مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى للعدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة، أجرت صحيفة "معاريف" العبرية لقاءً مع قادة كتيبة الاستطلاع في لواء جولاني، والذين اشتركوا في الاشتباكات في حي الشجاعية شرقي غزة.
ودخلت قوات برية من جيش الاحتلال "الإسرائيلي" لأحياء الشجاعية والتفاح شرقي مدينة غزة ليلة 20 تموز(يوليو) 2014، وجوبهت بمقاومة عنيفة أدت لمقتل عددًا من الجنود وإصابة آخرين، وأسرت كتائب القسام الجندي أورون شاؤول.
وتحدث قائد إحدى المجموعات في الكتيبة عن تجربته في حي الشجاعية، وذكر "شعرت وكأنني دخلت لعبة حاسوب، بدا وكأنهم ألقونا في المجهول، والآن يتوجب علينا تدبر أنفسنا، لم نصدق ما يجري ووقفت أنا وجندي آخر خارج ناقلة النمر، وضحكنا وبعد عدة دقائق فقط، علما أننا لسنا في تدريب وأننا وصلنا للمواجهة الحقيقية".
وبين قائد مجموعة في كتيبة الاستطلاع في جولاني الرقيب أول "رونين سروسي" في معرض شهادته على الساعات الأولى لمحاولة دخول الجيش إلى حي الشجاعية، "من الصعب استيعاب الساعات الخمس الأولى من المعركة والتي مررنا بها مع دخول غزة، فالبيت الأول كان مفخخًا ويتحصن فيه مقاوم، والبناية الثانية انهارت على ناقلة النمر، وقريبًا منها قتل جنديان من الفصيل، وبعد عدة دقائق تم شل قيادة اللواء بعد إصابة قائد اللواء بجراح خطرة، وقتل نائبه وضابط العمليات".
وأضاف، "في حين تلقت ناقلة النمر وهي في طريقها لمساعدتهم إصابة مباشرة من قذيفة هاون وقتل جندي آخر من الفصيل، ولكن الحظ كان مع 25 من طاقم الفصيل، الذين سقطت عليهم قذيفة وبأعجوبة لم تنفجر، وبعدها نجحوا في الانسحاب من البيت المفخخ قبل لحظات من تحوله إلى رماد".
وتحدث ضباط طاقم "زغوري" في كتيبة الاستطلاع في جولاني عن مشاهداتهم في الشجاعية،" قام مخلوف بإطلاق النار على أحد البيوت القريبة، وأردنا اقتحامه، وعندها سمع انفجار هائل فقد كان المبنى مفخخًا واهتزت ناقلة النمر من شدة الانفجار وتعطلت كاميراتها".
وواصل حديثه، "طارت كتل كبيرة من الباطون في الهواء ومسح البيت عن الوجود، ووصلتنا نيران القناصة من كل زاوية، وسمعت عبر جهاز الاتصال أن أحد المسلحين تمكن من الوصول إلى طاقم مستجد في الفصيل ونجح بقتل الجنديين "عوز مندلوفيتش وجلعاد روزنطال".
وبعدها هربت مجموعة من الجنود باتجاه البيت الآخر الذي شهد مقتل الجنديين، وعلى المدخل رأوا بركًا من الدماء.
ويتابع سروسي، "رأيت الجنود مصدومين وعندها كلفناهم ببعض المهام لإنعاشهم ورفع معنوياتهم، وطلبت من بعضهم حماية النوافذ وأرسلنا آخرين لإحضار العتاد، وطلبنا من آخرين الجلوس بجانب الجرحى والتحدث معهم حتى لا يناموا".
وعندها تدخل قائد الطاقم "زغوري" للمحادثة قائلاً "إن الفريق واصل عمله على الرغم من كل المصاعب حتى بعد أن سمع في جهاز الاتصال أن غرفة العمليات التي أقيمت في البيت القريب تم استهدافها بقذيفة RPG، وأصيب قائد الكتيبة روعي بجراح خطرة، ونائبه تسفرير وضابط العمليات تسفيكا كافلن قتلوا، واضطر قائد الفصيل إلى تغيير القيادة وأنا شغلت مكانه".
ولم تنته بذلك المعارك بحسب زغوري، فتلقى أحد ضباط الطاقم ويدعى "مخلوف" الأمر بالتوجه مع 8 من جنوده وناقلة نمر لإنقاذ الجرحى، ووصف ما جرى معه، " فتحت الطريق وطلبت من جنديين التغطية على الباقين في الخارج، وقفت ورأسي خارج الناقلة وعندها سمعت انفجارًا هائلًا، وتلقت الناقلة إصابة مباشرة وتم تفعيل نظام الإطفاء فيها وامتلأ المكان بالدخان الأبيض".
ويتابع، "سمعت صراخًا وعندها تأكدت من وجود مصابين، وبعدها صعدت على الناقلة وسحبت الجرحى مع رفيقي سروسي وسحبناهم من جعبهم إلى داخل أحد المباني، وبعد أن قمت بإحصاء جنودي وجدت أن أحدهم مفقود، وكان ذلك "موشي مالكو"، قال لي أحد الجنود إن مالكوا انتهى أمره ولكنني لم استوعب ذلك وكان من الواضح أننا ذاهبون لإنقاذه".
وواصل زغوري شهادته على معركة الشجاعية، "رشقات الهاون كانت جنونية وبدأنا بحساب وقت سقوطها، سقوط وانفجار كل 5 ثواني وبعدها انفجار آخر، ركضت مع جندي آخر إلى النمر وزحفت تحتها وعندما وصلت للشارع رأيت رجل مالكو وقمت بسحبه إليّ قليلاً وضمدت جرحه، وبعدها سحبته أكثر ورأيت أنه لا يوجد ما ننقذه، وبعدها أدخلت مالكو للنمر خشية محاولة المقاومين خطف جثته وزحفنا عائدين إلى المبنى وطلبت من جنديين البقاء قرب النافذة للتغطية على ناقلة النمر وعلى مالكو".
واعترف زغوري أن العدوان لم يكن نزهة، " أتذكر أنني نظرت حينها إلى يهودا وهو أحد جنودي وفهمنا حينها أننا كنا متخلفين عندما اعتقدنا أن الجرف الصامد ستكون كمخيم صيفي، ولكن الناس قتلوا هنا، واستوعبنا أننا نعيش 5 ساعات في جهنم، فلم تتوقف قذائف الهاون من السقوط على المبنى الذي تواجدنا فيه حتى سقط بعض السقف على الجنود".
وأردف، "وفيما بعد سقطت قذيفة أمام المبنى المتواجدين فيه دون أن تنفجر وتحول ذلك المبنى إلى فخ كبير، فمن جهة لم تتوقف "حماس" عن إمطاره بالهاون ومن جهة أخرى هنالك قذيفة على المدخل لا نعرف متى ستنفجر وبعد عدة دقائق أحاط الجنود القذيفة بالسواتر خشية انفجارها".
وأضاف، "في ساعات الظهيرة وصلت قوة جديدة من جولاني ونقلت القتلى والجرحى وعندها مكث طاقم زغوري في زاوية إحدى الغرف واستمع إلى الموسيقى الحزينة".
وبين مخلوف أن الشجاعية مثلت تحديًا كبيرًا، فالقتال هناك كان معدًا للنجاة فقط، في حين رفض قائدهم السماح لهم بسماع الراديو عدا مرتين في اليوم حتى لا يفقدوا الروح المعنوية، في حين علموا بما جرى بناقلة الشجاعية بعد أسبوع.
وتحدث زغوري عن دخولهم لأحد المباني في الحي حيث فتحت عليهم النيران من غرفة مجاورة وتسرب الغاز في المبنى وهرب زغوري وجنوده من المبنى على عجل وخرجوا جريًا قبل أن ينفجر المبنى بالكامل.
وفيما يتعلق بحادثة انفجار ناقلة الجند ومقتل 6 جنود على متنها واختطاف سابع بين زغوري أنه شاهد كرة لهب مشتعلة من بعيد، وتحدثوا له بعدها عن الكارثة التي كانت هناك.
أرسل تعليقك