يخشى والد اثنين من البريطانيين الذين هربوا من أجل الانضمام إلى "داعش" أن يلقى أبناءه مصير "رياض خان" نفسه الذى قُتل فى غارة جوية بريطانية، وكشف رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، عن أنّ سلاح الطيران البريطاني قتل خان في عملية سرية خلال 21 آب/ أغسطس؛ لأنه كان ينفذ عمليات القتل في الشوارع.
وأعرب والد ناصر وأصيل المثنى أصدقاء خان، من كارديف، عن خوفه من احتمال قتل أبنائه في غارة جوية من دون طيار مثل صديقهم، موضحًا: "أخشى على أبنائي وهم في الخارج، أشعر بالقلق من أن يكونوا على قائمة المستهدفين أيضًا، وأعتقد بأنني لن أرى أبنائي مرة ثانية، أنا حزين لأنهم ذهبوا ولن أراهم ثانية".
وأضاف: "أنا لا أصدق ما يقوله كاميرون، وقالت الحكومة مثل هذه الأشياء من قبل، الأمر يشبه تونى بلير والعراق، وفي خلال خمسة أعوام، سننظر إلى الوراء محاولين معرفة حقيقة الأمر حول هذا الموضوع".
وتختلف ابنة ديفيد هاينز، عامل الإغاثة البريطاني المقتول على يد تنظيم "داعش"، العام الماضي، مع هذا الرأي، مؤكدة صاحبة الـ عامًا: "أعتقد بأن الغارات الجوية من دون طيار؛ خطوة في الاتجاه الصحيح؛ ولكني أعتقد بأن هناك حاجة إلى المزيد من العمل المباشر، ونحتاج إلى المزيد من الضربات الجوية ليس فقط على المجاهدين البريطانيين؛ ولكن لتنظيم "داعش" عمومًا، ولا زلت أعتقد بأن العمليات البرية ضرورية أيضًا، وأتمنى أن تكون الخطوة الآتية؛ لمحو "داعش" وخلافته المزعومة".
ويعتقد بأن خان(21 عامًا)، كان على قائمة القتل التي حددتها الحكومة مع العشرات من مقاتلي "داعش"، بما في ذلك منفذ أحكام الإعدام في التنظيم محمد إموازي، المعروف باسم "الجهادى جون"، وكان ناصر المثنى، طالبًا سابقًا، في كلية الطب، وظهر في فيديو دعائي لـ "داعش" للتوظيف إلى جانب خان، وقتيل آخر، في الغارة الجوية يسمى راهول أمين.
وأبرز أصدقاء خان، بعد اغتياله، أنّه لم يحظ بكاريزما أو قوة كافية؛ لتدبير عمل وحشي في بريطانيا، وذكر رئيس الوزراء، أنّ وفاة خان كانت للدفاع عن النفس؛ إلا أنّ اصدقاءه يعتقدون بأنه تعرض لعملية "غسيل الدماغ" من الأجهزة الحكومية، قبل فراره من كارديف إلى سورية، العام الماضي.
كما يعتقد بأن خان، كان يتآمر؛ لتنفيذ هجوم وحشي في أحد الأحداث التي تحضرها ملكة بريطانيا، كما استُخدم لجذب الجهاديين إلى سورية والعراق، ويتعرض حاليًا، للمحاكمة بسبب جرائم الإعدام الجماعي للسجناء التي تفاخر بنشر صورها المروعة على الانترنت لجثث مقطوعة الرأس.
وأعرب المجتمع الإسلامي في بلدة خان، عن صدمته لوفاته، مؤكدين أنه لم يكن يشكل تهديدًا على بريطانيا، بينما قال جيران آخرين في الشارع من داخل كارديف أنّه تلقى مصيره، وقال الأمين العام للمجلس الإسلامي في ويلز سليم كيدواي، خلال تصريحات صحافية: "نحن غير مقتنعين بهذه الأدلة؛ لأنه لم يكن شخصًا قويًا يمكنه تدبير مثل هذا الهجوم"، وتناثرت الأسئلة عن المعلومات التي تملكها الحكومة أو المخابرات عن القضية.
وأبدت والدة خان، رقية (41 عامًا)، مزيدا من الأسى بعد موت نجلها الذي قتل في الغارة الجوية البريطانية من دون طيار، وتُركت الأم التي توسلت ابنها للعودة إلى بلاده، مُحطمة بعد مقتله، في هجوم مستهدف بواسطة الحكومة البريطانية، فيما يعيش والده ناظم (46 عامًا) مع زوجته؛ لرعايتها داخل منزل الأسرة في كارديف، بعد أن تركهم رياض، هاربًا من أجل الانضمام إلى "داعش"، منذ عامين.
وأصبح رياض خان، أول مواطن بريطاني يُقتل في هجوم جوي مستهدف، وأفاد والده أنّه "يجب على أن أذهب للاعتناء بزوجتي لأنها مريضة جدًا، ولن أعلق على أي شيء حدث لرياض".
وأشار سكرتير مسجد "الجلالية" في غرانغيتون موكاغوس ميا داخل كاردييف، إلى أنّه "إذا فعل شخص أي شيء سيئ فسيلقى مصيره، وأي شخص يفعل شيئا سيئا يجب عقابه؛ ولكني كنت أفضل محاكمته في محكمة بريطانية".
وذكر صديقه محمد إسلام، أنّ عائلته محطمة بعد وفاته، كما صدمت والدته رقية التي توسلت إليه للعودة إلى الوطن عند سماع خبر وفاته، وأضاف: "علمت الأسرة بالخبر، منذ أسبوعين، ولا أعتقد بأنهم علموا بتورط الحكومة البريطانية في الأمر، إنه أمر صادم لنا كمجتمع محلي، وفي الأيام المقبلة، سيطالب الناس بمعرفة مزيد من التفاصيل عن الحادث"، ودعا كاميرون إلى الكشف عن حقيقة الحادث.
واعترف الناس في المسجد الذي تستخدمه عائلة خان، بأنهم لم يعلموا أنّ قتل رياض تم بواسطة سلاح الجو البريطاني، وأفاد أحد الأفراد في المسجد أنّ "الأمر يصبح أكثر سوءا بعد قتل القوات البريطانية له، وأصبحت الحادثة وكأن بلدك هي التي تقتلك، وكان يجب على الحكومة منعه أولًا من الوصول إلى هذا الوضع؛ لأنه فى النهاية شاب مراهق تم التلاعب به"، فيما لفت صديق آخر، رفض ذكر اسمه، إلى أنّ أسرته لم تكن تعرف بأنه قتل بواسطة سلاح الجو البريطاني، قائلًا: إنه أمر مفجع لعائلته.
وتعيش أسرة رياض، فى منزل على بُعد ميلين من مركز كاردييف، قرب ملعب لكرة القدم يدعى " كاردييف سيتي"، وانقسم حديث الجيران في شأن الواقعة إلى قسمين، فقال بعضهم "بئس المصير"، وقال البعض الآخر "إنه يوم حزين عندما تقتل الحكومة البريطانية أحد مواطنيها".
وقال روفير ستيف ليشون (32 عامًا): "لقى مصيره، كان يهددنا بالقتل ولذلك قُتل، وإذا لم تقتله القوات الجوية البريطانية كان سيقتلنا وعائلاتنا، أشعر بالأسف على والديه؛ ولكني لا أريد أن أشعر بالحزن على أي من الأسر التي كان يرغب هو في قتلها"، ونوه جار آخر بيتر كامينسكي (52 عامًا): "أنا لست سعيدا لأننا قتلنا فتى بريطاني، كان يجب تقديمه إلى العدالة بدلًا من قتله، وفي هذه البلد نحن نفتخر بالعدالة والديمقراطية والأخلاق، أشعر بعدم الارتياح بعد قتل هذا الشاب".
ويعتقد بأن خان كان على قائمة القتل التي نفت وجودها الحكومة البريطانية، كما توفي مقاتل آخر من تنظيم داعش راهول الأمين، أثناء استهداف خان، كما قتل جنيد حسن وهو هاكر من برمنغهام، بعد ثلاثة أيام، بواسطة غارة جوية أميركية في عملية مشتركة مع بريطانيا، وصدمت والدة جنيد شيرين حسين، عندما علمت بوفاة نجلها، ورفضت الحديث وتركت منزلها في برمنغهام هذا الصباح.
وتعرض خان والأمين؛ إلى القصف بواسطة طائرة بريطانية من دون طيار، على بعد 3000 ميل في لينكولنشاير، واستطاع الطيارون ذوو الخبرة من توجيه هذه الضربات، من خلال مركز مراقبة عالي التقنية في سلاح الجو البريطاني، ونفذت الضربات من ارتفاع يصل إلى 50 ألف قدم، وأثناء سفر الجهاديين عبر سيارة إلى مدينة الرقة؛ تم قصفهم بواسطة صواريخ "هيلفاير" الموجهة باستخدام الليزر.
وكان خان، يفخر بنشر صور ضحايا عمليات القتل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث نشر إحدى الصور للجثث المشوهة وغرّد: "أمسكنا بهم وقتلناهم، وهذا هو شكلهم بعد القتل"، كم تفاخر بقتل عددًا من السجناء، ويعتقد بأنه أصبح متطرفا من خلال المواقع المتطرفة التي يتعرض لها في كاردييف، وأثار قتل سلاح الجو البريطاني عددًا من المزاعم بالقتل خارج نطاق القضاء؛ لكن السيد كاميرون أصر على أنّ هذه الهجمات كانت عملًا من أعمال الدفاع عن النفس في محاولة منه لإقناع البرلمان بالتصويت على مزيد من العمليات العسكرية ضد "داعش" في سورية، مشيرًا إلى إحباط بعض مؤامرات "داعش"، فى حين لا يزال بعضها نشطًا.
وعند سؤال كاميرون عما إذا كان سينفذ مزيدا من العمليات العسكرية، أكد لمجلس النواب: "نعم سأفعلها؛ إذا كانت ضرورية لحماية بريطانيا والدفاع عن النفس في ظل عدم وجود طريقة ثانية؛ لفعل هذا، يجب علينا أن نفكر في أننا إذا تركنا الأسلحة؛ فمن المتوقع حدوث فوضى وتطرف في بريطانيا، ولذلك علينا اتخاذ إجراءات من أجل المصلحة الوطنية".
وأشار إلى أنّ خان وحسين، دبرا بعض الهجمات أثناء الاحتفالات العامة رفيعة المستوى، خلال الصيف، من مدينة الرقة معقل "داعش"، وتضمنت الأهداف يوم "VJ Day" الشهر الماضي، واحتفالات "VE day" في الثامن من أيار/ مايو، وشهدت هذه الاحتفالات حضور كبار الشخصيات بما في ذلك الملكة، وأيضًا يوم الاحتفال بالقوات المسلحة في حزيران/ يونيو الذي شهد مقتل لي ريجبي على يد اثنين من المتطرفين الإسلاميين، والذكرى السنوية لهبوط "أنزاك" فى جاليبولي في نيسان/ أبريل.
وكان من المتوقع بأن يلقى كاميرون بيانا صحافيا، للنواب عن أزمة اللاجئين التي سببتها الحرب بين الحكومة السورية و"داعش"، وبعد أن تعهد كاميرون بتوفير ملجأ لـ 20 ألف سوري؛ كشف عن عملية قتل خان أمام المجلس، من جانبه وصف النائب المحافظ دومينيك غريف الهجمات بأنها "وحشية"، مضيفًا: "أعتقد بأن هذه القضية ستواجه طعنا قانونيًا"، كما نبهت كيت هدسون من حملة نزع السلاح النووي، إلى أنّ عملية القتل تمت خارج نطاق القضاء.
ودافع وزير الدفاع ماكيل فالون، الثلاثاء، عن هجوم طائرة من دون طيار استهدفت قتل جهادي بريطاني في سورية، وتعهد بأنه سيفعل ذلك مرة ثانية، ووجه إلى استخدام القوة العسكرية في سورية من دون سلطة برلمانية لقتل خان من كاردييف، والمتهم بارتكاب هجمات دامية فى شوارع بريطانيا.
وحذر فالون من وجود المزيد من الجهاديين في سورية الذين يدبرون لارتكاب المؤامرات في بريطانيا وأستراليا والولايات المتحدة، مشيرًا إلى أنّه لن يتردد في فعل هذا مرة ثانية، وهاجم عبثية القوات المسلحة البريطانية المخولة لتنفيذ هجمات صاروخية ضد "داعش" في العراق التي تعد في مثابة الخلايا الدماغية للتنظيم المتطرف.
وزاد، أنّه سيلتزم بتعهده إجراء تصويت في مجلس العموم، ربما الشهر المقبل، قبل أن يأمر سلاح الجو البريطاني بتنفيذ عمليات قصف ضد "داعش" في سورية، مبيّنًا: "أعتقد بأن القضية تنمو مع تزايد عدد المؤامرات المتطرفة التي يتم توجيهها بواسطة قيادة "داعش" في الرقة".
وذكر مايكل كلارك من المعهد البحثي الملكي للخدمات المتحدة، أنّ كاميرون يحاول الالتفاف على قضية خان المثيرة للجدل في البرلمان.
وأصبح خان الذي كان طالبا في كاردييف، فتى دعائيا لدى "داعش"، عندما ظهر في فيديو دعائي حمل عنوان "لا حياة من دون جهاد" في حزيران/ يونيو العام الماضي، داعيًا الغريبين للانضمام إلى الحرب، والتحق خان بالصف السادس في مدرسة "سانت ديفيد الكاثوليكية"، ووصفه زملاؤه بكونه محبا للرياضة، وعندما اختفى؛ أوضحت أسرته أنهم توسلوا إليه حتى يعود إلى الوطن.
وتوسلت إليه والدته، قائلة: "أرجوك العودة قبل فوات الأوان، أنت ابني الوحيد وأنا أحبك كثيرا"، ولم تعلق العائلة على الحادث بعد ذلك، وانتقل الطالب راهول، من أبردين إلى ليستر ويعتقد بأن عائلته عادت إلى بنغلادش، فيما شدد صديق راهون ستيفن مارفن على أنّه يستحق مصيره، مبرزًا أنّه "من الصعب أن نقول إنه لم يحصل على ما يستحقه في النهاية، كان أفضل صديق لي في طفولتي؛ لكنه كان شخصًا مختلفا تماما في الفترة الأخيرة ما بين 12 إلى 18 شهرًا، ولذلك فالتعاطف معه أصبح أمرًا صعبًا".
ورفض كاميرون مطالب نشر المشورة القانونية حول مدى مشروعية وفاة الطلاب، ما يثير جدلًا واسعا، حول دور بريطانيا مستقبلًا في العمل العسكري داخل سورية، ما عرضه إلى الإهانة في عام 2013 عندما انضم متمردو حزب "المحافظين" مع حزب "العمل" للتصويت ضد شن ضربات صاروخية ضد حكومة الأسد.
ووافق كل من رئيس مجلس الوزراء المستشار جورج أوزبورن ووزير الدفاع مايكل فالون ووزير الخارجية فيليب هاموند، على وجود ضرورة للعمل في سورية والعراق المجاورة، ويتوقع التصويت على الانضمام إلى الغارات الجوية ضد "داعش" في مجلس العموم، الشهر المقبل.
وكان البريطاني جنيد حسين (21 عامًا) الذي توفي في غارة أميركية، بعد أربعة أيام من وفاة خان وأمين، رقم ثلاثة في قائمة المستهدفين من "داعش" بواسطة الولايات المتحدة، وذلك بسبب دوره في عمليات القرصنة، وتجنيد المقاتلين الأجانب للانضمام إلى التنظيم المتطرف، قبل أن تقتله الولايات المتحدة في غارة جوية من دون طيار.
أرسل تعليقك