سلوفاكيا - فلسطين اليوم
دخلت سلوفاكيا في أجواء الانتخابات البرلمانية المقبلة، المزمع إجراؤها في شهر مارس القادم، وبدأت تداعيات الصراع الانتخابي بين الأحزاب المختلفة في الظهور على سطح المشهد السياسي في سلوفاكيا، مع شروع الأحزاب والقوى السياسية في التركيز على القضايا الجماهيرية الحساسة لتحقيق غايات ومكاسب انتخابية، حيث جاءت قضية اللاجئين السوريين على قائمة الملفات الهامة، التي يركز عليها حزب الاجتماعي الديمقراطي الحاكم "سيميير"، برئاسة روبرت فيستو، رئيس الحكومة الحالية، الذي يعول بشكل كبير على موقفه الرافض لإيواء اللاجئين المسلمين للاحتفاظ بموقعه كرئيس للحكومة الجديدة.
ويبرز في هذا الإطار استغلال رئيس الحكومة، روبرت فيتسو، للاعتداءات التي وقعت مؤخراً أثناء احتفالات رأس السنة على سيدات ألمانيات من قبل لاجئين ومهاجرين أجانب، في الإعلان عن مواقف معادية أكثر تشدداً إزاء استقبال وإيواء اللاجئين المسلمين في سلوفاكيا، مؤكداً أن حكومته : "لن تقبل بعد اليوم لاجئين أو مهاجرين لا بشكل طوعي ولا اجباري"، وتذرع فيتسو بأن حكومته لا تريد أن يتكرر في سلوفاكيا ما حدث في ألمانيا، لافتاً إلى خطر التحرش بالنساء السلوفاكيات في الأماكن العامة، معتبراً أن ما جرى في ألمانيا من اعتداءات على السيدات كان بسبب الهجرة غير المنظمة إلى أوروبا، وذهب فيتسو إلى ما هو أبعد من ذلك عندما أعلن أن حكومته لن تمول مستقبلاً أية مساعدات تخصص لحل أزمة اللاجئين في إطار التعاون مع الصناديق الدولية، بما فيها صندوق الغذاء العالمي، مشدداً على أن سلوفاكيا ستقدم فقط مستقبلاً المساعدات المالية التي تعزز حماية حدود منطقة "شينجن"، واعتبر من جانبه أن فكرة قيام أوروبا المتعددة ثقافياً قد اخفقت، واصفاً هذا التوجه بأنه: "وهم غير قابل للتحقيق"، كما أكد أن بلاده تصر على رفضها لقبول اللاجئين، الذين ينتمون إلى وسط ثقافي مختلف، بحسب تعبير رئيس الحكومة.
وتعد حكومة سلوفاكيا الحالية من أشد حكومات دول أوروبا الشرقية عداءً للاجئين السوريين المسلمين، حيث يرفض رئيس الحكومة بشكل قاطع وصريح استقبال اللاجئين المسلمين في سلوفاكيا، ويرفض كذلك العمل بنظام محاصصة اللاجئين، الذي أقره وزراء داخلية دول الاتحاد الأوروبي، وذلك حتى لا يتسرب اللاجئين السوريين المسلمين إلى سلوفاكيا، وفي المقابل منحت الحكومة السلوفاكية حق اللجوء لـ 169 مهاجر مسيحي بينهم 149 من العراقيين المسيحيين الاشوريين، حيث يوافق رئيس الوزراء على إيواء اللاجئين المسيحيين فقط بشكل طوعي، مؤكدا ًأن الحكومة لن تتخذ أي قرار من شأنه أن يساعد على إنشاء جالية إسلامية في سلوفاكيا، معتبراً أنه الطريق الوحيد لتحييد الأخطار، بناءً على قناعته بأن الأفراد الذين لديهم تقاليد وأديان مختلفة يصعب دمجهم في المجتمع السلوفاكي، مستفيداً في هذا السياق من تداعيات الاعتداءات الإرهابية التي وقعت مؤخراً في باريس، وما تعرضت له النساء الألمانيات في مدينتي كولين وهامبورغ، محذراً المواطنين والسياسيين من الاستخفاف بالمخاطر الامنية ذات الصلة بالهجرة.
وفي ذات السياق عقد رئيس الحكومة مؤخراً مؤتمراً صحفياً، كشف فيه النقاب عن توجيه رسالة إلى كل من رئيس الاتحاد الأوروبي، دونالد توسك، ورئيس المفوضية الأوربية، جان كلود يونكر، دعاهما فيها إلى التفكير في عقد قمة أوروبية عاجلة على ضوء الاعتداءات، التي تعرضت لها نساء في عدة دول أوروبية، مشيراً إلى أن هدف الاجتماع هو الإسراع بتشكيل حرس حدود وسواحل لحماية منطقة شينجن، معتبراً أنه لا يمكن الاستمرار في الالتزام بنفس المواعيد المقررة سابقاً في هذا الصدد، في إشارة إلى وجود نية أوروبية إزاء إنشاء قوة لحراسة حدود الاتحاد الأوروبي حتى حلول الخريف القادم، واصفاً ما جرى في مدينة كولن الألمانية، وفي مدن أخرى بأنه تطور جدي يهدد بحدوث توترات في المجتمعات الأوروبية.
وبحسب رئيس وزراء سلوفاكيا تكمن المشكلة الأكبر، التي مازالت تهدد الاتحاد الأوروبي، في استمرار تدفق المهاجرين بشكل غير منظم من شرق تركيا عبر اليونان إلى الدول الأوروبية، مؤكداً أن الأمر يحمل في طياته مخاطر أمنية، وعزا فيتسو السبب الرئيس في تراجع عدد اللاجئين خلال الوقت الراهن إلى الطقس السيئ وليس إلى إجراءات الاتحاد الأوروبي، منبهاً إلى دخول من ألف إلى خمسة آلاف مهاجر يومياً إلى أوروبا، معتبراً أنه رقم غير مقبول وسيرتفع مرة أخرى مع تحسن الطقس وحلول فصل الربيع المقبل.
وفي المقابل انتقد رئيس حزب "الحركة المسيحية الديمقراطية"، يان فيجيل، الخطاب المتشدد الذي يتبناه رئيس الحكومة روبرت فيتسو ضد اللاجئين، بسبب أحداث وقعت خارج سلوفاكيا، معتبراً أن التصريحات الصادرة عن رئيس الوزراء في هذا الشأن تأتي لخدمة أغراض انتخابية بحتة، مؤكداً : "إذا كان هناك تهديد ارهابي يطال البلاد فهو يكمن في معتقلي معسكر غوانتانانو، الذين وافق فيتسو على إيوائهم في سلوفاكيا، لكي يستطيع دخول البيت الابيض"، بحسب تعبير رئيس الحزب في حديث أدلى به إلى قناة "تي ايه 3" التليفزيونية، اتهم فيه الحكومة باستغلال موجة الهجرة والتهديدات الأمنية في التغطية على قضايا محلية، واعتبر رئيس الحزب المعارض أن الخيار البديل أمام الحكومة الحالية، التي يقودها حزب رئيس الحكومة بشكل منفرد، هو تشكيل ائتلاف مستقر يضم حزب الحركة المسيحية وحزب "موست ــ هيد" وحزب "سييت".
وإلى ذلك يأتي التصريح الذي أدلى به مؤخراً رئيس الجمعية الإسلامية في سلوفاكيا محمد صفوان، معبراً عن معاناة المسلمين في سلوفاكيا خلال الوقت الراهن، حيث يؤكد صفوان أن المسلمين يواجهون حالياً أوقاتاً صعبة في سلوفاكيا، بسبب التصريحات المتكررة المعادية للإسلام والربط بين المسلمين الذين يعيشون في سلوفاكيا ومشكلة تدفق اللاجئين إلى أوروبا وأبعادها المختلفة، لافتاً إلى اعتبار شخصيات سياسية رفيعة المستوى أن المسلمين في سلوفاكيا يمثلون طابوراً خامساً يهدد الدولة.
نقلا عن أ.ش.أ
أرسل تعليقك