يشكر عليه ولا شك أنه يقلق إسرائيل ويجعلها تفكر أكثر من مرة في مسألة قراراتها، لكن الأهم من هذه المواقف هو البناء عليها على المستويين الشعبي والرسمي، والأهم تحريك الرأي العام الأوروبي الذي يمتلك القدرة الكافية للضغط على دوله للبقاء ثابتة على مواقفها إزاء طبيعة التعامل مع إسرائيل.

السلطة الفلسطينية التي اتهمت كل الوقت بأنها مستسلمة لإسرائيل ومع السلام الاستراتيجي، اضطرت إلى اتخاذ إجراءات تنسف موقفها المعهود، وهي إجراءات صحيحة في إطار التنكر الإسرائيلي لكل ما هو فلسطيني، وقرار الانتقال من السلطة إلى الدولة في محله وهو الوصفة الأكثر نجاحاً من قرار حل السلطة.

لكن في إطار التحشيد لإلحاق الأذى بإسرائيل على المستوى الدولي، من المهم بلورة تكتل أو جبهة دولية للضغط على تل أبيب ومنعها من ضم أجزاء في الضفة الغربية، والأهم أن يكون مستوى التنسيق بين المؤسسات الرسمية الحكومية وكذلك بين المؤسسات الأهلية بتفرعاتها الكثيرة.

قد تمضي إسرائيل في إعلان الضم وتستنفر واشنطن لممارسة ضغوط على الاتحاد الأوروبي لتجنب فرض إجراءات عقابية على تل أبيب، وفي المقابل قد يتخذ العالم موقفاً يشبه الموقف العربي من حيث رد الفعل. مجرد الاكتفاء بالاستنكار والرفض والشجب والإدانة بأقسى العبارات.

من الصعب توقع ردود الفعل الأوروبية إذا استولت إسرائيل بالقوة على أراضٍ في الضفة، لكن الموقف الأوروبي في صيغته الحالية جيد وبنّاء، بصرف النظر إذا حسبت تل أبيب لأوروبا ألف حساب أو عكس ذلك، والرهان على الوقت المتبقي والقدرة على المناورة في هذه المعركة الدولية، وكذلك الصمود والثبات الشعبي على الأرض.

قد يهمك أيضا :   

جدلية الجيش الأوروبي الموحد

ما وراء «تلفريك» القدس

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

أوروبا وسياسة الضم أوروبا وسياسة الضم



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات النجمة يسرا المدهشة من فساتين الكاب إلى الجمبسوت

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تتميز دائماً النجمة يسرا بإطلالتها الأنيقة بمختلف الأوقات، ولكن لا زالت تحتفظ بأناقتها مع مرور السنوات. واحتفالاً بعيد ميلادها قررنا أن نشارككِ أبرز صيحات الموضة التي حرصت على اختيارها النجمة يسرا بمختلف الأوقات سواء بالحفلات والمهرجانات، والتي ساعدتها في الحصول على مظهر أنيق ورائع يخطف الأنظار. الفساتين بموضة الكاب اختيار يسرا كانت فساتين السهرة بموضة الكاب من أكثر الصيحات المفضلة لدى النجمة يسرا عند ظهورها على السجادة الحمراء في مختلف دول العالم. حيث اختارت الفستان العاجي المطرز بتفاصيل ذهبية، وذلك عند حضورها حفل الأوسكار 2020. لهذا تميل دائماً لاختيار هذه الموديلات من توقيع المصممين العرب مثل زهير مراد وإيلي صعب وجورج حبيقة. اختارت أيضاً الفستان السماوي بموضة الكاب بأقمشة الشيفون بشكل ناعم مفعم بالأنوثة خلال حضورها �...المزيد

GMT 05:05 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

من الفخامة إلى البساطة هيفا وهبي تختار الحقائب الصغيرة

GMT 06:30 2018 الأربعاء ,10 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يغلق حاجز حوارة جنوب نابلس في كلا الاتجاهين

GMT 07:57 2017 الجمعة ,02 حزيران / يونيو

لا تنجح مؤامرة متآمر إلا بتقصير مقصر

GMT 09:39 2019 الأربعاء ,09 كانون الثاني / يناير

مواطن هندي يحمل لواء المحافظة على اللغة العربية الفصحى

GMT 14:20 2018 السبت ,15 كانون الأول / ديسمبر

أسرار مجموعات المجوهرات التي حبست الأنفاس في 2018

GMT 01:40 2018 الثلاثاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

طُرق طبيعية جديدة للتخلّص مِن عدوى الجيوب الأنفية المُؤلمة

GMT 00:23 2018 الإثنين ,24 كانون الأول / ديسمبر

الزيوت الطبيعية تاكد فعاليتها في تنظيف البشرة و تنقيها

GMT 19:20 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

المهاجم "ألكاسير" نجم آخر يتألق على مسرح دورتموند

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday