طهران ـ مهدي موسوي
أظهرت الأحداث الأخيرة في الذكرى السنوية الأولى للاتفاق النووي هشاشة ما جرى الاتفاق عليه بين إيران ومجموعة "5+1"، في ظل مشاريع تثير قلق المجتمع الدولي حسب اجتماع مجلس الأمن الأخير، وبينما طالب رئيس البرلمان علي لاريجاني بالعودة إلى تخصيب اليورانيوم، نفى رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي أن يكون لاريجاني يقصد تدشين منشأة جديدة.
وتواصلت ردود فعل المسؤولين الإيرانيين على نقاش جلسة مجلس الأمن الاثنين الماضي، وفي خطوة تصعيدية ردًّا على ما ورد في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول النشاط الإيراني الإقليمي والصاروخي، وجه رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني أمس انتقادات لاذعة إلى بان كي مون وطالب منظمة الطاقة الذرية الإيرانية بتقديم مشروع لتدشين مصنع جديد لتخصيب اليورانيوم "بمستويات تلبي حاجة إيران". ووفقًا لتقرير موقع البرلمان الإيراني "خانه ملت" فإن البرلمانيين أعربوا عن تأييدهم لخطاب لاريجاني بشعار "الموت لأميركا". وتعد المرة الثانية التي يتحدث فيها مسؤول إيراني رفيع عن عودة إيران إلى تخصيب اليورانيوم خلال أسبوع. ويوم الخميس الماضي هدد الرئيس الإيراني حسن روحاني بالانسحاب من اتفاق فيينا "إن تأخرت واشنطن في العمل بالتزاماتها في الاتفاق النووي"، مؤكدًا أنه بإمكان طهران العودة إلى نقطة الصفر وإعادة تخصيب اليورانيوم في "زمن قياسي". مضيفا أن انهيار الاتفاق النووي لن يكون في صالح كل الأطراف.
وحذر وزير الخارجية محمد جواد ظريف قبل أيام الجانب الأميركي من "الرخاوة" في تنفيذ الاتفاق النووي. وقال لاريجاني في إشارة إلى 3 قرارات صدرت ضد إيران في الكونغرس الأميركي إن "التحرك المؤذي ضد الاتفاق النووي بلغ مستويات لم يترك لإيران خيارًا غير المواجهة"، مطالبًا الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية بتقديم تقرير إلى البرلمان بهذا الخصوص. وأقر الكونغرس الأميركي الأربعاء والخميس الماضيين 3 قوانين تتعلق بالتصدي لنشاط إيران الداعم للإرهاب، وصناعة الصواريخ وتجارة الأسلحة، وكذلك منعها من التعامل بالدولار، وإقامة علاقات مع المؤسسات المالية الأميركية. ويمر الاتفاق النووي والقرار "2231" الصادر عن مجلس الأمن حول البرنامج الإيراني بالذكرى الأولى، لكن التقييم والتقارير تشير إلى خروقات إيرانية للاتفاق النووي؛ وهو ما يجعله عرضة للانهيار. ويفرض القرار "2231" الذي أقر بعد 6 أيام من التوصل للاتفاق قيودًا على إيران في صناعة وتطوير الصواريخ الباليستية لفترة 8 أعوام، فضلًا عن القيود التي يفرضها الاتفاق على تخصيب اليورانيوم والنشاط الإيراني النووي.
واحتج لاريجاني على النقاش الذي شهده اجتماع مجلس الأمن خصوصا ما ذكره أمين عام الأمم المتحدة وأعضاء من مجموعة "5+1". وبشأن ما ذكره بان كي مون بشأن عدم انسجام الاختبارات الصاروخية مع روح الاتفاق النووي، تساءل لاريجاني "إنه لا يعرف أي جزء من الاتفاق النووي لا يوافق إطلاق الصواريخ؟"، واصفًا كلامه بـ"الفارغ". رغم ذلك اعترف لاريجاني بأن الملحق الإضافي للقرار "2231" يشير إلى قيود تتعلق ببرنامج إيران لصناعة الصواريخ الباليستية.
وقبل ذلك بأيام كانت قناة "فوكس نيوز" نقلت عن مصادر استخباراتية رسمية فشل اختبار صاروخ باليستي يبلغ مداه 4 آلاف كيلومتر. وفق المصادر فإن الصاروخ انفجر في موقع قرب أصفهان بعد لحظات من إطلاقه، ولم يصدر حتى الآن تعليق من الجانب الإيراني.یشار إلى أن البرلمان الإيراني قبل دخول الاتفاق النووي حيز التنفيذ أقر مشروعًا في تشرين الأول/ أكتوبر 2015 يلزم الحكومة بـ"التحرك المتناسب والمتقابل لحفظ إنجازات إيران النووية"، ويجبر القانون الحكومة الإيرانية على الانسحاب من الاتفاق النووي إن قرر.
وهاجم لاريجاني بان كي مون بسبب ما ذكره عن دور فيلق "القدس" الإيراني ووصف تصريحاته بخصوص دور قاسم سليماني في العراق بـ"الهراء"، كما اعتبر ما صدر في مجلس الأمن بهذا الخصوص على لسان مندوب أميركا وفرنسا وإسبانيا بـ"الفضيحة". وعقب ساعات من خطاب لاريجاني في البرلمان ظهر رئيس الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي في محاولة لتوضيح ما قاله رئيس البرلمان، معلنا معارضة إيران الكشف عن أسرار برنامجها النووي من قبل الطرف المقابل لإيران أي مجموعة "5+1"، كما كانت حملت تصريحات تحذر واضح المعالم إلى المسؤولين الإيرانيين بالحفاظ على سرية البرنامج النووي لبلاده.وبدا صالحي مرتبكًا من تصريحات لاريجاني حول تأسيس منشأة جديدة لتخصيب اليورانيوم محاولًا تأويل تلك التصريحات للتخفيف من حساسيتها بقوله إن "القصد من مصنع لتخصيب اليورانيوم هو النقاش حول العودة إلى التخصيب، وأن المصنع الجديد ليس واردًا وإنما استخدام منشأة نطنز"، وفق ما ذكرته وكالة "ميزان".وقال صالحي إنه "وفق الاتفاق النووي إن تنصل الطرف المقابل من التزاماته في الاتفاق النووي فإنه يمكننا العودة إلى تخصيب اليورانيوم بأسرع وقت ممكن"، وربط العودة إلى تخصيب اليورانيوم بقرار النظام.وفق ما أدلى به صالحي للقناة الرسمية الأولى أمس فإن إيران بصدد برنامج نووي طويل المدى، مشددًا على "حساسية السرية". قائلا إن الفريق المفاوض النووي أوضح سابقا مسار الملف النووي الإيراني طوال 15 عامًا من تنفيذ الاتفاق.من جانب آخر أظهرت تصريحات صالحي قلقًا إيرانيًا من نشر مزيد من الوثائق بعدما نشرت وكالة "أسوشييتد برس" وثيقة سرية حصلت عليها من دبلوماسيين أميركيين قبل 3 أيام.
ووجه صالحي اتهاما غير مباشر إلى مجموعة "5+1" بنقض الاتفاق النووي بسبب نشر تفاصيل برنامج إيران النووي، مؤكدا أنه "لم يكن مقررًا نشر تفاصيل الاتفاق"، ورغم ذلك ذكر أن طهران لا تمانع في نشر تفاصيل البرنامج الإيراني النووي، لكنها "في الأساس ترفض نشر ما يتعلق ببرنامجها الذي تفكر به على المدى الطويل".وكان صالحي أعرب عن مخاوفه الأسبوع الماضي من "مؤامرة" تستهدف إيران عقب تصريحات المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أمام البرلمان الألماني حول البرنامج الإيراني، وكذلك ما سربته الأسبوع الماضي وكالة "رويترز" من تقرير الأمم المتحدة. وردًا على ما ذكره تقرير الأمن الألماني قبل أيام حول مساعٍ إيرانية لشراء تجهيزات من قنوات غير رسمية تساعد على تطوير أسلحة نووية قال إن "الاتفاق النووي حدد نوع الأجهزة التي نحصل عليها ونحن نتعامل عبر هذه القناة".وبشأن تصريحاته الأسبوع الماضي حول "مؤامرة تطبخ على نار هادئة ضد بلاده"، أفاد صالحي بأن مواقف الطرف الغربي متناقضة، في حين أن بعض الدول الاتحاد الأوروبي يدعمون الاتفاق، والبعض الآخر يدلى بتصريحات غير مسؤولة".أول من أمس، اعتبر وزير الخارجية محمد جواد ظريف ما نشرته وكالة "أسوشييتد برس" وثيقة "فخر" للفريق المفاوض النووي. في سياق موازٍ، قال مساعد الرئيس الإيراني الأول إسحاق جهانغيري أمس إن إيران تعاني من مشكلات حقيقية في الاقتصاد والثقافة والسياسة الخارجية، داعيًا "عقلاء النظام"، و"نخب المجتمع"، الإيراني إلى مساعدة الحكومة في إيجاد الحلول وفق ما نقلت عنه وكالة "تسنيم".
أرسل تعليقك