بقلم :زياد خداش
منذ خمسة وخمسين عاما وأنا أتقن دوري ببراعة الخاسر وألم الساخر، ونهايات الورد، خلقت فقط لأكون صديق الشاب الوسيم، والطالب المتفوق، والرجل الثري، والمرأة التي تحب صديقي. والهارب من التجمعات بعد كل أمسية، والمضحوك عليه من قبل البائعين، لم أكن مرة الأول في أي شيء، لم أكن مرة وسيما ولا متفوقا ولا ثريا.
وأكبر تجمع بشري يمكنني الجلوس معه دون توتر هو شخص ونصف شخص، وتنقصني دوما شجاعة الرد على هجوم الوقحين والساخرين، ولا قوة داخلي للتحديق في عيني محدثي، ولم يحدث مرة وأن نامت امرأة أمام بيتي، أما فكرة الوقوف والتحدث أمام جمهور فهي الرعب كاملا دون تأجيل، لكن هذه الأدوار والمتاهات والاحتقانات منحتني أكثر من الوسامة وقوة البقاء داخل حشد والتحديق في العيون وشجاعة المواجهة وجمال الكلام والثراء والتفوق:
قوة الحلم، رهافة التأمل، متعة الانتظار، بهجة التوغل في جوهر الإنسان، سعادة الخسارة الغامضة، شغف النقصان المبدع ولذة الانغماس مع الكتب والموسيقى والعتمة، والحوار المفيد مع الدمعة، وصفاء ذاكرة الطفولة.
ولا أظن أن شخصا وسيما ما زال يحلم مثلي منذ سنوات طويلة بامرأة هائلة تنتظره باكية في سيارتها على أطراف مدينة أريحا، فالوسيمون لا يحلمون، أما الأثرياء فلا وقت لديهم للتأمل، فيما المتفوقون لا يتوغلون في الأشياء، وملوك الكلام لا يسألون، ولا يملك الشجعان طاقة التذكر.
شكراً للرب، شكراً للرب.
قد يهمك أيضا :
رسالة من رقم مجهول
حب غريب في القدس