يوم خديجة الشواهنة
آخر تحديث GMT 21:12:46
 فلسطين اليوم -

يوم خديجة الشواهنة

 فلسطين اليوم -

يوم خديجة الشواهنة

حسن البطل
بقلم : حسن البطل

هي مثل أمي مريم الطيراوية، ومريم مثل هاجر الطيراوية. خديجة الشواهنة تعتمر حطّتها البيضاء مثل «ستنا مريم». أنا ابن مريم الطيراوية التي ماتت في المنفى السوري مطلع القرن، وهاجر الطيراوية ماتت في أرضها بطيرة حيفا هذا العام. أما خديجة الشواهنة فهي المرأة الوحيدة بين ستة شهداء في يوم الأرض الأول. أعرف أمي مريم، وعرفت هاجر التي ماتت بعمر أمي.
لدي صور مع الحجة أمي مريم الطيراوية وصور مع الحجة هاجر في الطيرة، أما خديجة الشواهنة، فإن صورتها مع شهداء يوم الأرض الأول الستة لا تبرح ذاكرتي، فهي ترتدي حطة أمي البيضاء، كما ترتديها «ستنا مريم» في الرسومات الدينية.

في ذاكرتي المكتسبة، بين الثالثة والرابعة من عمري، صورتان لأمي وهي تنكش الأرض، بينما ألُمّ ديدانها، والصورة الثانية وهي تمزق بيمناها السليمة وأسنانها حطّتها البيضاء، وتعصب جراح رؤوس إخوتي، بعدما انقلبت بنا شاحنة الخروج من طيرة حيفا، عند كوع حادّ قرب سيلة الظهر ثلاث نسوة طيراويات عدنَ إلى رحم الأرض، والأرض كوكب هو أم البشرية، كما أم الشعب الفلسطيني.

لنا يوم النكبة، ويوم النكسة، يوم الشهيد ويوم الأسير، ويوم انطلاقة الثورة.. لكن يوم أيامنا هو «يوم الأرض»، أو يوم خديجة الشواهنة. عن أيام العرب المشهودة، يقولون: هذا يوم من «أيام العرب»، وصرنا نقول عن «يوم الأرض» الخالد: إنه يوم لمريم الطيراوية، أمي، ولها أولاد وأحفاد مبعثرون في أركان الأرض، ولا أعرف هل لخديجة الشواهنة أولاد أم لا، لكن أعرف أن هاجر الطيراوية لها قصة اللجوء التي أوصلتها إلى مخيم النيرب قرب حلب، وتسلّلت عائدة إلى الطيرة تمسك بذراعها ولداً، وتحمل بذراعها ولداً، وفي بطنها جنين طفل.

كانت طيرة ـ حيفا عربية تماماً، وصارت ذراري أولاد هاجر وأحفادها، ما يشبه عشيرة طيراوية وحيدة وسط سكانها الجدد من اليهود. أخيراً، قبل سنوات قليلة، ومرافعات قضائية طويلة، استعاد أولاد هاجر وأحفادها قليلاً من عشرات الدونمات، بما يكفي لبناء بيوت لذراريها، وافتتاح «سوبرماركت» في الطيرة، بناءً على كواشين احتفظ بها زوجها أسير حرب سقوط الطيرة، والطيرة سقطت حرباً، آخر موقع عربي على الساحل الفلسطيني يوم 18 تموز العام 1948، وهناك طيرات عدّة في فلسطين، وطيرة حيفا، طيرة الكرمل، طيرة اللوز، هي طيرة طيرات فلسطين طراً، ولو أن عشيرة الطيراوية «هاجر» وحدها في الطيرة الآن.

هو يوم أيام شعب فلسطين، وهو يوم خديجة الشواهنة، وفي يوم الأرض الأول، كنتُ في بيروت محرّراً، وكتبت مقالة: «اصرخي أيتها الأرض المحبوبة»، ولم أكن أعرف أنني سأزور الطيرة، وألتقي عميدة الطيراوية هاجر. من مثلث يوم الأرض الأول: سخنين، عرابة، دير حنا، كان مهد يوم أيام شعب فلسطين في البلاد والمنافي والمهاجر، وفي كل 30 آذار من كل عام يقيم الفلسطينيون في البلاد الاحتفال المركزي، وكل عام في مكان مختلف من مدن مثلث يوم الأرض، ومن قرى النقب، وفي مخيمات اللجوء.

هذا العام الـ44 ليوم الأرض، لكنه يوم يخلو من احتفال حاشد، ولا يخلو من رفع علم البلاد حيث يوجد الشعب في البلاد وفي الشتات. كان يسرائيل كينغ، متصرف لواء الجليل قد قال قبل يوم الأرض الأول: إن «عرب إسرائيل» هم «سرطان في جسدها». الآن، صار الفلسطينيون في إسرائيل يعتبرون كأنهم «سرطان» في جسد ديمقراطية يهودية إسرائيلية صهيونية عنصرية. في واحدة من زياراتي إلى حيفا، التقيتُ يهودية إسرائيلية ألمانية، لمّا عرفت أنني ولدت في «طيرات هاكرمل» لم تصدق، ولما رأت هويتي، التي تحمل اسم أمي مريم قالت، «أمك مريم.. لا يحق لكم أن تسموا أمهاتكم مريم، بل ماري، لأن مريم حكر على يهود العالم ويهود إسرائيل».

يوم الأرض هو يوم خديجة الشواهنة، ولأن الحجة هاجر لم تشهد العام الـ44 ليوم الأرض، فقد كانت في رحم أمنا الأرض، كما حال أمي مريم، وحال خديجة الشواهنة، التي تعتمر حطّة بيضاء مثل الحجة أمي، ومثل الحجة هاجر. «عليك منّي السلام يا أرض أجدادي/ ففيك طاب المقام وطاب إنشادي».

قد يهمك أيضا : 

ع الــمــاشــي!

  بين المسميتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

يوم خديجة الشواهنة يوم خديجة الشواهنة



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday