تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي
آخر تحديث GMT 18:50:45
 فلسطين اليوم -

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

 فلسطين اليوم -

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي

طلال عوكل
بقلم : طلال عوكل

إذا كان الإنسان ابن بيئته، فإن ترامب ليس نبتاً شيطانياً، فهو ابن البيئة الأميركية المحكومة لقواعد أشبه بقانون الغاب. حتى القانون الأميركي، الذي يبدو أنه يقوم على قواعد الديمقراطية، لا يستطيع إخفاء مضامين قواعد التوحش. ترامب ينتمي إلى أصحاب المليارات، ولغة الصفقات، التي لا ترحم صغيراً أو كبيراً، وتتمتع بأقصى درجات الأنانية.

الديمقراطية الغربية في حقيقتها تقول، «أنت حرّ ما لم تضر»، والمقصود بالضرر الذي يصيب أصحاب الاحتكارات الكبرى وهم أصحاب القرار، أيضاً. الطغمة الحاكمة في الدولة الرأسمالية الاستعمارية الأقوى، لا تهتم بمن يعيش أو يموت، ولا من يأكل التراب ومن يأكل الكافيار.

في مقالة للصحافي روني شكيد وهو يصف نتنياهو، لكن الأمر ينطبق على صورته الأميركية ترامب، يقول، «لا يخلو موكب الحماقة في التاريخ اليهودي من قادة متعصبين متطرفين مسيحانيين مصابين بجنون العظمة ومتلاعبين بالآخرين سببوا بسياساتهم الدمار والخراب وخسارة الاستقلال السياسي وسحق الشعب». ألا ينطبق توصيف شكيد على رواد الحربين العالميتين الأولى والثانية؟ هل بقيت مؤسسة دولية، أو دولة، أو شعب لم يتعرض للأذى من سياسات الإدارة الأميركية الراهنة؟، وهل يسلم المجتمع الأميركي من الأذى الذي تلحقه سياسات ترامب الداخلية، والتي ظهرت عوراتها مع جائحة «كورونا»، والإعصار الاجتماعي الذي نجم عن التحريض العنصري؟ إن كان الشعب الفلسطيني جزءا لا يتجزأ من الأمة العربية، وكذلك الشعب السوري، والليبي، واللبناني، والعراقي، فأي أذى لحق بالأمة العربية جرّاء السياسة الاستعمارية التي تديرها الولايات المتحدة؟ حرب ترامب على العالم بدأت من الأمم المتحدة، التي عليها أن تعود وتخضع لسياسات ومصالح الولايات المتحدة، وإلاّ فلتمُت هذه المنظمة مع كل مؤسساتها.

في أول تصريح لها كمندوبة للولايات المتحدة في الأمم المتحدة، صرحت نيكي هايلي، بأن هذه المنظمة منحازة للفلسطينيين ومعادية لإسرائيل. جاء ذلك بعد التصويت في مجلس الأمن لإدانة الاستيطان في الأسابيع الأخيرة من وجود باراك أوباما في البيت الأبيض ـ صدور القرار 2334، مع تحفظ أميركي سمح بتمرير القرار.

بعد ذلك توالت قرارات الانسحاب الأميركي من «اليونيسكو» ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ومن دعم «الأونروا»، وأخيراً من منظمة الصحة العالمية. مناسبة هذه المطالعة التذكيرية القرار التنفيذي الذي اتخذه ترامب لفرض عقوبات اقتصادية على قضاة المحكمة الجنائية الدولية، في ظل سريان قرار سابق بمنع هؤلاء من الحصول على تأشيرة لدخول الولايات المتحدة. المملكة الجنائية كانت اتخذت قراراً بالتحقيق في شبهة ارتكاب جرائم حرب، بحق ضباط وجنود أميركيين في أفغانستان، بالإضافة إلى قرارها فتح تحقيق في جرائم حرب، وجرائم بحق القانون الإنساني من قبل إسرائيل.

في تصريحه حول قراره، قال ترامب، إنه لن يسمح لأي طرف بأن يلاحق جنوداً أميركيين، وإن إدارته مسؤولة عن حمايتهم، وهي، أيضاً مسؤولة عن حماية إسرائيل. الجنائية الدولية كانت قد أقرّت صلاحية التحقيق مع مرتكبي جرائم إسرائيليين، وتجاوزت عقبة كون السلطة الفلسطينية ليست دولة مستقلة.

الولايات المتحدة وإسرائيل شنّتا حرباً ضروساً على المحكمة، وقضاتها وجنّدتا حملات مناصرة وضغط لمنع المحكمة من القيام بواجباتها القانونية، لكنهما فشلتا حتى الآن.
الجيد أن المحكمة الجنائية رفضت الانصياع لقرار ترامب واعتبرته محاولة غير مقبولة للتدخل في سيادة القانون، غير أن الأمور لن تقف عند هذا الحدّ، إذ إن حلف الأشرار الأميركي الإسرائيلي، لا يزال في جعبته المزيد من وسائل الضغط، بما في ذلك احتمال تعرض بعض القضاة للقتل بطريقة أو بأخرى، هذا عدا أنهما ستقومان بعرقلة إجراءات التحقيق في حال شرعت المحكمة في القيام بعملها.

الفلسطينيون رابحون في كل الأحوال، ومهما طال أمد التحقيقات، وتعقّدت آلياتها، فالحكم الأولي قد صدر عن المحكمة الجنائية الدولية، بأن الدولتين إسرائيل وأميركا متهمتان بارتكاب جرائم حرب، يتزامن ذلك مع قرار آخر صدر عن محكمة أوروبية ترفع الحظر عن نشاط الـ»بي دي أس»، التي تحرض على منع التعامل مع منتجات المستوطنات من واقع كون الاستيطان مخالفا لقرارات الشرعية الدولية.

صحيح أن الأوضاع العربية والفلسطينية تبدو بائسة إلى حدّ كبير، لكن الأمل أيضاً كبير في تحقيق المزيد من الإنجازات المتراكمة شرط أن يقوم الفلسطينيون بواجباتهم الأساسية، وأن يَصدُق العرب في التزامهم بالحقوق الفلسطينية والعربية.
والخلاصة، هي أن ترامب وكل من يشايعونه في المؤسسة الأميركية الحاكمة، ليسوا وحوشاً في البرية، وإنما هم وحوش على البشرية، وهذا ليس ذنبهم، وإنما الذنب كله يقع على من يصدق بأن خيراً يمكن أن يحظى به أحد طالما هم كما هم.

قد يهمك أيضا :

  الديناصورات وزمن "كورونا"

   أميركا على خطى الاتحاد السوفياتي

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي تـرامـب أمـيـركـي أصـلـي



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 18:06 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر
 فلسطين اليوم - الفستق يعزز صحة العين ويسهم في الحفاظ على البصر

GMT 17:18 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25
 فلسطين اليوم - "نيسان" تحتفل بـ40 عامًا من الابتكار في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 08:51 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

يتحدث هذا اليوم عن بداية جديدة في حياتك المهنية

GMT 21:38 2020 الأحد ,03 أيار / مايو

حاذر التدخل في شؤون الآخرين

GMT 06:51 2019 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

أبرز الأحداث اليوميّة لمواليد برج"الحمل" في كانون الأول 2019

GMT 07:28 2020 الخميس ,18 حزيران / يونيو

«الهلال الشيعي» و«القوس العثماني»

GMT 01:18 2017 الأحد ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

وفاة "أيقونة" رفع الأثقال بعد صراع مع المرض

GMT 22:54 2016 الجمعة ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أصحاب دور العرض يتجهون إلى رفع "عمود فقرى" من السينما

GMT 10:32 2020 الأربعاء ,20 أيار / مايو

فساتين خطوبة للممتلئات بوحي من النجمات

GMT 16:35 2020 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

أحدث تصاميم ديكور لحدائق المنزل

GMT 17:03 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

اعتقال موظف وعشيقته داخل مقر جماعة في شيشاوة

GMT 12:46 2019 الخميس ,24 كانون الثاني / يناير

العقوبات الأميركية تطال منح الطلاب الفلسطينيين في لبنان
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday