بيت لحم - فلسطين اليوم
يتخذ حزب التحرير الاسلامي مواقف متعددة أزاء جملة من الأحداث والتطورات في فلسطين والعالم، من أبرزها الهبة الجماهيرية التي تجتاح الضفة الغربية، والموقف من تنظيم السلطة وحماس و"داعش" وأيضا التحالفات الدولية والإقليمية الجديدة.
معا للوقوف على إجابة هذه التساؤلات وغيرها حاورت عضو المكتب الاعلامي لحزب التحرير في فلسطين الدكتور مصعب أبو عرقوب، وفيما يلي نص الحوار:
س- ما هو موقف حزب التحرير من الهبة الجماهيرية الحالية؟ وهل يدعمها أو يشارك فيها؟ وما هو السقف الذي تؤيدون المشاركة في اطاره؟
ج- الهبة الجماهيرية هي هبة شعبية في وجه المحتل لفلسطين والذي يواصل تدنيس مقدسات المسلمين متحديا مشاعر الأمة وأبنائها، ومطمئنا في ذلك إلى المعاهدات والاتفاقيات والدور الذي يلعبه الحكام والسلطة في حماية كيانهم، إذ جاءت هذه الهبة لتعبر عن حالة الانفصام بين الأمة والحكام، ولتكشف عن أنّ اتفاقيات السلام والتطبيع بين اليهود من جانب وبين الحكام والسلطة الفلسطينية من جانب أخر لا تمثل أهل فلسطين ولا تعكس تطلعاتهم التي نرى أنّ حدودها تحرير كامل فلسطين من الاحتلال.
وهنا جاء دورنا في توجيه البوصلة وتركيز الوعي لدى أهل فلسطين بضرورة أن تتحرك جيوش المسلمين؛ من أجل تحرير فلسطين، وطرد اليهود من الأرض المباركة فلسطين، لتحقق بذلك آمال وطموحات أهل فلسطين.
س- ما هو موقفكم من عمليات الدهس والطعن؟
ج- من الأمور التي نعمل على تركيزها في أذهان أهل فلسطين والأمة أنّ الطريق العملي والشرعي لتحرير فلسطين من الاحتلال هو من خلال تحريك جيوش المسلمين بإمكانياتها الضخمة للجهاد من أجل تحرير فلسطين.
ولذلك ندعو أهل فلسطين إلى أن تنصّب الجهود وترتفع أصواتهم بمناداة الجيوش لتتحرك من أجل نصرة فلسطين والمسجد الأقصى المبارك، فالأعمال الفردية من شأنها أن تزعج وتؤلم الاحتلال ولكنها لن تكفي لتحقيق التحرير المطلوب.
س- أين شباب حزب التحرير اليوم مما يحدث من اقتحامات متكررة يقودها المستوطنون للمسجد الاقصى؟
ج- نحن نرابط في المسجد الأقصى بشكل دائم جنبا إلى جنب مع إخواننا في القدس، ونشاطاتنا فيه أكثر من أن تحصى، وفي نفس الوقت نرى أن التصدي للاحتلال واقتحاماته المتكررة للمسجد الأقصى، وكل الانتهاكات والجرائم التي يرتكبها، يكون من خلال العمل الجدي والحثيث من أجل خلع هذا الاحتلال وإنهائه.
فمشكلتنا في فلسطين مع الاحتلال مشكلة وجودية وأصيلة وليست طارئة أو تتعلق ببعض الممارسات دون غيرها، ولذلك نحن نعُد الخطا ونواصل المسير نحو إقامة الخلافة التي من شأنها تحرير فلسطين من الاحتلال، وندعو المخلصين في الأمة إلى ضرورة العمل على تحريك الجيوش وإقامة الخلافة التي ستنهي الاحتلال.
ونحن الوحيدون الذين يملكون مشروعاً كاملاً وشرعياً وقابلاً للتنفيذ من أجل نصرة المسجد الأقصى وتحرير فلسطين.
س- ما هو موقفكم من الانقسام الفلسطيني؟
ج- الانقسام على مستوى الشارع أمر غير موجود، بل هو على مستوى قادة الفصائل والحركات للاختلاف في المشارب والولاءات والبرامج، وهذا لا يعبر عن أهل فلسطين، وكذلك أطروحات الوحدة لا تعبر عن تطلعات أهل فلسطين، لأنّ الحديث يدور حول أسس غير شرعية وتمس ثوابت الأمة والتحرير.
والحاصل أنّه يجري استغلال عذابات أهل فلسطين، ومفردات الوحدة المحببة إلى النفوس من أجل محاولة تمرير مؤامرات على أهل فلسطين تصب في مصلحة الاحتلال، من خلال تركيع أهل فلسطين وتسخير المخرجات لخدمة الاحتلال.
س- ما هي نظرتكم لحماس ونهجها كسلطة؟
ج- نحن حذرنا حماس من الالتحاق والسير على خطا حركة فتح بالولوج إلى سلطة تحت الاحتلال، من شأنها أن تضفي الشرعية على الاحتلال.
ونحن نرفض أي معاهدة او اتفاقية مع الاحتلال؛ لأنها محرمة وتضفي الشرعية على الاحتلال. ونرى في القبول بدولة على حدود ال 67 جريمة بغض النظر عن من يصدر هذا القبول.
س- كيف يمارس الحزب نشاطاته في الضفة وغزة، وهل تتعرضون لملاحقات من أي جهة كانت؟
ج- لا شك أننا نتعرض لمضايقات عديدة من قبل سلطتي رام الله وغزة، فهما لا تتيحان لنا العمل بحرية، وتحاولان منع نشاطاتنا بالقوة، من خلال إغلاق الأماكن العامة أمامنا أو تهديد ومنع الصالات من استضافة ندواتنا.
ووصلت الأمور إلى درجة تحويل ساحات كان من المفترض أن تحتضن مؤتمرات لنا إلى ثكنات عسكرية من قبل سلطة رام الله. هذا فضلا عن الاعتقالات التي تُمارس بحق شبابنا بين
الفينة والأخرى.
وهناك ضغوطات كبيرة على الإعلام لتجاهل نشاطاتنا، هذا وتحاول السلطتان الحد إلى درجة كبيرة من نشاطاتنا الجماهيرية، ولكن نحن بإصرارنا على العمل والبقاء نواصل مسيرتنا السياسية الفكرية بحسب المتاح وبكامل طاقتنا.
س- يؤخذ على حزب التحرير غالباً أنه لا ينتهج المقاومة المسلحة أو العنيفة للتغيير ما قد يدخله في نظرية "القول دون الفعل"؟ كيف توضح ذلك؟
ج- لقد حدد الحزب لنفسه غاية وطريقة واضحتين منذ اللحظة الأولى لنشأته، فغاية الحزب هي استئناف حياة إسلامية بإقامة خلافة إسلامية، وطريقته هي طريقة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التي سلكها لإقامة الدولة الإسلامية الأولى في التاريخ، وهذا الطريقة هي فكرية سياسية بامتياز، لا يتخللها العمل المادي ولا العنف، وهذا أمر نتعبد به الله سبحانه وتعالى، وكلنا ثقة بنجاعتها وقدرتها على تحقيق الغاية التي انشأناها من أجلها.
س- ما هو موقفكم من تنظيم الدولة الاسلامية "داعش"؟
ج- لقد أصدر الحزب في جواب سؤال لأميره العالِم الجليل عطاء بن خليل أبو الرشتة، رأيه في الخلافة المزعومة لتنظيم الدولة منذ البداية، وتلخص في أنّها لغو لا قيمة له شرعا، فهي تفتقر إلى المقومات الشرعية لدولة الخلافة، ولذلك فالأمة في حل من أمرها من البيعة.
وسلط الحزب الضوء على التوقيت المريب الذي جاء فيه إعلان الخلافة من قبل تنظيم الدولة والذي جاء بالتزامن مع تعالي الأصوات المنادية بالخلافة الحقيقية في الشام واستعصاء الشام على التركيع.
ونحن نعمل بأقصى طاقة لإقامة الخلافة على منهاج النبوة التي تحكم الناس بالعدل، ولا تظلم أحداً، وتعطي الناس حقوقهم على اختلاف أعراقهم وأديناهم، فتكون خلافة عدل ورحمة.
س- هناك من يرى أن داعش يشكل بديلا لحزب التحرير كونه يقوم على مبدأ الخلافة لحكم الدولة؟
ج- لو كنا نرى في تنظيم الدولة بديلا عن الحزب لأصبحنا من اتباعه، فليست المسألة في مجرد أن يخرج فصيل أو تنظيم ينادي بالخلافة، بل الأمر يتوقف على كامل الأطروحة وأسس العمل وضوابطه الشرعية، وهذا ما لا يجعل هناك مجالا للمقارنة بين دعوة وفكرة حزب التحرير وبين تنظيم الدولة.
س- ما هو موقف الحزب من الاحداث الاقليمية المحيطة بنا وخاصة في سوريا واليمن؟
ج- يدرك الحزب أنّ اللاعب والمحرك للأحداث في المنطقة إنما هو الغرب، فالغرب وبقيادة أمريكا هو من جمع التحالف الصليبي، والتحالف الإسلامي العسكري الذي تترأسه السعودية، وأمريكا هي من قادت تحالف عاصفة الحزم للدخول إلى اليمن؛ وذلك من أجل ضمان مصالح الغرب في المنطقة.
فأمريكا لا تريد لسوريا أن تنعتق من التبعية لها، وهي تسعى لأن تتمكن من استبدال عميل بعميل مع الحفاظ على مصالحها ومكتسباتها في الشام، وهي تحارب مشروع الخلافة على منهاج النبوة الذي بات مطلبا لأهل الشام ولذلك سمحت لروسيا بالتدخل، ودفعت إيران وحزبها لمساندة النظام حتى تتمكن من إجبار الثوار على القبول بالتغيير الشكلي الذي يبقى سوريا بلدا علمانيا عميلا لأمريكا.
وكذلك أمريكا في صراعها مع الانجليز على اليمن لا تريد الخير لليمن بل تسعى للحصول على الحصة الأكبر من السلطة في اليمن، لتتمكن من بسط هيمنتها.
ولذلك يأتي دورنا في كشف حقيقة هذه التحالفات للأمة، والتصدي لمؤامرات الغرب والحكام على الأمة، من أجل الحيلولة دون تحقيق الغرب لأهدافه في بلاد المسلمين.
س- اين يقف حزب التحرير من التحالفات الدولية والإقليمية الجديدة والتي فرض على بعض الفصائل الفلسطينية الانخراط بها؟
ج- الأصل أن تتحالف وتتكاتف الجيوش من أجل تحرير فلسطين المغتصبة منذ عشرات السنين من احتلال يهودي إرهابي مجرم، ولكن الحكام تنكروا لفلسطين والمسجد الأقصى بالرغم من كثرة الدماء التي تسيل وتدنيس المسجد الأقصى يومياً.
ولكننا نرى التحالفات الدولية الجديدة وهي تحالفات أمريكية بمسميات مختلفة تتناسب مع الغاية التي وجد من أجلها كل واحد منها، فالتحالف الصليبي هو تحالف أمريكي وبقيادة فعلية من أمريكا، وتحالف عاصفة الحزم والتحالف الإسلامي العسكري هما تحالفان بقيادة أمريكية ولكن بعباءة السعودية، والغاية منها هي تثبيت الاستعمار في بلاد المسلمين والحيلولة دون انعتاق الأمة منه، وهي تقوم بقصف بلاد المسلمين وقتل نسائهم وأطفالهم وشيوخهم تحت ذريعة محاربة الإرهاب الذي صنعه الغرب ورعاه من أجل هذه اللحظة.
وعليه نحن نرى حرمة المشاركة في هذه التحالفات ونعتبر من يشارك فيها متآمراً ومساعداً للغرب في تحقيق غاياته الخبيثة في بلاد المسلمين.
يذكر أن حزب التحرير هو تكتل سياسي إسلامي يدعو إلى إعادة إنشاء دولة الخلافة الإسلامية وتوحيد المسلمين جميعاً تحت مظلة دولة الخلافة، يتخذ الحزب من العمل السياسي والفكري طريقاً لعمله، ويتجنب ما يسميه بـ"الأعمال المادية" مثل الأعمال المسلحة لتحقيق غايته، وتأسس في القدس مطلع عام 1953 على يد القاضي تقي الدين النبهاني، بعد تأثره بحال العالم الإسلامي إثر سقوط الخلافة الإسلامية العثمانية في إسطنبول عام 1924.
وتُسمى القيادة السياسية في حزب التحرير بـ"الإمارة" يتولاها "أمير الحزب" الذي يتم انتخابه داخلياً طبقاً لآليات حزبية معينة وتكون مدة إمارته غير محدودة، وإمارته تكون عالمية، بمعنى أنه أميرٌ على كل أفراد الحزب في جميع أنحاء العالم. وكان النبهاني هو الأمير المؤسس، وبقي يقود الحزب حتى وفاته عام 1977.
والحزب لديه انتشار واسع في دول العالم، وأبرزها فلسطين ولبنان ودول شرق آسيا، وبعض الدول الغربية كالمملكة المتحدة وأستراليا، وهو محظور في معظم الدول العربية والإسلامية، وفي ألمانيا وروسيا.
أرسل تعليقك