أكد المجلس الأطلسي أن الادعاءات الروسية بشأن الغارات الجوية على الأراضي السورية تفتقد الكثير من الدقة، وأن غالبية فترة تلك الضربات التي امتدت نحو ستة أشهرٍ، حتى سريان اتفاق وقف إطلاق النار في 27 شباط/فبراير الماضي، تسببت في أضرار هامشية فقط لتنظيم "داعش"، وأوضح تقرير المجلس أنه وعلى الرغم من النفي الروسي، إلا أنه يبدو استخدام موسكو الذخائر العنقودية المحظورة، وأن استخدام مثل هذه الأسلحة العشوائية في المناطق التي يقطنها مدنيون يشكل جريمة حرب.
وزعمت موسكو، خلال حملتها السورية، أن غالبية غاراتها استهدفت داعش، إلا أن هذه الادعاءات تم الرد عليها من خلال أحد التقارير التي استخدمت الرقابة الجوية، وتصريحات شهود العيان، وغيرها من تقنيات المصادر المفتوحة، والتي أكدت افتقار المزاعم الروسية للدقة.
وعندما قررت موسكو إرسال قواتها الجوية إلى مسرح العمليات في سورية خلال أيلول/سبتمبر من العام الماضي، ذكر رئيس الديوان الرئاسي الروسي، سيرغي إيفانوف، أن هدف العمل العسكري في الأساس؛ من أجل تقديم الدعم للجيش السوري في معركته ضد داعش، ولكن التقرير الذي أعده الأطلسي، الذي يتخذ من واشنطن مقراً له، وصف مثل هذه الادعاءات من قبل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزارة الدفاع الروسية، بأنها غير دقيقة على نطاق واسع.
وفي تحليل لقطات مصورة للأهداف التي نشرتها الدفاع الروسية في الفترة ما بين 30 أيلول/ سبتمبر وحتى 17 تشرين الثاني/ نوفمبر العام الماضي توصلت مراراً إلى أن هذه الغارات وقعت خارج الأراضي التي يسيطر عليها داعش.
وتم إعداد التقرير قبل قيام القوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسـد مدعومة من القوات الجوية الروسية باستعادة السيطرة على مدينة تدمر من قبضة داعش في آذار/ مارس، وأشار إلى أن التركيز الأساسي للتدخل الروسي في سورية قبيل سريان اتفاق وقف إطلاق النار كان لدعم حكومة الأسد، من خلال دحر الجماعات المتمردة، في حين كانت هناك ادعاءات بالتنسيق مع التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية ضد تنظيم داعش.
وسبق وأن أعلن مسؤولون في الولايات المتحدة وجود تنسيق مع الجانب الروسي في الحرب على داعش، ولكن تقرير المجلس الأطلسي هو أكثر التحليلات جدلاً حتى الآن بشأن أماكن سقوط القنابل الروسية، كما يجادل التقرير في مزاعم وزارة الدفاع الروسية بأنها لم تستهدف خلال حملتها أيّة مواقع للمدنيين، وأبرزت الهجمات على أحد المساجد ومستشفى ومحطة لمعالجة المياه.
وكتب نائب الرئيس التنفيذي للمجلس الأطلسي في البرامج والاستراتيجيات، دامون ويلسون، في مقدمة التقرير يقول إنهم استخدموا قوة الأدلة الجنائية الرقمية للكشف عن تفاصيل الهجمات الروسية الجوية والبرية في سورية باستخدام معلومات من مصادر مفتوحة متاح الإطلاح عليها من أي شخص.
وأعدّ التقرير حول مشاركة بوتين في الحرب في سورية، ماكسيميليان تشوبيرسكي وجون هيربست، وإيليوت هيغينز، وفريدريك هوف إضافةً إلى بين نيمو، ويترأس هيغنز موقع إلكتروني يتخذ من بريطانيا مقراً له ومتخصص في تحليل مواد المصادر المفتوحة مثل الصور الجوية وتصريحات شهود العيان.
ونشرت وزارة الدفاع الروسية في الفترة ما بين 30 أيلول/ سبتمبر وحتى 12 من تشرين الأول/ أكتوبر بحسب ما ذكر التقرير فيديوهات لنحو 43 غارة جوية، وقد حدد الموقع بمساعدة شهود العيان الموقع بالتحديد لنحو 36 غارةٍ منهم وقارنتها مع الخريطة الخاصة بوزارة الدفاع لمعرفة أماكن سيطرة الجماعات في سورية، وكشفت النتيجة افتقار الادعاءات الروسية إلى الدقة بشكل كبير، حيث وصف المسؤولون في روسيـا 30 فيديو منهم على أنهم لغارات جوية استهدفت مواقع داعش، ولكن مثال واحد فقط في الحقيقة هو ما كان لمنطقة يسيطرعليها التنظيم.
كما نشرت الدفاع الروسية في الفترة ما بين 13 تشرين الأول/ أكتوبر وحتى 17 من تشرين الثاني/ نوفمبر فيديوهات توضح 34 غارة جوية، إلا أن موسكو واجهت انتقادات من الولايات المتحدة وغيرها؛ احتجاجاً على أنها تستهدف المتمردين المناهضين لبشار الأسد بدلاً من قصف أهداف تابعة لتنظيم داعش وفق ما تدعي، وأنكرت الوزارة في 30 تشرين الأول/ أكتوبر قصف أحد المساجد مطلع تشرين الأول/أكتوبر في مدينة جسر الشغور وإدلب.
وذكرت وسائل الإعلام الغربية أنه تم استهداف المسجد وتدمير المأذنة وهو ما أسفر عن مقتل شخصين، إلا أن موسكو أكدت أن ذلك الإدعاء كاذب، وقامت وزارة الدفاع بتقديم تصوير جوي بتاريخ لاحق للهجوم المزعوم يظهر فيه المسجد لم يلحق به أذى، ولكن تقرير مجلس الأطلسي أوضح أن المسجد الذي أشارت إليه وزارة الدفاع الروسية في التصوير الجوي ليس هو المسجد الذي تعرض للقصف، حيث أن المسجد الذي ظهر في تصوير وزارة الدفاع هو مسجد الفاروق، بينما المسجد الذي تم استهدافه هو مسجد عمر بن الخطاب.
ونفت وزارة الدفاع أيضًا ضرب طائراتها أحد المستشفيات في مدينة سرمين في إدلب، خلال مؤتمر صحافي عقدته في 31 تشرين الأول/ أكتوبر وعرضت صورة توضح عدم تضرر المستشفى، ومع ذلك، فإن تحليلاً لأشرطة الفيديو والصور من قِبل الناشطين المحليين اتخذت بعد الضربات الجوية، أظهرت مجموعة صغيرة من المباني والجدران والأعمدة التي تم هدمها أو أصيبت بأضرار جسيمة جراء الهجوم.
ثم نشرت وزارة الدفاع الروسية في الثاني من كانون الأول/ ديسمبر الماضي فيديو زعمت أنه لغارة جوية استهدفت مصفاة للنفط بالقرب من بلدة خفسة، ولكن تقرير المجلس الأطلسي أوضح أنه قصف لمحطة معالجة مياه تنتج متوسط 18 مليون لتر من المياه الصالحة للشرب في اليوم، كما ادعت في فيديو نشرته في 4 كانون الأول/ ديسمبر الماضي استهداف مستودع كبير في محافظة إدلب يستخدمه تنظيم داعش، إلا أن التقرير كشف عن كون الموقع المستهدف بالقرب من الدوافير غير المعلوم سيطرة التنظيم عليه وقتها، في ما قالت مؤسسة الإغاثة الإنسانية التركية أنه كان في الواقع أحد المخابز.
أرسل تعليقك