الساحل الشرقي الأميركي يتعافى من آثار العاصفة "جوناس"

تحاول عدة مدن في الولايات المتحدة الأميركية التعافي من آثار العاصفة "جوناس" الشتوية، التي ألحقت الدمار بالملايين وحولت المدن الرئيسية إلى مدن للأشباح، ويتُوقع أن تحظى معظم تلك المدن بضوء الشمس بعد اتجاه العاصفة إلى البحر، وهو ما سيساعد في التنظيف والتخلص من أكوام الجليد المتراكمة، نتيجة انخفاض درجة الحرارة إلى ما دون الصفر. وتتجه "جوناس" عبر المحيط الأطلسي في رحلة تقدر بثلاثة آلاف ميل إلى بريطانيا، وقد تصل خلال هذا الأسبوع، مع توقعات بأمطار غزيرة بدلًا من الثلوج.

وأعلنت 10 ولايات حالة الطوارئ خلال العاصفة، ما أدى إلى إلغاء أكثر من 12 ألف رحلة طيران، بالإضافة إلى انقطاع السبل بسائقي السيارات في عدة ولايات لأكثر من 24 ساعة. ووصل عدد القتلى إلى 19 بحلول الأحد، وزاد إلى 21 شخصًا في وقت متأخر من صباح الاثنين، في ظل بدء عملية تنظيف الجليد في الساحل الشرقي. وأعادت مدينة نيويورك فتح جميع خطوط مترو الأنفاق والحافلات، وسمحت للسيارات بالعودة إلى الطرق مرة أخرى، بعد أن كان عمدة الولاية بيل دي بلاسيو، فرض حظرًا على جميع المركبات أثناء العاصفة إلا في الحالات الطارئة فقط.

وتعد "جوناس" ثاني أكبر عاصفة ثلجية منذ "بِج آبل" (التفاحة الكبيرة) عام 1869، حيث تراكمت 26.8 بوصة من الثلوج في حديقة "سنترال بارك"، وتصدرت منطقة جلينجاري وفيرجينيا الغربية من حيث ارتفاع الجليد، الذي وصل إلى 40 بوصة. وتم فتح واشنطن العاصمة، التي غالبا ما تزدحم بالسياح، مرة أخرى، وقد يتم فتح خطوط النقل الجماعي في الولاية بعد إغلاقها بالكامل.

وقُتل 13 شخصًا في حوادث سيارات بسبب الطقس في أركانساس وولاية كارولينا الشمالية وكنتاكي وأوهايو وتينيسي وفيرجينيا، بينما توفي شخص واحد في ماريلاند، وشخصان في ولاية فيرجينها جراء انخفاض حرارة الجسم، وثلاثة في مدينة نيويورك أثناء إزالة الثلوج. وقال رئيس شرطة المدينة، جيم أونيل، إن شخصًا قُتل في جزيرة ستاتن واثنين في حي كوينز، فيما أعلن المحافظ أندرو كومو وفاة حالتين في الولاية، وخمسة نتيجة تجريف وإزالة الثلوج. وقُتل شخصين نتيجة انخفاض حرارة الجسم في هامبتون ومقاطعة وايز جنوب غرب ولاية فيرجينيا، إلا أن الشرطة لم تصرح بأسمائهم أو ظروف وفاتهم.

وتواصل المطارات العمل مع تأجيل الرحلات الجوية في جميع أنحاء البلاد بسبب إغلاق مطارات الساحل الشرقي أثناء العاصفة الثلجية، وتم إلغاء ستة آلاف رحلة جوية، الاثنين، بعد إلغاء ثمانية آلاف أخرى بالفعل، وتجنب المسافرين التوجه إلى منطقة الساحل الشرقي بسبب العاصفة. وبدت نيويورك التي عادة تكون مزدحمة، خاليةً كمدينة أشباح، ما دفع بروس سبرينغستين إلى إلغاء برنامجه في ساحة ماديسون سكوير غاردن. وأوضح مستطلع الطقس ريان موي أن العاصفة "ستكون من الأحداث التي تتحدث عنها الأجيال، ويحكي والداك عن مدى سوئها".

وأصبح نحو 100 ألف منزل في ولاية نيوجيرسي بدون كهرباء بسبب العاصفة، وأغلقت الولاية السبت وأعيد فتحها الأحد، حيث بدأ العمال في تنظيف الطرق من الثلوج. وخلَّفت "جوناس" مدًّا عاليًا تجاوز المد الناتج عن إعصار "ساندي" في بعض المناطق. وقال جيسون بيليجريني، صاحب أحد المطاعم في جزيرة "سي آيل سيتي"، إن المشهد كان مثيرًا عنما بدأت المياة في الاندفاع، كما غمرت المياه مطاعم أخرى تمامًا.

وكشفت ليندا جليمور، ضابط المعلومات في أتلانتيك سيتي، أنه من المتوقع أن تصاب المقاطعة بفياضانات المد والجزر، كما غطت الثلوج علامات التبديل التي مدتها محطات الخدمة من نيويورك إلى مونتوك بالكامل. وتم إغلاق عروض "برودواي" في المساء، فضلًا عن عدم قدرة الممثلين على الذهاب إلى المسارح، ما أدى إلى تضرر كثيرين من حاملي تذاكر العروض بالفعل، الذين انتظروا شهورًا طويلة من أجل الحضور. وكانت آخر مرة توقفت فيها عروض "برودواي" بسبب الطقس أثناء إعصار "ساندي" عام 2012، ما أدى إلى خسائر تقدر بـ8.5 مليون دولار. وتوقعت شارلوت سانت مارتن، رئيسة "برودواي ليج"، استئناف العروض الأحد بالنسبة للحفلات النهارية.

ويُتوقع استمرار إغلاق مطار رونالد ريجان الوطني في واشنطن، ومطار واشنطن دالاس الدولي، أمام الرحلات القادمة والمغادرة، ما يتسبب في مشاكل كبيرة للمسافرين. وأوضحت هيئة متروبوليتان التي تشرف على مطار دالاس وريغان، أن الرياح العاتية جعلت من الصعب إزالة الثلوج من مهابط الطائرات والطرق. وتسببت الثلوج والرياح الشديدة في انهيار سقف مسرح فيرجينيا التاريخي بالقرب من خليج تشيسابيك، وتهاوى سقف مسرح دونك كذلك. وأوضح مسؤول المقاطعة جيمي ويلكس، أن المسرح يعاني من خسائر فادحة.

ولم تستطع طائرة وزير الدفاع أشتون كارتر، الهبوط في قاعدة أندروز الجوية في ماريلاند، بعد عودته من حضور المنتدى الاقتصادي العالمي في "دافوس"، وبدلًا من ذلك غيرت مسارها متجةً جنوبًا إلى فلوريدا، حيث يظل كارتر هناك لفترة حتى يمكنه الطيران إلى العاصمة.

وقالت شرطة ولاية فيرجينيا إنها ردت على ألف شكوى من أعطال الكهرباء، الجمعة، بالإضافة إلى 900 شكوى أخرى، ما جعل 170 ألف شخص في أنحاء البلاد بدون كهرباء، معظمهم في شمال وجنوب ولاية كارولينا. وأصيب جندي في ولاية فيرجينيا، مساء الجمعة، أثناء مساعدته سيارة معطلة على الطريق السريع في مقاطعة كينت، كما شوهد البرق والرعد أثناء العاصفة الثلجية في ولاية ماريلاند، التي تتواجد بها أكوام من الثلج بلغ ارتفاعها 20 بوصة.

وذكر حاكم ولاية نيوجيرسي، كريس كريستي، أنه قد يطلب الاستعانة بالحرس الوطني من أجل عمليات الإجلاء إذا تطلب الأمر، مشددًا على الناس بالمكوث داخل منازلهم وعدم القيادة وعدم الخروج. وانقطعت السبل بمئات السائقين بين عشية وضحاها في ولاية كنتاكي، على امتداد الطريق السريع جنوب ليكسينغتون، بسبب سلسلة من حوادث تحطم السيارات والثلوج. وأعلنت الشرطة إعادة فتح الطريق، الاثنين، أمام حركة المرور بعد إزالة السيارات المحطمة.

وأكدت الأرصاد الجوية أنه يصعب الحصول على قياسات دقيقة لتساقط الثلوج بسبب الرياح الشديدة. وسلجت صفحة تابعة للأرصاد الجوية قوة الرياح وقت العاصفة بـ75 ميلًا في الساعة. وتم إعادة فتح الطريق المؤدي من واشنطن إلى بالتيمور صباح السبت، بعد أن قرر حاكم ماريلاند لاري هوجان، إغلاقه بسبب حوادث الطرق المتعلقة بتساقط الثلوج. وطالب هوجان المواطنين بالابتعاد عن الطرق والبقاء في المنازل حتى يقوم الطاقم بوظيفته ويتم تنظيف الطرق. وحثَّ رئيس بلدية منطقة كولومبيا، موريل براوسر، السبت، المواطنين على عدم القيادة أو المشى في الشوارع والبقاء في المنازل، مشيرًا إلى ضعف الرؤية في الشوارع حتى بالنسبة للمشاة. ولفت المسؤولون إلى أنه لا توجد وفيات حتى الآن في المنطقة، لكنهم يتوقعون تساقط 10 بوصات من الثلوج.

ويعاني نحو 150 ألف منزل في كارولينا الشمالية غير الشركات من انقطاع الكهرباء. وناشدت دوريات الطرق السريعة سائقي السيارات الابتعاد عن الطريق. وأبلغ الجنود عن ألفي حالة تعطل واصطدام بسبب الظروف الجليدية، الأربعاء، وخمس حالات وفيات في الولاية على الأقل. وحذر مسؤولون على مستوى الولاية من شدة الرياح، التي وصلت إلى 20 ميلًا في الساعة السبت، ما يهدد بالتأثير على الخطوط الجوية الأميركية، فيما وحثَّ المحافظ بات مكروري، المشجعين على البقاء في المنزل وعدم حضور مبارة السبت بيت جامعة ديوك وجامعة ولاية كارولينا الشمالية في رالي.

وقُتل 10 أشخاص على الأقل في حوادث تحطم سيارات بسبب العواصف في كنتاكي. وأكدت الشرطة وفاة رجل يدعى ويلي ستيفينز (59 عامًا) جنوب شرق الولاية، عندما اصطدمت سيارته بشاحنة في مقاطعة وايتلي، فضلًا عن إصابة اثنين ونقلهم إلى المستشفى. وأعلن رقيب الدورية مايكل بيكر، وفاة صبي عمره أربعة أعوام في ولاية كارولينا الشمالية، بعد ظهر الجمعة، بعد اصطدام الشاحنة التي كانت تستقلها أسرته بشاحنة أخرى. وأفاد الجنود أنهم وجدوا الصبي في مقعده في السيارة مقتولًا.

وأفاد المتحدث باسم ولاية بنسلفانيا، كارل ديفيبو، أن السبل انقطعت بسائقي السيارات قرب نفق جبل "ألغيني" في مقاطعة سومرست، وتم استدعاء الحرس الوطني للمساعدة. وفي منطقة مترو واشنطن، بلغ ارتفاع الثلوج قدمين، وأغلقت الحكومة الاتحادية مكاتبها ظهر الجمعة، وأغلقت كافة وسائل النقل الجماعي حتى الأحد.

وتأتي أكثر القصص المأساوية جراء العاصفة من ولاية كارولينا الشمالية، حيث اتُّهِم مارفين جيكوب لي (27 عامًا) بقتل جفرسون هيفنر (26 عامًا)، الذي كان ضمن مجموعة من الأشخاص اتجهوا لمساعدة سيارة عالقة في مقاطعة كتوبا. وقررت المجموعة الاتصال بالشرطة للمساعدة عندما هاجمهم لي بعنف،وفقًا للشريف كوي ريد، وظنوا أنه في حالة سُكر أو تناول بعض المنشطات، وعندما رآهم يتصلون بالشرطة أخرج مسدسه وبدأ يطلق النار على المجموعة فقتل جفرسون هيفنر.

وقررت منظمة "NHL" لكرة السلة تأجيل مباراة الأحد بين فريقي العاصمة و"بطاريق بتسبرج" بسبب العاصفة الثلجية الشديدة في واشنطن. وتعد هذه هي المباراة الثالثة التي يتم تأجيلها بسبب "جوناس". قضى فريق كرة السلة من جامعة دوكين، وفريق الجمباز من جامعة تيمبل في بنسلفانيا، ليلة طويلة على الطريق السريع بسبب الثلوج. وكانت الحافلة التي تحمل الفريقين ضمن أكثر من 500 مركبة عالقة على الطريق. وقال أعضاء الحرس الوطني إنه تم الإفراج عن الحافلات السبت. وأكد حساب فريق كرة السلة على "تويتر" وصول أعضاء الحرس الوطني بزجاجات المياه إلى جميع المركبات العالقة.

وأعلنت وزارة النقل في ماريلاند أن العاصفة جعلت الميناء غير جاهز لاستقبال السفينة "رويال كاريبيان" الدولية حتى الاثنين. وأشارت سينثيا مارتينيز، المتحدثة باسم "رويال كاريبيان"، إلى أنه تم تعديل خطة السفينة للعودة يوم الأحد من رحلة ثمانية أيام إلى جزر البهاما، بسبب العواصف الثلجية.