أكد عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية رئيس دائرة شؤون اللاجئين الدكتور زكريا الأغا، أن قطاع غزة بات على حافة الانفجار إن لم يتحرك العالم لرفع الحصار عنه وتقديم الأموال اللازمة لحكومة التوافق للبدء في عملية إعادة الإعمار. وأوضح الأغا أن سكان قطاع غزة لا يزالون يعانون من تداعيات الحرب الإسرائيلية الأخيرة رغم مرور أكثر من تسعة أشهر على إعلان وقف إطلاق النار، وثمانية أشهر على مؤتمر إعادة إعمار قطاع غزة الذي عقد في القاهرة صيف العام الماضي، مشيرًا إلى وجود أكثر من 12 ألف بيت مدمر، لا يزال بعض أصحاب هذه المنازل يقيمون في مراكز الإيواء في مدراس وكالة الغوث في ظروف حياتية صعبة علاوة على ارتفاع معدلات الفقر والبطالة جراء الحصار الإسرائيلي عليه.
وأشار إلى أن عجلة الإعمار لا تزال تراوح مكانها دون أي تقدم ملموس على أرض الواقع نتيجة القيود المفروضة من قبل الاحتلال الإسرائيلي على إدخال المواد اللازمة للإعمار على معابرها، وعدم وفاء الدول المانحة بالتزاماتها المالية التي تعهدت بها في المؤتمر الدولي لإعادة الإعمار.
وجاءت أقوال الأغا في كلمته التي ألقاها صباح الأحد في الجلسة الافتتاحية للدورة الرابعة والتسعين لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين المنعقدة في العاصمة المصرية القاهرة في مقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بمشاركة الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية ورئيس قطاع فلسطين والأراضي العربية المحتلة السفير محمد صبيح والدول العربية المضيفة للاجئين، بالإضافة إلى جمهورية مصر العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامي والأمانة العامة لجامعة الدول العربية والمنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم "الألكسو" والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة "الإيسيسكو".
واستعرض الأغا في كلمته الافتتاحية التي وزعها مكتبه في غزة ووصل "فلسطين اليوم" نسخة عنها أبرز معالم السياسة الإسرائيلية العدوانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، مركزًا على الإجراءات الاستيطانية والأحادية في الضفة والقدس والحصار الخانق على غزة.
وأضاف أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تواصل بناء جدار الفصل العنصري وسن قوانينها العنصرية الرامية إلى تمرير سياسة الترحيل القسري لأهل الضفة والنقب والأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48 عبر هدم المئات من البيوت المأهولة بالسكان وتدمير عشرات الآبار من المياه والمزارع وحظائر الأغنام والمواشي في القرى الحدودية في الأغوار والقريبة من المستوطنات والجدار.
وأفاد أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي تسعى إلى تهجير 46 تجمعًا بدويًا بشكل قسري في مناطق القدس الشرقية وأريحا في مسعى لإنهاء الوجود الفلسطيني وتكريس احتلالها وإقامة دولة يهودية عرقية تبدد المسعى الدولي لحل الدولتين وفرض للدولة ذات الحدود المؤقتة، التي رفضتها منظمة التحرير وتحاول حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتمريرها من خلال إقامة دولة في غزة أو كيان ذاتي عبر تمرير خطة انسحاب أحادي الجانب من أراضي الضفة المحتلة تضم من خلالها القدس ومنطقة الأغوار والكتل الاستيطانية الكبرى إلى "إسرائيل"، لافتًا إلى أن إقرار الكنيست الإسرائيلي اقتراح قانون سريان القوانين الإسرائيلية على المستوطنين والمستوطنات في الضفة الغربية يأتي في إطار التنفيذ الفعلي لخطة الانسحاب الأحادي من الضفة.
وتابع أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لا تزال تواصل جرائمها التهديدية وحربها المفتوحة بحق القدس والمسجد الأقصى مستخدمةً كل الوسائل الإجرامية من خلال توسيع حزام المستوطنات من حولها، وعزلها عن محيطها العربي وفرض التقسيم الزماني والمكاني للصلاة في المسجد الأقصى وتعرض مواطنيها لعمليات التمييز العنصري وسحب بطاقات هوياتهم وهدم منازلهم دون سابق إنذار.
وأشار إلى أن حكومة الاحتلال وفي خطوة غير مسبوقة قامت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بسرقة الأملاك الفلسطينية في القدس ونقل ملكيتها لليهود والمستوطنين من خلال شركات إسرائيلية خاصة، ومن خلال تطبيق قانون أملاك الغائبين على عقارات سكان الضفة الغربية الكائنة في شرقي القدس ومصادرتها وبيعها لليهود.
ودعا الأغا الدول العربية والإسلامية إلى اتخاذ مواقف حازمة لإحباط المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى تهويد المسجد الأقصى والمدينة المقدسة، والعمل على تعزيز صمود وثبات المقدسيين في مدينة القدس وتلبية بلاغ القدس الصادر عن مؤتمر بيت المقدس الإسلامي الدولي السادس، الذي عقد في مدينة بيت لحم أواخر الشهر الماضي والاستجابة السريعة لدعوة الرئيس للعرب والمسلمين من كل أنحاء العالم لزيارة القدس العربية ومقدساتها الإسلامية والمسيحية، لتعزيز صمود شعبنا والتأكيد على عروبة القدس وإسلاميتها.
وثمن الدور الأردني في حماية المقدسات الإسلامية في القدس وعلى دور وزارة "الأوقاف" الأردنية في الإعمار والعناية والاهتمام المتواصل والدائم للأوقاف والمقدسات الإسلامية في القدس وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك.
وأكد أن العودة إلى المفاوضات مرهونة بتلبية "إسرائيل" للمطالب الفلسطينية المتمثلة في وقف الاستيطان وتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإطلاق سراح الأسرى تزامناً مع المرجعية الواضحة والإطار الدولي للإشراف على العملية التفاوضية.
وأضاف أن الخيارات الفلسطينية ستبقى قائمة ومتعددة في المحافل الدولية بعد أن حققت القيادة الفلسطينية مجموعة من الانجازات السياسية والدبلوماسية باعترافات العديد من برلمانات الدول الأوربية في الدولة الفلسطينية ودعوة حكوماتها للاعتراف بالدولة الفلسطينية ورفع العديد من الدول مستوى التمثيل الفلسطيني في دولها إلى سفارة، مؤكدًا على أن القيادة الفلسطينية ستواصل في إطار معركتها السياسية والدبلوماسية ضد الاحتلال الإسرائيلي الانضمام إلى الاتفاقيات والمؤسسات الدولية لتكريس دعائم الدولة الفلسطينية وان خطوات القيادة لملاحقة "إسرائيل" في محكمة الجنايات الدولية قائمة ومستمرة لتجريمها ومعاقبة قادتها على ما ارتكبوه ويرتكبوه من جرائم بحق أبناء الشعب الفلسطيني مع الإصرار على انجاز المصالحة الفلسطينية والاستمرار في المقاومة الشعبية في مواجهة الاحتلال والمستوطنين.
وذكر أن القيادة الفلسطينية ستواصل العمل من خلال التنسيق مع لجنة المتابعة العربية المنبثقة عن مجلس وزراء الخارجية العرب للتواصل مع الفرنسيين لتطوير مشروع القرار الفرنسي بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني بتحديد سقف زمني لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس على حدود الرابع من حزيران / يونيو لعام 1967 وعودة اللاجئين الفلسطينيين طبقًا للقرار 194 والمبادرة العربية لسلام وإطلاق سراح الأسرى.
وفيما يتعلق بملف اللاجئين أوضح الأغا في كلمته أن اللاجئين الفلسطينيين في جميع أمكان تواجدهم، وخصوصًا في سورية ولبنان وقطاع غزة ومخيم اليرموك المحاصر واللاجئين الذين نزحوا من سورية يعيشون في ظروف حياتية صعبة مع استفحال البطالة والفقر في تلك المخيمات، واعتماد أكثر من 80% من اللاجئين على المساعدات الغذائية والتوظيف الطارئ المقدم من وكالة الغوث.
وحذر من انعكاسات الأزمة المالية التي تعاني منها وكالة الغوث على واقع مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، خصوصًا مع تحذيرات وكالة الغوث بوقف خدماتها الطارئة المقدمة للاجئين الفلسطينيين في سورية والبالغ عددهم ما يقارب 470 ألف لاجئ فلسطيني خلال هذا الشهر الجاري لنفاذ الأموال وقراراتها بوقف بعض برامجها ومنها وقف دفع بدل الإيجار للنازحين من سورية إلى لبنان وتخفيض المساعدة الإغاثية ووقف برنامج الطوارئ للاجئي مخيم نهر البارد.
وطالب الأغا المجتمع الدولي والدول المانحة الوفاء بالتزاماتها المالية والتدخل العاجل لوقف التراجع في خدمات وكالة الغوث المقدمة للاجئين الفلسطينيين ومعالجة الأزمة المالية التي تعاني منها وكالة الغوث من خلال رفع سقف تبرعاتها بما يتناسب مع الاحتياجات المتزايدة للاجئين.
ووجه الدعوة إلى وكالة الغوث بالتراجع الفوري عن قراراتها والعدول عن سياسة التقليص لما لها من تداعيات خطيرة وانعكاسات سلبية كبيرة على مجتمع اللاجئين والدول المضيفة والمنطقة برمتها، وأكد على ضرورة أن يكون هناك تنسيق بين الدول العربية المضيفة والدول المانحة من أجل دعم "الأونروا" مع التأكيد على استمرارية عملها في تقديم خدماتها حسب التفويض الممنوح لها في القرار 302 لحين حل قضية اللاجئين حلاً عادلاً وشاملاً عبر عودتهم إلى ديارهم التي هجروا منها عام 48 طبقًا لما ورد في القرار 194.
وشدد الدكتور الأغا على الموقف الفلسطيني الثابت والمبدئي بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي هجروا منها عام 48، ورفض التوطين مع التأكيد على أن اللاجئين الفلسطينيين هم ضيوف مؤقتون في الدول العربية المضيفة إلى حين العودة إلى وطنهم فلسطين، مؤكدًا في الوقت ذاته على حيادية المخيمات الفلسطينية في الدول العربية وعدم التدخل بالشأن العربي.
أرسل تعليقك