عن الجيوش الإلكترونية الممولة
آخر تحديث GMT 12:11:16
 فلسطين اليوم -

عن الجيوش الإلكترونية الممولة

 فلسطين اليوم -

عن الجيوش الإلكترونية الممولة

عبدالناصر النجار
بقلم : عبدالناصر النجار

الجيش اصطلاحاً مجموعة من الأفراد تلقوا تدريبات عسكرية بشكل جيد للدفاع عن الدولة أو الوطن أو الحفاظ على المصالح القومية، لكنه أيضاً الذراع الحامية للأنظمة في الدول السلطوية، بحيث تصبح حماية النظام واستمراريته أهم من تحقيق تطلعات الشعب ورغباته. مصطلح الجيش لم يعد مقتصراً على الجوانب العسكرية، فهناك استخدامات أخرى لهذا المصطلح في مجالات عدة.. فمثلاً مع تطور وباء "كورونا" بدأ مصطلح الجيش الأبيض ينتشر بسرعة انتشار الوباء.. وأصبحت الطواقم الطبية بفروعها المختلفة ابتداء بالطبيب والممرض وموظفي صيانة الأجهزة الطبية وانتهاء بالعاملين في المستشفيات والمراكز الطبية ومراكز الحجر هي الجيش الجديد الذي أصبح قوة ذات رمزية كبيرة، تقدم له الشعوب والحكومات التحية والتقدير لخوضه معركة مواجهة الوباء المستجد.

هناك أيضاً جيوش جديدة منظمة لخدمة أنظمة وجماعات وأحزاب تعتمد بالأساس على التطور التكنولوجي والتقدم السريع في وسائل الإعلام والاتصال.. وهنا نتحدث عن الجيوش الإلكترونية التي أخدت مسميات كثيرة سلبية وإيجابية، من بينها على سبيل المثال "الذباب الإلكتروني"، وهم مجموعة من الأفراد المنظمين الذين يتلقون التعليمات بشكل هرمي، أي من أعلى السلطة باتجاه القاعدة ويحاولون بثها لخدمة فرد أو حكومة أو حزب أو حتى منظمات أهلية.

ظاهرة الجيوش الإلكترونية جاءت في كثير من الأحيان لتكون بديلاً عن وسائل الإعلام السلطوية البائدة، خاصة في منطقتنا العربية وفي الدول التي لا تزال دون الحد الأدنى من التصنيف الديمقراطي أو تلك الدول التي هي بين السلطوية وبداية السير نحو الديمقراطية. نظريات الإعلام كثيرة ومتغيرة مع تغير الأنظمة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتطور الجارف في عالم المعلومات وتأثير ذلك على وسائل الإعلام.

النظرية السلطوية التي كانت معالمها واضحة مع بداية القرن العشرين ترتكز إلى مجموعة من الخصائص، أهمها أن الحكومة أو السلطة السياسية هي صاحبة الحق المطلق في امتلاك وسائل الإعلام وإصدار التراخيص، واعتبار وسائل الإعلام مكرسة لخدمة النظام السياسي وتقديم المعلومات التي يرغب بها النظام السياسي فيما تحجب أي معلومات لا تخدم الحكومة أو السلطة السياسية، مع وجود الرقابة الكاملة على وسائل الإعلام.

في عالمنا العربي اكتوينا بنار السلطوية منذ منتصف القرن الماضي بشكل حاد وحتى نهاية الثمانينيات عندما حصل تحول جذري في تقنيات وسائل الإعلام وبشكل خاص مع ظهور الفضائيات، بحيث لم تعد الحكومات قادرة على السيطرة على هذه الوسائل أو مراقبتها. لكن الأنظمة القادرة على الدفع أو التي تملك المال قامت بشراء السياسات التحريرية لكثير من الفضائيات الجديدة وأنشأت فضائياتها الخاصة.. وعدنا إلى النفق المظلم نفسه وأصبحت المعلومات المقدمة للمتلقي العربي منتقاة لخدمة الأنظمة والحكومات وكأننا عدنا إلى دائرة السلطوية الإعلامية بوجه مقنع.

مع بداية الألفية الثانية ودخول الإنترنت إلى الواجهة، أصبح كل مواطن قادراً على التعبير عن نفسه أو بمعنى آخر أن يكون مرسلاً ومستقبلاً في آن واحد وصاحب رسالة، في الوقت الذي كان فيه دور المواطن العربي مقتصراً على الاستقبال وتلقي المعلومات فقط.

بسرعة تنبهت الحكومات في منطقتنا العربية إلى الكارثة الجديدة من وجهة نظرها فبدأت البحث عن بديل لتكون المعلومات المتدفقة عبر الإنترنت في صالحها، معتمدة على نظرية قديمة هي نظرية الحقنة أو الرصاصة على اعتبار أن المعلومات المرسلة هي كالحقنة في الوريد يكون تأثيرها سريعاً وقوياً.. باعتقاد من الأنظمة أن المواطن العربي ما زال قاصراً عن التفكير أو تمييز الغث من السمين.

وفي ظل وجود تطبيقات كثيرة أو ما يطلق عليه وسائل التواصل الاجتماعي شكلت الأنظمة المقتدرة جيوشاً إلكترونية ممولة من أجل أن تكون مدافعة عن النظام السياسي، ومانعة لأي نقد يوجه للنظام المراقب لأي معارضة أو حتى إشارات إعلامية تعتبر مسيئة للنظام، من أجل التصدي وحتى الهجوم مباشرة على كل من يحاول التعبير عن رأيه في وجه الحكومة أو قيادة الدولة.

الجيوش الإلكترونية العربية للأسف أصبحت كالجراثيم، غالبيتها تساهم في التفرقة والعنصرية وحتى القبلية الجاهلية وأصبح انتشار هذه الجيوش كالذباب لا فائدة منه. وإن كان قليل منها يساهم في حمل بعض القضايا الإيجابية. إدارات مواقع التواصل الاجتماعي مثل «فيسبوك» و«تويتر» اكتشفت كثيراً من أفراد هذه الجيوش المخترقة للتعليمات أو الخطوط الحمراء التي تعتبر جزءاً من سياستها، وبالتالي بدأت ملاحقة مواقع هذه الذباب والجيوش الإلكترونية التابعة للحكومات دون تفكير، سوى الالتزام بالأوامر القادمة من أعلى الهرم دون النقاش، باعتبار الفرد آلة وليس عقلاً مفكراً، وبالتالي بدأنا نسمع بين وقت وآخر عن حجب وإغلاق آلاف المواقع والصفحات المزيفة التي لا تعبر عن مواطن حقيقي ولكن عن ذراع تابعة لأنظمة هدفها التشويه وخلق رأي عام مؤيد.

قد يهمك أيضا : 

   التوازن المفقود بين عجلة الاقتصاد و"الطوارئ"

  # "ارجع يا سليمان" كوميديا سوداء.. ولكن

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الجيوش الإلكترونية الممولة عن الجيوش الإلكترونية الممولة



GMT 14:39 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

007 بالمؤنث

GMT 14:37 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

هل هي نهاية الخلاف السعودي ـ الأميركي؟

GMT 14:31 2023 الخميس ,09 آذار/ مارس

الجنرال زلزال في سباق أنقرة إلى القصر

GMT 03:38 2023 السبت ,04 آذار/ مارس

في حق مجتمع بكامله

تارا عماد تتألق بإطلالات عصرية ملهمة لطويلات القامة من عاشقات الموضة والأناقة

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تلهم النجمة المصرية تارا عماد متابعاتها العاشقات للموضة بإطلالاتها اليومية الأنيقة التي تعكس ذوقها الراقي في عالم الأزياء، بأسلوب هادئ ومميز، وتحرص تارا على مشاركة متابعيها إطلالاتها اليومية، وأيضا أزياء السهرات التي تعتمدها للتألق في فعاليات الفن والموضة، والتي تناسب طويلات القامة، وهذه لمحات من أناقة النجمة المصرية بأزياء راقية من أشهر الماركات العالمية، والتي تلهمك لإطلالاتك الصباحية والمسائية. تارا عماد بإطلالة حريرية رقيقة كانت النجمة المصرية تارا عماد حاضرة يوم أمس في عرض مجموعة ربيع وصيف 2025 للعبايات لعلامة برونيلو كوتشينيلي، والتي قدمتها الدار في صحراء دبي، وتألقت تارا في تلك الأجواء الصحراوية الساحرة بإطلالة متناغمة برقتها، ولونها النيود المحاكي للكثبان الرملية، وتميز الفستان بتصميم طويل من القماش الحرير...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday