دعا تنظيم "داعش" المتشدد، المسلمين في إندونيسيا إلى القتال في سورية، بعد أن نشر صورة مثيرة للقلق لطفل إلى جواره سلاح "AK47" وقنبلة يدوية، الأسبوع المنصرم، وجاء في رسالة ظهرت إلى جانب الطفل تحمل توقيع "إندونيسيا"، "الأعمام والعمات اذهبوا للجهاد وقاتلوا في سورية أينما كنتم".
ويسعى التنظيم إلى تجنيد المسلمين من مناطق بعيدة مثل جنوب شرق آسيا للقتال في صفوفه، في ظل استمرار معاركه للسيطرة على العراق وسورية، خصوصًا بعد أن انضم الآلاف إليه من إندونيسيا وسنغافورة وتايلاند والفلبين وماليزيا.
وبيّن خبراء مكافحة التطرف أنّ هؤلاء المقاتلين المدربين قد يعودوا إلى أوطانهم لتنفيذ هجمات منفردة إلى جانب تجنيد المزيد من المتطرفين، مما يساعد فى تمديد "داعش" إلى حدود بعيدة في أنحاء العالم.
ويمارس دعاة الكراهية تأثيرا خطيرا حتى من داخل سجونهم من حيث تجنيد متشددين آخرين والذين يؤدون مراسم حلف يمين الولاء لزعيم التنظيم المتشدد أبو بكر البغدادي، وحذر الخبراء من احتمال أن يجند "داعش" المسلمين في بورما، خصوصًا وأنهم يعانون من الاضطهاد في بلادهم ويرفضون اللجوء إلى الدول الآسيوية المجاورة.
وتعهدت ثلاث جماعات متطرفة في المنطقة بالولاء لتنظيم "داعش"، وهي جماعة "جيم" الإندونيسية والمسؤولة عن تفجيرات بالي عام 2012، وجماعة أبو سياف الفليبينية والتي قطعت رأس مسؤول القرية هذا العام، وجماعة "Bangsomoro" المناضلة من أجل الحرية وهي جماعة فلبينية أيضا تشتبك كثيرا مع قوات الشرطة.
وأبرز أحد خبراء مكافحة التطرف في مؤسسة RAND""، أنّ "داعش يمثل تهديدًا حقيقيا لمنطقة جنوب شرق آسيا"، وأضاف الدكتور Colin Clarke أنه بعد استيلاء التنظيم على الأراضي في منطقة الشرق الأوسط والتسبب في الفوضى في شمال أفريقيا، تأتي منطقة جنوب شرق آسيا كمنطقة تالية للاحتلال بالنسبة للتنظيم.
وأوضح "في دول مثل إندونيسيا والفلبين هناك العشرات من المسلمين المظلومين الذين سبق وتعاطفوا مع جماعات مثل جيما الإسلامية وأبو سياف".
وانضم أكثر من 500 مواطن من إندونيسيا إلى تنظيم "داعش" في ساحة المعركة في العراق وسورية، ويعتقد الخبراء أن البلاد التي يقطنها حوالي 200 مليون مسلم هي المكان التالي لتجنيد المزيد من المقاتلين، وكشف استطلاع مثير للقلق أجراه مركز "بيو" للأبحاث أن 72% من المسلمين فى إندونيسيا يريدون تطبيق الشريعة في البلاد.
ومن بين قتلوا كان محمد الإندونيسي، ويقال إنه فجر نفسه في سورية عام 2013، إلا أن نحو 200 مقاتل متمرس استطاعوا العودة إلى أوطانهم.
وكانت الحكومة شديدة القلق بسبب تصاعد معدل التطرف في البلاد حتى أنها منعت الدعم اللفظي لتنظيم "داعش" كما حدت من السفر إلى الخارج، وقامت بسحب الجنسية من الأشخاص المشتبه في دعمهم للتنظيمات المتطرفة، وأوضح الخبراء أنه في ظل عهد رئيس الوزراء الجديد Joko Widodo الذي جاء إلى السلطة في تشرين الأول/ أكتوبر 2014 ازدهر التطرف في البلاد حتى فى السجون حيث يقوم دعاة الكراهية بالدعاية لتنظيم "داعش" وتجنيد متطرفين جدد.
وأشار أحد خبراء مكافحة التطرف الذي يعمل محللا إلى أن السجون الإندونيسية أصبحت محورًا مركزيًا لتجنيد المتشددين، وذكر الدكتور Peter Chalk أن شعور التضامن مع الجهاد قد تزايد بين السجناء، ويمكن إرجاع ذلك إلى الفساد والعنف المنظم وقلة المعلومات الاستخباراتية المتوفرة عن المعتقلين وأنشطتهم وتدريبهم وما يتعلق بأمورهم المالية.
وذكر "حتى في السجون ذات الحراسة المشددة يتمتع السجناء بدرجة من حرية الوصول إلى معلومات وتراجم عن التنظيم المتشدد كما يمكنهم إعلان تصريحات الولاء له أيضا"، ومن أشد السجناء خطورة والذى يمكنه بيع روحه لتنظيم "داعش" كان الزعيم السابق للجماعة الإسلامية التي قامت بذبح أكثر من 200 فرد في تفجيرات بالي عام 2002.
أما في الخارج فهناك رجل الدين المتشدد Abu Bakar Ba'ayshir، والذي كان يوصي أتباعه المتطرفين بمكافحة الشغب والهجوم على عناصر الشرطة، وفي آب/ أغسطس عام 2014 ظهر الرجل المتطرف في صورة له في سجن Nusakambangan شديد الحراسة وهو محاط بأنصاره الذين يرفعون راية الجهاد سيئة السمعة.
ومن بين دعاة إندونيسيا من المؤيدين لتنظيم "داعش"، أمان عبد الرحمن، والذي جرى اعتقاله مرتين، الأولى بسبب تقديمه مجموعة من الدروس التعليمية في كيفية تصنيع القنابل في 2004 والثانية لتورطه في معسكر لتدريب المتشددين في منطقة Aceh في إندونيسيا عام 2010، ومن أقرب أتباع الرجل سالم مبروك، وهو ممن يقومون بالتجنيد لصالح تنظيم "داعش" وذلك وفقا لما ذكره تقرير مفصل من قبل معهد تحليل سياسات النزاع.
وأضاف الدكتور Chalk أن التصريحات التي أدلى بها Abdurrahman و Ba'ayshir من داخل السجن تعتبر مهمة جدا، فالأول، عبد الرحمن هو قوة رئيسية داخل منتدى نشطاء الشريعة الإسلامية "FAKSI" الذي دافع علنا عن "داعش" وحث الإندونيسيين على دعم التنظيم، أما الثاني فله نفوذ هائل في الأوساط المتطرفة في البلاد، وتعهد الاثنان بالولاء لتنظيم داعش، ويعتقد أنهما السبب وراء إعلان ألفين من الإندونيسيين عن دعمهم للتنظيم المتشدد.
وذكرت صحيفة Jakarta Post أن الشرطة الإندونيسية اعتقلت في آب/أغسطس عضوين تظاهرا بأنهما من المعالجين التقليديين بهدف تجنيد بعض السكان المحليين، بعد أن عثرت الشرطة على مقاطع دعائية لتنظيم "داعش" على أجهزة الحاسوب الخاصة بهم والتي جرى مصادرتها.
وكشف فيديو نشر في أذار/ مارس أن الفرع الآسيوى لتنظيم "داعش" يعمل على تدريب الصبية بحيث يصبحوا جيلا قادما من القتلة، وظهر في الفيديو ما لا يقل عن 10 أطفال صغار يحملون البنادق في مدارس "داعش" حيث يجري تعليمهم اللغة العربية والتدريب على الأسلحة وفنون الدفاع عن النفس، وفي المطقع أكّدد من يُطلق عليهم "أشبال الخلافة" أنهم ليسوا خائفين من مواجهة أعداء الله، كما وعدوا بأن يصبحوا من المجاهدين.
وأعلنت "حركة العلم الأسود" ومقرها الفلبين والتي تعرف باسم "Khalifa Islamiah Mindanao" دعمها لتنظيم "داعش"، كما أعلنت مسؤوليتها عن حادث تفجير سيارة مفخخة والذي أسفر عن مقتل 8 أشخاص جنوب مدينة Catabato في تموز/ يوليو 2013، إلى جانب عملية أخرى قتل فيها 6 أشخاص في آب/ أغسطس.
وكشف الرئيس الفلبيني السابق، فيدل راموس، عن سفر 100 من شباب المسلمين الفلبينيين إلى العراق لتلقي تدريبات، وفي وقت سابق من هذا العام زعمت وزارة الخارجية ارتفاع الرقم إلى 200 فرد، وأوضحت بعض الصحف أن "داعش" شن حملة لتجنيد المزيد من الطلاب في ثاني أكبر مدينة في Mindanao، حيث اعترف أحد الطلاب أن التنظيم كان يحاول تجنيد الطلاب في الجامعات، وزعم الطالب أن التنظيم عرض 970 جنيه إسترليني ومزايا أخرى لأولئك الذين يتدربون ليصبحوا من مقاتليه.
وأقدمت جماعة "أبو سياف" على قطع رأس مسؤول قرية من جزيرة Aliguay island وسط الفلبين، بعد اختطاف "Rodolfo Boligao" في أيار/ مايو مع اثنين من حرس السواحل الفلبينية، وتم اكتشاف جثته مقطوعة الرأس في Sulu.
ونشر تنظيم "داعش" مقاطع فيديو دعائية ظهر فيها تدريب أطفال ماليزيين على السلاح، فضلا عن ظهور رجلين ماليزيين تم التعرف عليهما في لقطات منفصلة لحوادث ذبح في سورية، واستطاعت شرطة مكافحة التطرف تحديد الرجلين وهما فارس محمد أنور، 20 عامًا، ومحمد جيدي، 25 عامًا.
وأضاف الدكتور Peter Chalk "تعتبر ماليزيا نقطة محورية رئيسية لدعم تنظيم داعش، حيث سافر ما يتراوح بين 39 إلى 105 ماليزيا إلى سورين والعراق للانضمام إلى التنظيم، وهذا العدد يجعل ماليزيا التى تضم 30 مليون فرد من أعلى مصادر المجندين الأجانب في منطقة آسيا".
ويعتقد أن غالبية من غادروا منطقة الشرق الأوسط يقاتلون هناك، ولكن عدد صغير من هؤلاء المسلحين عاد إلى ماليزيا، وذكر الدكتور Clarke "في القرن الـ 21 يمكن لعدد صغير من المقاتلين المتطرفين أن يتسببوا في دمار أكبر بكثير مما يوحي عددهم"، ويلعب هؤلاء العائدون دورًا كبيرًا في التحريض على التطرف فى البلاد، حيث اعتقل ما لا يقل عن 30 شخصًا بسبب صلتهم بتنظيم "داعش".
وفي نيسان/ أبريل أحبطت الشرطة الماليزية هجومًا بقنبلة في عاصمتها كوالالمبور واعتقلت 12 شخصًا على صلة بجماعة متطرفة، ومن بين المواد المتفجرة التي سيطرت عليها الشرطة 20 كيلو من نترات الأمونيوم و20 كيلو من نترات البوتاسيوم و2 لتر من الكيروسين و2 من أجهزة التحكم عن بعد وبطاريات.
واعترف رئيس وزراء سنغافورة في أيار/ مايو أن جنوب شرق آسيا تعتبر منطقة التجنيد الرئيسي لتنظيم داعش، وأوضح Lee Hsien Loong "لم يعد التهديد هناك، إنه هنا، وهذا السبب وراء جدية تعامل سنغافورة مع التطرف وخصوصًا تنظيم داعش".
وبيّن الخبر أنّ أكثر من 100 ألف من مسلمي "الروهينغا" في بورما عملوا على مغادرة البلاد بعد سنوات من القتال مع البوذيين، ووصل أكثر من 3500 مهاجر يتضورون جوعا إلى تايلاند وماليزيا وإندونيسيا فقط في أيار/ مايو، وتعتقد الأمم المتحدة وجود أكثر من 2500 من العالقين في البحر مع اقتراب موسم الرياح الموسمية.
وأوضح الرئيس التنفيذي لشركة الإغاثة والتنمية الخيرية ستيف جيومير، "عندما يجري تهميش الناس، والقضاء على روحهم المعنوية كما يحدث لمسلمي بورما فإنهم يقعون فريسة لعروض داعش ويمكن أن يتواصلوا معهم"، وغرق بعضهم وهم يحاولون عبور مضيق "ملقا" للوصول إلى دول جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا وتايلاند وإندونيسيا، حيث يمنع دخولهم إلى هذه البلدان.
وتابع "أناس محرومون ويحتاجون إلى من يقول لهم نقدم لكم مكانا في مجتمعنا، ومن أكبر المخاوف التي تثير قلق المفكرين حاليا هو وصول داعش إلى المسلمين المهمشين في جنوب شرق آسيا وتحديدا بورما، وهناك بالفعل خطة واضحة للتوظيف والتجنيد".
أرسل تعليقك