بقلم : غسان زقطان
قد يبدو السؤال ساذجا، ولكنه ضروري، في نقطة ما يصبح الصراع واضحا وتنكشف مكوناته وطرقه، بحيث يصبح الخطاب واللغة رفاهية وثرثرة ومضيعة للوقت القليل، ويتعثر «الانتظار» في سكونه المطلق أمام طريق لا يؤدي إلى جهة. في هذه النقطة تكتسب الأسئلة البسيطة، الساذجة، قوة الاحتجاج المضاعفة.
ما الذي يمنع أن تنشأ حملة حقيقية وطنية لاستعادة منظمة التحرير من منفاها الذي تواصل الغرق فيه منذ توقيع اتفاقية أوسلو، يمكن الحديث عن نزعة التفرد التي هلهلت المنظمة قبل ذلك. ولكن المهمة الآن هي إعادة تنظيف بيت العائلة المهمل، بيت الأب والأم، وسقاية النباتات وحراثة الحديقة وتعشيبها من النباتات الضارة والمتسلقات التي نمت بتوحش في غياب الرعاية.
المزيد من السذاجة سيستدعي السؤال حول لماذا لا تبدأ هذه الحملة من القاعدة، بعيدا عن مساومات الفصائل والتمثيل والمصالحة والأفكار الكبيرة، في إعادة صياغة المنظمات الشعبية التي كانت دائما الذراع القوية للمنظمة، على أسس اكثر معاصرة وحداثة وديمقراطية، وطاقة تمثيلية أكثر اتساعا وشمولا، بعيدا عن الفصائلية والتفرد وفرض الأجندات والشروط ومواصفات الوطنية، وأكثر قربا من الشرائح التي من المفترض أن تمثلها وتتحدث معها وليس باسمها.
ما الذي يمنع السلطة أن تتزحزح قليلا عن صدر أمها المتعب، ما الذي يمنعها أن تعيد للمنظمة ما استولت عليه وأفسدته منذ صبيحة «أوسلو»، بدل التكرار الممل لشرح وتفسير خطورة المرحلة. وبدل التدخل الفج في شؤون المنظمة وتشكيل هيئاتها. لم يعد هناك الكثير من المصالح التي يمكن الاعتداد بها، أو توظيفها أو استثمارها، السلطة نفسها لم تعد قادرة على التقدم، وعليها أن تتراجع، بالضبط أن تتراجع نحو الموقع الذي انطلقت منه، نحو منظمة التحرير وأن تتحصن فيه، الموقع الذي لا تملك سواه الآن.
ما الذي يمنع «فتح» أن تقود مبادرة وطنية تدعو الى إعادة بناء المنظمات الشعبية في منظمة التحرير على أسس من الشراكة الوطنية، هذا مختلف تماما عن «قائمة الوحدة الوطنية» سيئة الذكر، التي عزلت الجسم الأهم ممن هم خارج مظلة الفصائل من المشاركة، وهي شريحة تزداد اتساعا وتأثيرا كل يوم. هذا هو دور «فتح» إذا أرادت أن تنهض وتقود وتصنع التاريخ فعلا.
ثمة سلسلة طويلة من الأسئلة الساذجة التي يمكن طرحها الآن، أسئلة بسيطة ولكنها ضرورية.
قد يهمك أيضا :
أربعة خيول تصعد الطريق
العراك