نيروبي - جاد منصور
اعتُقل المحقق الصحافي المخضرم ياسين جمعة المعروف بتقاريره عن الحرب على حركة الشباب الإسلامية المتشددة في الصومال بسبب نشره معلومات عن الهجوم الأخير على قوات الدفاع الكينية (KDF) على حساباته على وسائل الاعلام الاجتماعية، وفي مساء بارد من يناير/ كانون الثاني كان جمعة يتجه إلى صيدلية محلية عندما أوقفه أربعة رجال من الشرطة الكينية ورافقوه إلى منزله حيث وجد 14 شخصا آخرين نهبوا المكان أمام زوجته وأطفاله باحثين عن أجهزة إلكترونية وأجهزة كمبيوتر محمولة، وفي 18 يناير/ كانون الثاني كشف جمعة على الـ"فيسبوك" و"تويتر" أن مصدر موثوق في قوات الدفاع الكينية أكد له مقتل 103 جنود في هجوم على قاعدة للجيش الكيني في "العدي" قبل ثلاثة أيام, فيما أن القوات الكينية نفت مزاعمه، وأصدر جوزيف ناكساري أمين عام مجلس الوزراء للشؤون الداخلية والجنرال المتقاعد إعلان عام محذرًا من أن أي شخص ينشر معلومات حول الهجوم سيتم توقيفه لكونه متعاطف مع حركة الشباب.
وارتبط أساس هذا التحذير بالمادة 29 من قانون المعلومات والاتصالات الذي يحظر الاستخدام غير السليم لنظام الاتصالات المرخص, في حين, أوضح النشطاء أنه استُخدم من قبل السلطات الكينية لحظر نشر وتداول المعلومات عبر الإنترنت، واتُهم جمعة بسوء استخدام أداة الاتصالات السلكية واللاسلكية فضلًا عن عدم رضاء الشرطة عن نشره مشاركة على الـ"فيسبوك" بواسطة شقيق جندي صومالي كيني قتيل دون إذن من القوات الصومالية، وأعتُقل في 19 يناير/ كانون الثاني المدون إيدي روبن إله واتهم بموجب المادة 29 لنشر صورة لجنود القوات الكينية القتلى في مدينة "العدي" على "الواتس أب"، وتعد وسائل الاعلام الاجتماعية بالنسبة لكثير من الصحافيين مثل جمعة الذي يتابعه 19 ألف على الـ"فيسبوك" أداة رئيسية لنشر تقاريرهم تسمح لهم بتجاوز المنافذ التقليدية والتواصل مباشرة مع القراء.
وذكر جمعة خلال الهمات على مدينة العدي "يحرص الجمهور على معرفة ما يحدث ومع ذلك لا تغطي وسائل الاعلام الرئيسية الحادث، وأعطتني وسائل الاعلام الاجتماعية فرصة لتقديم معلومات للعائلات والجمهور"، فيما نفت الحكومة الكينية أنها تسعى لإرهاب أو إسكات الصحافيين، وأفاد وزير الداخلة ناكسري لموقع African Arguments لتغطية الشؤون الجارية الذي تعتبره الحكومة وسيلة إعلامية مستقلة تحظى بحرية التعبير "يجب أن يتم التمتع بالحرية بطريقة مسؤولة"، وبعد عدة هجمات من قبل حركة الشباب شات الجهود الكينية لمكافحة التهديد الأمني أنماط من انتهاك حقوق الإنسان من قبل قوات الأمن بما في ذلك عمليات القتل خارج نطاق القضاء والاعتقالات التعسفية والتعذيب وفقا لهيومان رايتس ووتش.
وأوضح مدير حرية التعبير في المنظمة غير الحكومية في كينيا (Article 19) هنري ماينا أن منظمته وثّقت ارتفاع حاد في التهديدات والاعتداءات على الصحفيين، وسجلت المنظمة من يناير/ كانون الثاني إلى سبتمبر / أيلول 2015 65 حالة فردية من تهديد الصحافيين ومستخدمي وسائل الاعلام الاجتماعي سواء من خلال العنف الجسدي أو تهديدات عن طريق الهاتف أو الرسائل النصية أو الاستدعاء من قبل الشرطة أو فرض قيود قانونية، ومن بين هذه الحوادث هناك 22 قضية تتعلق بتغطية الصحافيين لقضايا الفساد و12 حالة منها ترتبط بالاحتجاجات و8 حالات متعلقة بالإرهاب وقصص الجرائم، وأفاد ماينا أنه تم التحقيق في 3 حالات فقط من بين 42 حالة ونُقل الجُناة إلى المحكمة، ويمثل ذلك 7% من الإفلات من العقاب وهو مستوى مرتفع بشأن الاعتداءات على الصحافيين، في أبريل/ نيسان بعد انتقادات دولية موسعة للمادة 29 حكمت المحكمة الكينية العليا في النهاية أن هذا لم يكن دستوريًا، وتابن ماينا " كان هناك عدد من المدونين والاعلاميين في وسائل الاعلام الاجتماعية يواجهون تهما بموجب قانون الطعون وتم إسقاط هذه التهم ولم يكن هناك أدلة أخرى لتمكين النيابة لتوجيه الاتهام لهم بارتكاب جرائم تم تبرئتهم منها، ويتم إسقاط جميع الحالات المماثلة وفقا لنظامنا القانوني عند عقد جلسات الاستماع الخاصة بهم، ولم يتم تسجيل حالات جديدة لاتهام صحفيين ومدونين بموجب المادة 29".
وجاء هذا الحكم متأخرا جدا في العام الخاص بجمعة والذي تركت خبرته بصمتها على أيدي الشرطة، حيث اعتُقل من منزله في يناير/ كانون الثاني ونقل إلى مركز شرطة Muthaiga حيث تم التحقيق معه حول تقاريره، وأضاف جمعة " أخذوا هاتفي وأرادوا معرفة جهات الاتصال الخاصة بي في الصومال"، واحتجز جمعة لمدة يومين قبل أن يأتي ضابط إلى زنزانته ليخبره " هناك تغيير في الخطط" حيث أطلق سراحه دون تهمة بعدها بفترة وجيزة، وأخذ جمعة عائلته واختبأ خوفا من أن تغضب تقاريره السلطات مرة أخرى قائلا من منفاه الذي فرضه على نفسه " هذا أول نداء أقوم به، لقد ذهبنا تحت الأرض".
أرسل تعليقك