موسكو وواشنطن ولعبة سباق التسلح
آخر تحديث GMT 15:59:33
 فلسطين اليوم -

موسكو وواشنطن ولعبة سباق التسلح

 فلسطين اليوم -

موسكو وواشنطن ولعبة سباق التسلح

بقلم: هاني عوكل

يبدو أن العالم سيشهد ارتفاع وتيرة سباق التسلح بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، على خلفية قرار الأولى الانسحاب من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، تبعها تعليق موسكو هذه الاتفاقية والرد على القرار الأميركي بتطوير الصواريخ النووية قصيرة ومتوسطة المدى.
قبل هذا القرار كان الرئيس دونالد ترامب يدعو جهاراً نهاراً إلى انسحاب بلاده من هذه المعاهدة التي وقعها كل من الرئيسين الأميركي الأسبق رونالد ريغان والسوفييتي الأسبق ميخائيل غورباتشوف العام 1987، والتي فرملت من حدة المشاحنات بين البلدين، يشمل ذلك بطبيعة الحال سباق التسلح الذي كان سائداً بينهما في ذلك الوقت.
ما الذي جعل الولايات المتحدة الأميركية تنسحب من هذه المعاهدة وهل هي ماضية بالفعل لتطوير قدراتها الصاروخية النووية متوسطة المدى؟
أولاً: ترى واشنطن أن هذه المعاهدة قديمة ومُكبّلة تجاه تطوير أنظمتها الصاروخية النووية.
ثانياً: هناك اعتقاد سائد في الدوائر الأمنية والعسكرية الأميركية بأن موسكو تتفوق على واشنطن في أنظمة الصواريخ النووية التكتيكية، ولذلك فإن انسحابها – واشنطن - من المعاهدة قد يدفعها إلى تطوير هذه الأسلحة والتفوق على روسيا.
ثالثاً: تُحمّل واشنطن روسيا مسؤولية إفشال هذه المعاهدة، على اعتبار أن موسكو صنّعت نظاماً صاروخياً يسمى (9M729)، غير أن روسيا تقول إن نطاق الصاروخ يقع ضمن حدود (INF) أي معاهدة القوى النووية متوسطة المدى وأنها لم تخرق المعاهدة.
رابعاً: والأهم في هذا الإطار أن المعاهدة المذكورة أعلاه تشمل فقط واشنطن وموسكو، ولذلك هناك دول مثل الصين تمضي في امتلاك أسلحة نووية متوسطة وقصيرة المدى، وهذا الأمر يقلق واشنطن التي ترغب في الخروج من هذه المعاهدة.
أكثر الدول رعباً من إجهاض (INF) هي أوروبا التي تربطها توترات مع الجار الروسي، ذلك أن معاهدة القوى النووية متوسطة المدى التي مضى عليها أكثر من 30 عاماً، جاءت نتيجةً للحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي آنذاك، ونصب الأخير صواريخ نووية من طراز "اس اس 20" صوب دول أوروبا الغربية.
بطبيعة الحال يرغب الأوروبيون في بقاء هذه المعاهدة سارية، والأهم ضبط مسألة التسلح النووي والتركيز أكثر على الصواريخ الروسية متوسطة وقصيرة المدى، غير أن انسحاب واشنطن من هذه المعاهدة دفع بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى إعلان تطوير صواريخ نووية جديدة.
بوتين قال إن بلاده لا تريد خرق المعاهدة، لكنها ستمضي في تطوير قدراتها النووية الصاروخية في حال خرقتها واشنطن، ولذلك يعتبر الرئيس الروسي أن الانسحاب الأميركي منها بمثابة عودة سباق التسلح النووي وإعادة تحديث أنظمة صاروخية.
بعض العسكريين الأميركيين أخذوا على ترامب إعلان الانسحاب من (INF) باعتبار أنه قدم فرصةً لبوتين لتعديل أنظمته الصاروخية وإدخال أخرى جديدة إلى الخدمة، واعتبروا أن الأولى للرئيس الأميركي تعديل المعاهدة لا تمزيقها.
ولا أحد من المتابعين للمشهد الروسي يختلف على أن لبوتين مشروعاً لتطوير الأسلحة الروسية، وأنه عاكف الآن على تعديل صاروخ كروز "كاليبر" البحري على غرار صواريخ توما هوك الأميركية، بحيث تكون النسخة المتطورة من هذا الصاروخ أرضية يتجاوز فيها سرعة الصوت بالإضافة إلى قدرته على قطع مسافات أطول.
الحديث الروسي الحالي يجري حول تعديل صواريخ "كاليبر" وفي نفس الوقت إنتاج صاروخ يفوق سرعة الصوت خمس مرات وعلى أن يدخلا الخدمة قبل العام 2021، في وقت تواصل فيه موسكو اختبار قدراتها العسكرية وإدخال أنظمة جديدة إلى الخدمة العسكرية.
قبل فسخ هذه المعاهدة لم يهدأ سباق التسلح بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، بدليل تفوقهما على كل دول العالم من حيث بيع الأسلحة والتفاخر بتطوير ترسانتهما العسكرية، ولا يتعلق هذا السباق بهما فقط، بل هناك العديد من الدول ماضية في تحديث وتوسيع نشاطاتها العسكرية.
حتى أنهما تنشران أنظمة صواريخ في مناطق كثيرة حول العالم، مثل نشر واشنطن منظومة "إيجيس" المضادة للصواريخ غرب وشرق روسيا في المحيط الهادي، وكذلك نشر موسكو منظومة "اس اس سي 8" التي يصل مداها 500 كيلومتر في مناطق متفرقة من غرب سوريا وفي شبه جزيرة القرم على سبيل المثال.
غير أن وضع المعاهدة على الرف والإعلان الرسمي والتسابق لإنتاج صواريخ نووية متوسطة وقصيرة المدى من 500 إلى 5500 كيلومتر، قد يعيد أجواء الحرب الباردة والتوتر الشديد بين الشرق والغرب كما كان سائداً بعد الحرب العالمية الثانية.
الملاحظ في عالم اليوم أن أغلب دول العالم تسعى إلى زيادة إنفاقها العسكري، وهو في زيادة سنوية حيث وصل الإنفاق العالمي العام 2017 حوالى 1.64 تريليون دولار، ما يعني أن العالم يمثل سوقاً للسلاح والسباق المحموم نحو التسلح.
مع ذلك فإنه من الصعب القول إن العالم سيشهد حرباً شاملة بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا على خلفية إلغاء معاهدة القوى النووية متوسطة المدى، لاعتبارات كثيرة لعل أهمها تداعيات الحرب على الدولتين وحجم الكلف الكبيرة المترتبة عليها.
في الحرب الشاملة خصوصاً بين الدول النووية الكبرى لا يوجد منتصر ومهزوم، بل توجد خسائر بشرية ومادية هائلة، ولذلك نعم هناك بالفعل سباق تسلح وحرب باردة وحروب بالوكالة بين الدول الكبرى لكنها ليست على أرضها.
لا يزال هناك وقت لكل من الولايات المتحدة وروسيا للعودة عن موقفهما في إطار مهلة الستة أشهر المترتبة على الخروج الحقيقي من معاهدة (INF). 
غير أن السؤال المطروح هنا: ما قيمة هذه المعاهدة بعد أكثر من 30 عاماً عليها والعالم لم يعش يوماً في طمأنينة وسلام.
المعاهدة تتطرق إلى نوع محدد من الصواريخ لجهة عدم تصنيعها أو التلويح بها ضد الجيران والأعداء، بينما هناك ما يزيد على 16 ألف رأس نووي تمتلكها واشنطن وموسكو ولم تتلف بل على العكس ثمة سباق لزيادة الترسانة النووية وتطوير الأسلحة الاستراتيجية.
الخلاصة أن الطلاق من المعاهدة يعني زيادة سباق التسلح وهو سباق يدخل فيه الصغير والكبير من دول العالم.
أما الوطن العربي فليس له دخل في هذا الموضوع، كون دوله نامية غير صناعية ومن أكثر بلدان العالم استيراداً وتخزيناً للسلاح. 

 

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

موسكو وواشنطن ولعبة سباق التسلح موسكو وواشنطن ولعبة سباق التسلح



GMT 22:40 2024 السبت ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

ترمب... وما ورائيات الفوز الكبير

GMT 21:38 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

سيمافور المحطة!

GMT 21:36 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

يراها فاروق حسنى

GMT 21:34 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

«بكين» هل تنهي نزاع 40 عاماً؟ (2)

GMT 21:32 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

ماذا حل بالثمانيتين معاً؟

إطلالات هند صبري تلهم المرأة العصرية بأناقتها ورقيها

القاهرة ـ فلسطين اليوم
تعَد هند صبري واحدة من أبرز نجمات العالم العربي، التي طالما خطفت الأنظار ليس فقط بموهبتها السينمائية الاستثنائية؛ بل أيضاً بأسلوبها الفريد والمميز في عالم الموضة والأزياء. وفي يوم ميلادها، لا يمكننا إلا أن نحتفل بأناقتها وإطلالاتها التي طالما كانت مصدر إلهام للكثير من النساء؛ فهي تحرص على الظهور بإطلالات شرقية تعكس طابعها وتراثها، وفي نفس الوقت، تواكب صيحات الموضة بما يتناسب مع ذوقها الخاص ويعكس شخصيتها. إطلالة هند صبري في مهرجان الجونة 2024 نبدأ إطلالات هند صبري مع هذا الفستان الأنيق الذي اختارته لحضور مهرجان الجونة 2024، والذي تميّز بأناقة وأنوثة بفضل قَصته المستوحاة من حورية البحر، مع زخارف تزيّنه وتذكّرنا بقشور السمك. وهو من توقيع المصممة سهى مراد، وقد زاد سحراً مع الوشاح الطويل باللون الرمادي اللامع وبقماش الساتان، ال...المزيد

GMT 12:11 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 فلسطين اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 06:02 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

لا تتهوّر في اتخاذ قرار أو توقيع عقد

GMT 13:42 2020 الجمعة ,03 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 19:16 2020 الإثنين ,04 أيار / مايو

ينعشك هذا اليوم ويجعلك مقبلاً على الحياة

GMT 14:22 2020 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج الحمل الإثنين 26 أكتوبر/تشرين الثاني 2020

GMT 07:37 2019 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

تفتقد الحماسة والقدرة على المتابعة

GMT 07:39 2019 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

تعيش أجواء مهمة في حياتك المهنية والعاطفية

GMT 22:52 2023 الإثنين ,13 آذار/ مارس

هيفاء وهبي تتألّق بفستان مرصع بالكريستال

GMT 01:41 2020 الأربعاء ,08 تموز / يوليو

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:58 2020 الخميس ,04 حزيران / يونيو

تعيش ظروفاً جميلة وداعمة من الزملاء

GMT 18:41 2019 الأربعاء ,13 شباط / فبراير

أميركا توسع قائمة العقوبات ضد إيران

GMT 21:49 2017 الإثنين ,11 كانون الأول / ديسمبر

انتقال النسخة الـ23 من بطولة كأس الخليج إلى الكويت

GMT 16:12 2016 الخميس ,30 حزيران / يونيو

أجنحة الدجاج بالليمون والعسل

GMT 09:12 2017 الأربعاء ,04 تشرين الأول / أكتوبر

استبعاد تاج محل من كتيب السياحة الهندي يُثير السخرية
 
palestinetoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

palestinetoday palestinetoday palestinetoday palestinetoday