أعرب مجلس الوزراء الفلسطيني عن بالغ أسفه لانتهاء الاجتماع الأخير من محادثات المصالحة بين "فتح" و"حماس" في العاصمة القطرية الدوحة دون اتفاق، واستمرار حالة الانقسام، وما تسببه من معاناة لأبناء قطاع غزة، ومن مخاطر جسيمة على المشروع الوطني.
وجدد المجلس خلال جلسته الأسبوعية التي عقدها اليوم الثلاثاء في مدينة رام الله برئاسة الدكتور رامي الحمد الله رئيس الوزراء الدعوة إلى جميع الأطراف إلى التحلي بالمسؤولية والجرأة الوطنية أمام شعبنا، وإلى بذل جهود صادقة لتجاوز كافة الصعاب، ومواجهة التحديات بإرادة وطنية صلبة، وإنجاز تطلعات شعبنا وطموحاته بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، وترسيخ بناء مؤسسات دولة فلسطين، حتى نتمكن موحدين من إنجاز حقوقنا الوطنية المشروعة في إنهاء الاحتلال ونيل استقلالنا الوطني وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وحل قضية اللاجئين وفق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194، وتحرير جميع أسرانا الأبطال من سجون الاحتلال ومعتقلاته.
ورحب المجلس بتبني وزراء خارجية دول الإتحاد الأوروبي للمبادرة الفرنسية وخاصة البند المركزي فيها وهو عقد مؤتمر دولي للسلام قبل نهاية العام الجاري، معربًا عن تقديره إلى الموقف الأوروبي وإلى الجهود الفرنسية، ومؤكدًا على أن هذا القرار هو الرد العملي على الرفض الإسرائيلي للمبادرة الفرنسية وعلى مخططات ترسيخ احتلالها ومشروعها الاستيطاني وعلى سياسة إسرائيل الهادفة إلى إفشال الجهود الدولية الداعية إلى التزام إسرائيل بقرارات الشرعية الدولية وإرادة المجتمع الدولي.
وأدان المجلس مصادقة الحكومة الإسرائيلية على إضافة 18 مليون دولار إلى نحو مائة مليون دولار لتعزيز الاستيطان في الضفة الغربية. وأكد المجلس أن الحكومة الإسرائيلية ماضية في تحدي الإرادة الدولية وتقويض الجهود الدولية، الأمر الذي يستوجب من مجلس الأمن الدولي ممارسة صلاحياته، بإصدار قرار ضد المشروع الاستيطاني الإسرائيلي منذ الاحتلال الإسرائيلي عام 1967، وما رافقه من انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، ولقانون حقوق الإنسان وللقانون الجنائي، وإلزام إسرائيل بوقف مواصلة نهب الأرض الفلسطينية، وتقطيع أوصالها وزرعها بالمستوطنات الاستعمارية وبالمستوطنين المتطرفين.
كما أدان مجلس الوزراء إصدار ما يسمى رئيس مجلس المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية، فتوى عنصرية تشجع المستوطنين على تسميم مياه الشرب في القرى والبلدات الفلسطينية في الضفة.
وحمّل المجلس الحكومة الإسرائيلية المسؤولية الكاملة عن أي إعتداء ينجم عن هذا التحريض الإرهابي البغيض، نتيجة سياسة غض الطرف عن إرهاب المستوطنين وجرائمهم، ومنتقدًا بشدة سياسة الباب الدوار التي تنتهجها الحكومة الإسرائيلية مع المستوطنين من خلال الإفراج عن المتهمين بقتل عائلة دوابشه، ورفض هدم منازل قتلة الشهيد محمد أبو خضير. وأعرب عن بالغ إدانته لإقدام سلطات الاحتلال على قتل الفتى محمود رأفت بدران وإصابة أربعة آخرين غربي رام الله فجر اليوم.
واستنكر المجلس مصادقة الكنيست الإسرائيلي على تعديل قانون مكافحة الإرهاب، الذي يهدف إلى إطلاق العنان لسلطات الاحتلال لتوسيع حملات القمع والاعتقال ضد الفلسطينيين، كما يوفر للقضاء الإسرائيلي أدوات جديدة لمضاعفة العقوبات، وتنفيذ سياسة الاحتلال والتغطية على جرائمه، ويرسي دعائم للاعتقال الإداري المخالف للأعراف والقوانين الدولية والإنسانية.
وأعرب المجلس عن استهجانه لسن مثل هذه القوانين التي هي نتاج لإرهاب الدولة المنظم ولتنامي المظاهر العنصرية بتحريض من حكومة الاحتلال، مطالباً جميع المؤسسات الدولية الإنسانية والحقوقية لسرعة التحرك، وتحمل مسؤولياتها تجاه سلسلة القوانين العنصرية الإسرائيلية التي تنتهك بشكل فاضح حقوق الإنسان وكل القيم الإنسانية وبجميع المواثيق والمعاهدات والاتفاقيات الدولية.
في سياق اخر قرر مجلس الوزراء تحديد يوم السبت الموافق 08/10/2016 موعدًا لإجراء انتخابات المجالس والهيئات المحلية، وتكليف لجنة الانتخابات المركزية بالبدء في إجراء التحضيرات والترتيبات اللازمة، لتنظيم الانتخابات في موعدها المحدد، كما قرر تكليف وزير الحكم المحلي بمتابعة إتمام التنظيم وإجراء الانتخابات مع لجنة الانتخابات المركزية.
وناقش المجلس آلية تقديم الخدمات الحكومية عبر النافذة الموحدة في مكاتب البريد، وذلك لتخفيف العبء عن المواطن من حيث التنقل من مكان سكنه إلى مركز تقديم الخدمة في المدن الرئيسة، وتخفيف الضغط والعبء عن الوزارات والمديريات ومراكز الخدمة في المدن الرئيسة، وتحسين جودة الخدمات من حيث السرعة والتنوع، والحصول عليها من مكتب واحد.
وفي موضوع آخر أدان المجلس الحادث الإرهابي الذي أدى إلى استشهاد 6 من القوات الأردنية وإصابة 14 آخرين في منطقة الرقبان المحاذية للحدود مع سوريا، وأعرب المجلس عن استنكاره الشديد لهذا الحادث الإجرامي وتقدم بعزائه الحار إلى جلالة العاهل الأردني والحكومة الأردنية وإلى الشعب الأردني الشقيق وأهالي الشهداء، داعيًا المولى عز وجل أن يتغمد الشهداء بواسع رحمته ويسكنهم فسيح جناته وأن يمن على الجرحى بالشفاء العاجل، وأن يديم على الأردن وشعبها الشقيق نعم الأمن والرخاء والإزدهار.
ووجه المجلس التحية إلى أهلنا اللاجئين في مخيمات الوطن وفي الشتات بمناسبة اليوم العالمي للاجئين. وأكد المجلس على أن هذا اليوم الذي يخصص لاستعراض هموم وقضايا ومشاكل اللاجئين في العالم، ويقف فيه كل أحرار العالم لإعلان تضامنهم مع لاجئي العالم الذين افتقدوا وطنهم جراء الحروب والكوارث ومساندتهم في العودة إلى أوطانهم، فإن شعبنا الفلسطيني الذي وقف العالم عاجزًا عن رفع الظلم التاريخي عنه، رغم مرور 68 عامًاً، يتعرض اليوم إلى نكبات ورحلات لجوء جديدة تزداد فيها معاناتهم وآلامهم ومأساتهم دون أن يتحرك المجتمع الدولي لوقفها، وخاصة في مخيمات اللجوء في سوريا ولبنان وقطاع غزة. وشدد المجلس على موقف القيادة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية المبدئي والثابت تجاه حل قضية اللاجئين الفلسطينيين بتطبيق القرار 194، ورفض كل أشكال التوطين. كما أكد على ضرورة استمرار عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" في تقديم خدماتها إلى اللاجئين الفلسطينيين، وفق التفويض الممنوح لها بموجب القرار 302 الصادر عن الأمم المتحدة، مشددًا على ضرورة التزام المجتمع الدولي والدول المانحة في تأمين الدعم المالي لميزانية وكالة الغوث لضمان استمرار عملها، إلى حين إيجاد حل عادل لقضية اللاجئين الفلسطينيين باعتبارها الشاهد الحي على استمرار مأساة اللاجئين الفلسطينيين، وعلى حجم الجريمة التي ارتكبت بحقهم. وأضاف إن قضية اللاجئين هي جوهر الصراع العربي - الإسرائيلي، وإن حلّها طبقًا لقرارات الشرعية الدولية خاصة القرار 194 سيشكل مدخلًا رئيسًا نحو إنهاء الصراع، وتحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة.
وأكد المجلس دعم الحكومة الكامل وإصرارها، وبتوجيهات من سيادة الرئيس، على مواصلة الجهود التي تقوم بها المؤسسة الأمنية لملاحقة الخارجين عن القانون، ومنع العودة إلى حالة الفوضى والفلتان الأمني، محذرًا من التعرض لأجهزتنا الأمنية التي تعمل على توفير الأمن والأمان
إلى المواطنين وصون حقوقهم وممتلكاتهم. وشدد المجلس على أن وجود سلطة واحدة وقانون واحد وسلاح شرعي واحد هو الأساس لحماية مشروعنا الوطني، وإنجاز حقوق شعبنا كاملة غير منقوصة، مثمنًا الدور المميز لمؤسستنا الأمنية وإنجازاتها وجهودها لتكريس سيادة القانون والنظام العام، ومشيدًا بروح المسؤولية العالية التي يتعامل بها أبناء شعبنا الفلسطيني في مختلف المحافظات، والتفافهم حول مؤسستهم الأمنية.
أرسل تعليقك