يُعاني قطاع غزة من أزمة كبيرة في المياه الصالحة للشُرب بعد دخول مياه البحر والصرف الصحي على كثير من الآبار الإرتوازية، في ظل انعدام مصادر التغذية للخزان الجوفي، الذي يُشكل مصدر المياه الوحيد للسكان.ويحاول المسؤولون وضع حلولاً لتلك المشكلة، التي كثيرًا ما حذروا منها منذ عقود، لكن ازداد التحذير في السنوات الأخيرة، التي شهدت تراجع في نسبة الأمطار، في ظل زيادة الاستهلاك، وعدم البدء بإنشاء مشاريع تنموية تسد العجز الكبير في المياه الصالحة للشرب، جراء الواقع السياسي المُعقد، الذي تعيشه الأراضي الفلسطينية، خاصة قطاع غزة، جراء الاحتلال والحصار والانقسام.
وباشرت على الرغم من ذلك الواقع، سلطة المياه الفلسطينية ومصلحة بلديات الساحل، بإقامة العديد من المشاريع، كمحطات تحلية مياه الصرف الصحي وإعادة استخدامها، ونجحت بعضًا من تلك المشاريع، فيما تنتظر مشاريع أخرى وصول تمويلاً لها عربيًا وغربيًا لاستكمالها أو البدء بها، لضمان حل المشكلة بالكامل بحلول عام 2020م، كما يرى المسؤولون ..
وفي مناسبة اليوم العالمي للمياه الذي يصادف 22 من آذار/مارس من كل عام، قال نائب رئيس سلطة المياه في القطاع مازن البنا: "قطاع غزة مساحته تبلغ حوالي 365 متر مربع، وتُشكل تقريبًا 1.4 من مساحة فلسطين، يعيش عليها حوالي 1.8 مليون نسمة يمثلوا 17% من الشعب الفلسطيني، وهذا يعطي انطباع عن حجم الازدحام السكاني، وما ترتب عليه من ازدحام بفرص العمل، وفي كل شيء، حتى لم تبقى أرض للزراعة خصوصًا بمدينة غزة".
وأضاف البنا "هذا الازدحام السكاني والظلم الكبير الواقع علينا، يؤدي لاستنزاف الموارد الطبيعية المتوفرة، بما فيها المياه الجوفية والبيئة ككل"؛ مُشيرًا إلى وجود مُشكلة حقيقية في المياه، لأن اعتماد القطاع بشكل رئيس على المياه الجوفية، والتي تضخ من (الخزان الجوفي الساحلي)، والذي يبدأ من جبال الكرمل شمال فلسطين حتى العريش المصرية جنوبًا، بعرض 5_15كم".
وتابع "داخل القطاع الطاقة المتجددة التي تغذي الخزان من 50_60مليون متر مكعب، من مياه الأمطار، ويفترض أن يكون هناك انسياب جانبي من الشرق للغرب، من داخل الأراضي المحتلة، لكن يبدوا أن هناك مصادرة للمياه من قبل الجانب الإسرائيلي، وما ينزل على القطاع من مياه أمطار يبلغ حوالي 120مليون متر مكعب سنويًا".
واستطرد البنا "ما يُستفاد منه حوالي 40% من الكمية المذكورة، وعندما تقع مشاكل يتم ضخ مياه للبحر حتى لا تحدث فيضانات ببعض المناطق، ومع مشاريع البنية التحتية والازدحام العمراني، أصبح من الصعب تسرب المياه لباطن الأرض للخزان، ونراها تجري على السطح فقط، خاصة في المناطق السكنية والمنخفضة".
وأوضح إلى ما يستخرجونه سنويًا من الخزان الجوفي، يصل لحوالي "200مليون متر مكعب"، بالتالي هذا استنزاف للخزان، من خلال سحب مياه أكثر من المتوفرة، بالتالي يخف منسوب المياه الجوفية، ما يتسبب بدخول مياه البحر، وزيادة ملوحة الآبار، منوهًا إلى أن منظمة الصحة العالمية أكدت على ضرورة ألا تزيد نسبة ملوحة مياه الشرب 250ملجرام في اللتر الواحد، كتركيز للملوحة ممثلة بعنصر "الكلورايد".
وتابع البنا "اليوم المتوفر أبار تضخ "1000_2000_3000كلورايد"، خاصة بمدينة غزة الأكثر سكانًا، لدخول مياه البحر على الآبار، وهذا الموضع ظهر بالمدينة لأنها كتلة عمرانية كبيرة، والمطر لا يستفاد منه، والمياه تنساب للبحر بمناطق غرب غزة، ووسطها ببرك المياه، ويتم ضخها للبحر، منعًا لطفحانها".
وواصل: "مياه الأمطار حوالي (5مليون) سنويًا على مدينة غزة التي تغذي الخزان، وما تضخه يزيد عن "30_40مليون متر مكعب"؛ مُشيرًا إلى وجود مشكلة أخرى تواجه المياه في القطاع والمتمثلة في (مياه الصرف الصحي)، فمدينة خان يونس جنوبي القطاع على سبيل المثال، التي بها آبار امتصاصية لمياه الصرف الصحي جزء منها تتسرب للخزان".
وأمضى نائب رئيس سلطة المياه: "المياه بخان يونس على عمق 40_60متر، وهناك تركيز مركب (النترات) (NO3) بهذه المنطقة يصل حوالي 600ملجرام في اللتر الواحد، وهذا مقارنة بمعايير منظمة الصحة العالمية التي تقول (النترات يجب ألا تزيد عن 50ملجرام في اللتر الواحد) بمياه الشرب، بالتالي آبار الشرب بخان يونس تضخ ما بين 500_600، وهذا 12ضعف ما أوصت به منظمة الصحة، وعليه صحة الإنسان في خطر، لعدم مطابقة المياه للشروط الصحية.
وأشار البنا، إلى أن ضخ مياه البحر في الخندق المائي المصري الذي أقامته السلطات المصرية على الحدود مع قطاع غزة لتدمير الأنفاق، بعرض "10أمتار" وبموازاته أنبوب مائي بقطر 60_80سم، تأثير كبير على التربة التي بدأت تنهار، كذلك على الخزان الجوفي بمدينة رفح، الذي يتم الاعتماد عليه بالشرب والزراعة بشكل رئيس.
وشدد على أن هذه المشكلة خطيرة جدًا، وتؤثر على حياة السكان، من خلال الانهيارات وتدمير البنية التحية، وزيادة ملوحة المياه، التي وصلت وفق الفحوصات لأرقام قياسية، بالتالي الأمن الغذائي والصحي والاقتصادي مهدد برفح خاصة والقطاع عامة؛ مؤكدًا أن هذا المشروع كارثة على شعبنا، وتزيد من معاناته وحصاره.
وحول الحلول، أكد نائب رئيس سلطة المياه البنا على أن الحلول تتمثل في إيجاد مصادر بديلة للخزان الجوفي، من خلال إنشاء محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، وعدم تحويله للبحر، واستخدامه بالزراعة أو تخزين الخزان الجوفي، لاستخدامها خاصة بفصل الصيف.
وأوضح إلى أنه تم إنشاء ثلاث محطات لمعالجة مياه الصرف الصحي، واحدة بالشمال، وأخرى بالوسطى، وثالثة في خان يونس، وفي رفح محطة جاري تطوريها؛ فيما يجري الحديث عن إنشاء محطات ضخمة لتحلية مياه البحر، ومحطات صغيرة، وهذه خطط وضعت منذ عام 2000م، ويفترض أن تنتهي عام 2020بمبلغ مليار دولار، لكن الانتفاضة والانقسام والحصار.. جمدت المشاريع.
وإستدرك البنا قائلاً: "منذ ثلاث سنوات تقريبًا، بدأت سلطة المياه بوضع مشاريع، لإنشاء محطات تحلية صغيرة في الوضع الحالي، وبالفعل تم البدء بإقامة محطة بمنطقة السودانية لتغذية غزة، وقدرتها حوالي (10ألف متر مكعب)، أي (3.5مليون متر مكعب سنويًا)، هذه المياه ستخلط بمياه الآبار، وتصل لحوالي (7مليون سنويًا)، وتم انجاز خزان بسعة (5ألاف متر مكعب) حتى الأن) والخط الناقل والآبار المغذية على الساحل، وإقامة خط وخزان يصل للشيخ رضوان لتخزين المياه وخلطها بمياه الآبار المحلاة ومن ثم ضخها للسكان، والعمل جارٍ".
وأضاف: "كذلك لدينا محطة بخان يونس بتمويل من الاتحاد الأوروبي، يتم العمل بها منذ ثلاث سنوات، بقدرة (6ألاف متر مكعب يوميًا)، أي حوالي (2مليون متر مكعب سنويًا)، وعلمنا بأن هناك موافقة لتصل (20ألف مكعب يوميًا)، بمعنى مضاعفة الرقم أربع مرات، وستعمل المحطة خلال أشهر، حسب التوقعات".
ولفت البنا، إلى وجود محطة بمنطقة (الزوايدة) وسط القطاع، بسعة (600كوب يوميًا)، ستزيد لحوالي (6ألاف) في حال وصل التمويل، بالتالي من الممكن الوصول (12مليون متر مكعب) من مياه البحر، وهذا يحتاج لحوالي عامين ليتم؛ وهناك حديث عن محطة مركزية، بتكلفة (نصف مليار دولار)، إقامة خط ناقل مسافة (1كم)بالبحر، وإقامة محطة طاقة للتوليد، لتغذية المحطة، وخط ناقل من رفح لبيت حانون لتغذية المحطة، وهذا لإنتاج (65مليون متر مكعب سنويًا)، من المياه المحلاة، وهذه يفترض أن تكون جاهزة عام 2020م.
ونوَّه إلى وجود تقييم إلى عطاءات جديدة لإنشاء محطات للصرف الصحي شمال ووسط وجنوب القطاع، وأضاف "موضع المياه يحمل أبعاد سياسية، بحكم الاحتلال المتسبب الرئيس بمشكلة المياه، بالتالي على الاحتلال والدول التي زرعت هذه الدولة، وقسمت فلسطين، أن تساعدنا بحل مشكلة المياه، وكافة مشاكل شعبنا
أرسل تعليقك