أثارت قرارات وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، المتمثلة بتقليص خدماتها في مناطق عملها الخمسة، ردود فعل شعبية وفصائلية منددة، فيما حُذر من تداعيات ذلك على الأوضاع الإنسانية للاجئين ولاسيما في قطاع غزة الذي يشهد تدهورا في مجمل النواحي في ظل استمرار الحصار.
وكانت وكالة الغوث قررت فصل 85%، من موظفيها الدوليين العاملين بعقود قصيرة الأجل تدريجيا حتى نهاية أيلول (سبتمبر) المقبل، بسبب العجز المالي الذي تعيشه منذ أعوام، والمقدر بـ 100 مليون دولار تقريباً
بدوره؛ أشاد عضو اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية محمود خلف، بقرار "الأونروا" الأخير، معتبرا أن ذلك يأتي في الاتجاه الصحيح، خاصةً وأن الموظفين الدوليين يستهلكون مبالغ كبيرة لرواتبهم.
وبين خلف في تصريحه أن قيمة رواتب الموظفين الدوليين للوكالة، تصل لـ 20% من موازنة "الأونروا" العامة، مؤكدا أن فصلهم سيُحسن من الخدمات التي تقدمها الوكالة، وسيسقط حجة "العجز المالي.
وأوضح أن الجبهة متوافقة مع القوى الوطنية والإسلامية، حيث أرسلت مذكرات لمنسق عمليات الوكالة، والأمم المتحدة، أدانت فيها قرارات تقليصات الخدمات الإنسانية، لافتا إلى أنهم تلقوا وعود بوقف مجموعة من الإجراءات الأخيرة.
وتتمثل تلك الإجراءات، بزيادة عدد الطلاب في الفصل الدراسي لـ 50 طالبًا، مشيرا إلى أن ذلك سيحرم 1000 موظفًا من عمله، وفي المقابل سيحرم 250 خريجا من المقرر أن يندمجوا في العملية التعليمية.
وحذر من الاستمرار بمنهج "التقليصات" لما له من تداعيات إنسانية "خطيرة"، متوعدا "الأونروا"، بسلسلة فعاليات واحتجاجات حال أقدمت على تلك الخطوات.
وفي أيار(مايو) الماضي، ذكر المفوض العام لـ "الأونروا" بيير كرينبول خلال مؤتمر صحافي عقده في نيويورك مطلع حزيران (يونيو) الجاري بمناسبة مرور الذكري الـ 65 لتأسيس الوكالة، "نحن نواجه تحديات غير مسبوقة وأزمة مالية خطيرة لم نمر بها من قبل، وبصدد عجز مالي حاد سيؤثر على الخدمات الأساسية التي نقدمها للفلسطينيين، ونعاني نقصا ماليا في العام الجاري يصل إلى نحو 7. 106 مليون دولار، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى وقف الخدمات خلال 3 أشهر من الآن".
من جهته؛ شدد الباحث في شؤون اللاجئين، حسام أحمد أن الهدف من التقليصات هو تصفية جسم "الأونروا"، لمنعها عن تقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين.
وأشار أحمد إلى وجود مخطط أممي ممنهج ومدروس منذ أعوام، وبإشراف سياسي، لتصفية عمل الوكالة، ونقل صلاحياتها للسلطة الفلسطينية.
وأوضح أن المخطط بدأ منذ قدوم السلطة الفلسطينية العام 1993، واتفاقية أوسلوا؛ حيث كانت هناك محاولات جادة لنقل صلاحيات "الأونروا"، للسلطة.
واستدرك، "إن تلك المحاولات توقفت إثر موجة انتقادات رسمية وشعبية وجهت لها، فيما دفع المجتمع الدولي للتفكير بآلية أخرى، وهي سياسة التقليصات التي نشهدها الآن".
وحذر أحمد أن تُقدم الوكالة خلال المرحلة المقبلة على فصل موظفين عرب وفلسطينيين، بحجة "العجز المالي"، داعيا لتصعيد موجة الاحتجاجات، والانتفاض على الموقف الدولي الداعي لتصفية قضية اللجوء عبر تلك القرارات.
وبحسب الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى 9. 5 مليون نسمة حتى نهاية العام الماضي 2014، مسجل منهم رسميا لدى "الأونروا" قرابة 3. 5 مليون لاجئ بينهم 2.1 مليون لاجئ في غزة، و914 ألفًا في الضفة، و447 ألفًا في لبنان، و1. 2 مليون في الأردن، و500 ألف لاجئ في سورية.
من ناحيته، أكد المحلل والكاتب السياسي طلال عوكل، أن هناك توجهًا دوليًا يسير بشكل تدريجي يخدم بالدرجة الأولى الاحتلال، مفسرا ذلك بأن "إسرائيل" تسعى للتخلص من وكالة "الأونروا" لأنها ساهمت في الحفاظ على قضية اللاجئين حية وحاضرة أمام المجتمع الدولي بصرف النظر عن عدم حل القضية حتى الآن.
وبين عوكل، أن التقليصات الأخيرة لم تشمل قطاع غزة وحده، بل شملت مخيمات اللاجئين في الدول العربية والإسلامية كالأردن ولبنان، مشددا على أن المجتمع الدولي والعربي، هو من ساهم ويساهم في مضاعفة الأزمة المالية لـ "الأونروا"، وذلك من خلال عدم الإيفاء بالتزاماتها المالية.
من جهتها، اعتبرت دائرة شئون اللاجئين في حركة "حماس" على موقعها على الإلكتروني أن وكالة الغوث "تصب الزيت على النار" بقراراتها الجائرة دون قرار من الأمم المتحدة، وقبل أن يعود اللاجئون لديارهم وفقا للقرار 302 للعام 1949 المنشئ للوكالة.
وأشارت "حماس" إلى أن تلك التقليصات ختمتها "الأونروا" بقرارها غير المسبوق والذي يتجاوز صلاحياتها الممنوحة لها من الأمم المتحدة وهو قرار وقف التشغيل في كل مناطق عملياتها الخمس.
وتأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة العام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية لحوالي خمسة ملايين لاجئ فلسطيني مسجلين لديها في مناطق عملياتها الخمس في الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة إلى أن يتم التوصل إلى حل عادل لمحنتهم.
ويعيش قطاع غزة واقعا إنسانيا كارثيا كما وصفه البنك الدولي في تقريره الأخير، والذي أشار فيه لارتفاع معدلات البطالة إلى 43 %، وهي الأعلى في العالم، في حين ارتفعت البطالة في صفوف الشباب إلى ما يزيد عن 60% بحلول نهاية عام 2014.
ووفق ما جاء في تقرير البنك الدولي أيضاً، فإن نحو 80 % من سكان القطاع يحصلون على شكل من أشكال الإعانة الاجتماعية ولا يزال 40 % منهم يقبعون تحت خط الفقر.
أرسل تعليقك