دخل قطاع غزة على خط المواجهات المندلعة مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس، حيث استشهد أربعة مواطنين وأصيبوا 15 آخرين برصاص الاحتلال الإسرائيلي ظهر الجمعة، بالقرب من موقع ناحل العوز شرق حي الشجاعية إلى الشرق من مدينة غزة. وأفاد شهود، بأنَّ مجموعة كبيرة من الشبان الفلسطينيين انطلقوا من مفترق الشجاعية بعد صلاة الجمعة باتجاه موقع ناحل العوز شرق حي الشجاعية، مؤكدين أنَّ المواطنين وصولوا إلى بوابة موقع ناحل العوز وقاموا برشق قوات الاحتلال بالحجارة وبادلتهم قوات الاحتلال بإطلاق النار وقنابل الغاز المسيل للدموع.
وأفاد مصدر طبي بأن من بين الإصابات اثنتان بحالة الخطر، فيما لا تزال قوات الاحتلال تطلق نيرانها صوب المتظاهرين وأعداد الشبان بازدياد.
وصرَّح القيادي في حركة "حماس" إسماعيل هنية، بأن قطاع غزة مستعد للمواجهة في معركة القدس رغم الحصار الذي يمر فيه والمؤامرات ضده.
وأوضح هنية خلال خطبة الجمعة، أنَّ "غزة على أهبة الاستعداد لمساندة الضفة في معركة القدس ورغم الضيق والحصار وما نحن فيه من مؤامرات، فإن معركة القدس معركتنا، ولن نتوانى على أن نكون في المكان المناسب دومًا"، مضيفًا أن تجربة غزة في حروبها الثلاثة المتمثلة في صمودها وعطائها، سيظل دخرًا استراتيجيًا للضفة والقدس والأقصى ولكل فلسطين.
واسترسل: "يجب إسقاط الأوهام التي ما زالت في أذهان البعض أن هناك دويلة في غزة، ومشروع انفصالي، فالدم والشعب والمعركة واحدة، وستبقى غزة في مقدمة الفعل الذي يدافع عن الأرض والأسرى والمسرى".
وتوسَّعت المواجهات بين الفلسطينيين وقوات الاحتلال في القدس والأراضي المحتلة، مع تزايد عمليّات الطعن ووصولها إلى تل أبيب وداخل مستوطنة كريات أربع قرب مدينة الخليل. وتسود أوساط الإسرائيليين مشاعر خوف متزايد على أمنهم الشخصي، دفعت عددًا من رؤساء البلديات لدعوة مواطنيهم لحمل السلاح، فيما نظَّم ما لا يقلّ عن 40 ألف تلميذ إضرابًا في القدس، مطالبين باستعادة الأمن.
وفي نطاق مساعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، لتهدئة الأجواء، حظر على أعضاء الكنيست اليهود الذهاب إلى الحرم القدسي، ولكنَّه تحت ضغط من قوى اليمين، عاد ووسَّع الحظر ليشمل أيضًا أعضاء الكنيست العرب؛ ولكن ما لا يقل أهمية عن ذلك أنَّ نتنياهو، ورغم مطالب شركاء ائتلافيين ممَّن يؤيّدون المستوطنين، تراجع عن خطة استيطانيّة، وحذَّر من صدام مع أميركا في هذا الشأن يمنع تعويض الجيش الإسرائيلي عن الاتفاق النووي مع إيران.
وأصدر نتنياهو تعليماته بحظر دخول الوزراء وأعضاء الكنيست الحرم القدسي الشريف من أجل عدم المساهمة في تهييج الفلسطينيين، وفي البداية، جرى التوضيح بأنَّ الحظر لا يسري على أعضاء الكنيست العرب، وهو ما أثار حنق الأوساط اليمينية التي اعترضت على القرار. فما كان من ديوان رئاسة الحكومة الإسرائيلية إلَّا أن أعلن أنَّ القرار يسري أيضًا على أعضاء الكنيست العرب، وأنَّ نتنياهو سبق وحظر دخول شخصيّات عامة فلسطينية إلى الحرم.
وصدر قرار حظر دخول الوزراء وأعضاء الكنيست إلى الحرم القدسي في إطار المداولات الأمنية التي أجراها نتنياهو مع كبار المسؤولين الأمنيين في أعقاب توسّع التظاهرات والصدامات وأعمال الطعن والدهس وامتدادها إلى مناطق داخل الخط الأخضر.
وكان عدد من قادة المعارضة، وبينهم رئيس حزب العمل اسحق هرتسوغ وتسيبي ليفني قد طالبا نتنياهو بالعمل على تهدئة الأوضاع حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة، وكاد قرار منع أعضاء الكنيست اليهود فقط دخول الحرم، أن يفجر الائتلاف الحاكم بعدما وصفه وزير الزراعة أوري أرييل بأنَّه "جائزة للإرهاب"، وهو ما تمّ تلافيه بالتوضيح أنّه يسري على العرب واليهود.
والواقع أنَّ قيادات أمنيَّة في الجيش والشرطة، كانت قد حذَّرت القيادة السياسية الإسرائيلية من مغبَّة مواصلة طريق التصعيد مع الفلسطينيين.
وخالفت هذه الجهات رئاسة الحكومة ووزير الجيش عندما اتهموا الرئيس الفلسطيني محمود عباس بالتحريض على الانتفاضة، وأكَّدوا أنَّ السلطة الفلسطينية تعمل على تهدئة الأجواء. ولكن ما دفع نتنياهو وحكومته إلى التخفيف من تصعيدهم، كان تحذير الأجهزة الأمنية من احتمال فقدان السيطرة جرَّاء حساسيّة الموضوع لدى الفلسطينيين على جانبي الخط الأخضر. وقالوا إنَّ الحالة التي يعيش فيها الفلسطينيون حاليًا، تجعلهم يشعرون أنَّهم لن يخسروا شيئًا بانتفاضهم على الواقع القائم الذي لا يحوي أيّ بارقة أمل أو أفق لحلول مستقبلية.
وأشار معلّقون أمنيون إلى أنَّ قيادة الجيش الإسرائيلي رأت أنَّ كل الخطوات التصعيديّة التي أقرّتها الحكومة الإسرائيلية من توسيع للاعتقالات وهدم للبيوت، لن تحقّق أيّ هدف سوى تحفيز الفلسطينيين أكثر على مواصلة الصدام. ولذلك، جرى التحذير من مغبّة التهوّر في اتّخاذ عقوبات جماعيّة وإعادة إغلاق الطرق ونصب الحواجز.
وأشار كثيرون منهم إلى أنَّ الحكومة الإسرائيلية لا تستفيد في أوقات الهدوء وتفتح آفاقًا سياسية أو اقتصادية؛ لذلك، فإنَّ الأزمة الدورية والصدام يزدادان شدّة وخطورة. وتشدّد الجهات الأمنية على أنَّ ليس بوسعها تغطية كل المناطق. وخلال اليومين الماضيين، وقعت أعمال طعن ودهس في القدس، وبيتح تكفا، وكريات غات، وتل أبيب، وكريات أربع.
وهناك خشية من عدم التمكّن من السيطرة على الوضع في حال توسعها. وربما لهذا السبب بادر عدد من رؤساء البلديات، كالقدس وعسقلان، بدعوة مواطنيهم لحمل السلاح، في ظلّ ارتفاع الانتقادات لعجز الحكومة عن مواجهة زعزعة مشاعر الأمان الشخصي عند الإسرائيليين.
وكتبت "معاريف" أنَّ الانتفاضة السابقة بدأت هكذا بالخوف في الشوارع. وقالت: "تهز موجة العمليات الإرهابية في الفترة الأخيرة إحساس الأمن الشخصي للسكان في كل أرجاء البلاد، بل إنّها تعيد لدى بعضهم أحاسيس بداية انتفاضة فلسطينية جديدة، الثالثة في ترتيبها".
وأعلن رئيس بلدية القدس نير بركات ورئيس منظمة الأهالي باز كوهن، أنّهما ينويان تعطيل المدارس الثانوية في العاصمة ابتداءً من الجمعة إلى أن ترتب وزارة المال والأمن الداخلي موازنة كاملة لحراسة المؤسسات التعليمية واجبة الحراسة، حسب تعليمات شرطة إسرائيل، ويتصل الإضراب هذا بأربعين ألف تلميذ في 70 مؤسسة تعليمية في القدس أعلنت إضرابها.
وكانت صحف إسرائيلية قد نشرت أنَّ نتنياهو صدّ محاولة قوى يمينية الردّ على الهبَّة الفلسطينية بتوسيع الاستيطان، بإعلانه أنَّه تلقّى إنذارًا من الأميركيين بعدم استخدام حق النقض الفيتو ضدّ مشروع القرار الفرنسي في مجلس الأمن الدولي. وأمس نشرت "هآرتس" أيضًا أنَّ نتنياهو قال في المجلس الوزاري المصغر، إنَّ إعلان توسيع الاستيطان يضرّ بالاتصالات بين أميركا وإسرائيل لتعزيز القدرات العسكرية للأخيرة، تعويضًا لها على الاتفاق النووي مع إيران. وفي هذا الإطار أيضًا، نشرت "هآرتس" أنَّ نتنياهو أبلغ وزراءه بتراجعه حتى عن خطة بناء 538 وحدة استيطانية في مستوطنة إيتمار.
أرسل تعليقك