تريز هلسة، رحيل يشبهها
أخر الأخبار

تريز هلسة، رحيل يشبهها

 فلسطين اليوم -

تريز هلسة، رحيل يشبهها

ريما كتانة نزال
بقلم : ريما كتانة نزال

مضت تيريز هلسة بكامل بهائها، رحيل نبيل ومتواضع، يشبهانها. بهدوء تجمع أشياءها للرحيل وهي مغرقة في التفكير ببعض الأعمال غير المنجزة، بعض الاستمارات والمعلومات عن جرحى فلسطين وحقوقهم.. تزيح جميع الأفكار جانباً، بعد اتخاذ أحد قراراتها الحاسمة، كما كانت دائما تفعل. تقرر أن تعطي ظهرها للأرض والتوجه نحو السماء، حيث العدالة الأبدية.. حملت صليبها لا تلوي على شيء، كأحد المصلوبات على جدار التاريخ والرواية، واثقة «أن الله لا ينسى تعب المحبة، لأن كلاً سيأخذ أجرته حسب تعبه».

تعرفت على الراحلة تيريز في عمان، جمعتني بها هيئة تنظيمية واحدة في منظمة الجبهة الديمقراطية في الأردن. كانت تتولى مسؤولية الطالبات الثانويات، وبدوري كنت مسؤولة الطالبات الجامعيات المجاور للمدارس. من هنا بدأت الصلة والتواصل بيننا، ننسق لمهمتين متجاورتين. كنت قد عدت من «دمشق» أجرُّ جبلاً من الحزن، لأجد تيريز وقد عادت إلى وطنها بعد تحريرها من سجون الاحتلال بواسطة عملية تبادل أسرى عقدها تنظيمها في حركة «فتح».

لمن يعرف «تيريز هلسة» يدرك على الفوْر أن الموْت لا يليق بها، ولمن لا يعرفها يدرك أنها لا يمكن أن تضع نفسها في منازلة لا توفر لها فرصة التكافؤ. هذه حقيقة معروفة منذ المبارزة التي خاضتها في مطار اللد، فكانت الشرارة الحارقة كما ينبغي أن تكون عليه حارسات النار، لتصبح بطلة فلسطين النبيلة، بلا أوسمة أو أضواء، نظيفة اليد ومنتصبة القامة ومرفوعة الرأس.

لم تسع الشهيدة إلى أي منصب، لم تكترث لها من حيث المبدأ ولم تكن معنية بها. لم يُعْرَف عنها خوْض صراعات تافهة، جانبية، مصلحية أو فاشلة، ومع ذلك لم تكن محايدة في مواقفها، كالسيف في غمده. انها تعرف الصراع الثانوي الذي ينبغي عليها أن لا تخوضه، كما تعرف ماهية الصراعات التي ينبغي عليها خوضها..تنطلق من قناعة أن الحياة واحدة على الأرض، لا تملك فرصة أخرى لتصرفها على معارك ثانوية. وهو ما طبقته في صراعها مع مرضها، السرطان.

مع السرطان، قدمت نموذجاً مختلفاً. لم تقبل لنفسها، وهي الإنسانة الواضحة، الصراع مع خصم خبيث تسلل إلى جسدها أثناء انشغالها بالصمت...لم تقبل على نفسها أن يقبض المتسلل على روحها بقبضته، وهي التي رضيت بالوجع والحزن رفيقاً لها طيلة حياتها، فلم لا تُبقِ عليهما في لحظة مؤقتة، اعتبرت أن المسافة عن الموت واحدة في كل الحالات، بالكيماوي وبدونه سيان.

لطالما قبلت العيش بالاعتماد على مُسكنات الأوجاع من جميع الأشكال، وهذه المرة لن تغير في أسلوبها والعضّ على جروحها، رفضت تسجيل أي تنازل للمرض وتلقّي الكيماويات الحارقة، على أن تسجل رحيلاً ضعيفاً عن الدنيا.. لم تَلِن أمام جبروته ولم تستسلم، تعب المرض منها ولم تتعب عن مقارعته ومقاومته، ولم تستسلم حتى اللحظة الأخيرة، حين غزا الخبيث الجسد..ودقت الصافرة معلنةً الوصول للمحطة الأخيرة.

تيريز هلسة، المزيج الاردني الفلسطيني، ثراء المزيج التنظيمي. انها القوة التي تمتشق روح امرأة مناضلة. من البداية وحتى النهاية، استمرت في الوقوف على خط الواجب.

قد يهمك أيضا : 

 إلى متى انتظار قانون حماية الأسرة من العنف؟

تحديات الحركة النسائية في مواجهة الـ«كورونا»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تريز هلسة، رحيل يشبهها تريز هلسة، رحيل يشبهها



GMT 22:40 2025 الإثنين ,20 كانون الثاني / يناير

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

أناقة ياسمين صبري على الشاطئ من الأبيض الكلاسيكي إلى الألوان المبهجة وجولات الموضة لا تتوقف

القاهرة ـ فلسطين اليوم
النجمة المصرية ياسمين صبري مع كل ظهور لها عبر حسابها على انستجرام، تنجح في لفت الانتباه بإطلالاتها الجذابة التي تبدو خلالها أنيقة واستثنائية، كما أن إطلالاتها على الشاطئ تلهم المتابعات لها باختيارات مميزة يسرن من خلالها على خطى نجمتهن المفضلة، فدعونا نرصد أجمل الأزياء التي ظهرت بها ياسمين على الشاطئ من قبل وتناسب الأجواء النهارية والمساء أيضًا. إطلالات باللون الأبيض تناسب أجواء الشاطئ من وحي ياسمين صبري النجمة المصرية خطفت الأنظار في أحدث ظهور لها خلال تواجدها في المالديف؛ بإطلالة ناعمة للغاية ظهرت فيها بفستان أبيض بتصميم عملي ومجسم ووصل طوله حتى منطقة الكاحل، مع الحمالات الرفيعة وفتحة الصدر غير المنتظمة، وتزين الفستان بفتحة ساق جانبية طويلة، كما أكملت أناقتها باكسسوارات ناعمة وأنيقة اللون الأبيض حليف ياسمين صبري في ...المزيد

GMT 21:11 2017 الجمعة ,06 كانون الثاني / يناير

استطلاع يؤكد رغبة جمهور سنغافورة في استمرار فورمولا1

GMT 00:11 2018 الإثنين ,08 كانون الثاني / يناير

كيف توسّع المكعبات خيال الطفل؟

GMT 05:25 2016 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

أفكار لتوفير المساحة في الشقق عن طريق الأثاث

GMT 21:48 2015 الأحد ,18 تشرين الأول / أكتوبر

عرض الفلامنكو "الطريق المفتوح" في دار الأوبرا الأحد

GMT 10:22 2014 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

جولة لتوعية مزارعي وادي بيضان بطرق الزراعة

GMT 07:34 2016 الأحد ,25 أيلول / سبتمبر

خلطة الجرجير والروزماري المطحون لتساقط الشعر

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday