افتتحت في رام الله تحت رعاية الرئيس محمود عباس، اليوم الخميس، أعمال المؤتمر القضائي السادس 'السلطة القضائية على طريق التطور والتكامل'، والذي ستختتم أعماله يوم غد.
وأكد رئيس الوزراء رامي الحمد الله خلال إلقائه كلمة الرئيس محمود عباس، أن المواطن الفلسطيني هو الاستثمار الأول والأساسي، وأحد أبرز الإنجازات له يكون من خلال تكريس حالة الأمن والاستقرار، 'الذي لم يكن ليتحقق لولا تكامل الأدوار بين كافة مكونات قطاعات القضاء والعدل والأمن وأَذرعها المختلفة، وتضاِفر الجهود لبث العدل في نفوس المواطنين، وتعزيز الثقة في مؤسسات السلطة القضائية التي تختص في الفصلِ في أهم قضايا المواطنين التي تمس حياتهم وكرامتهم وحقوقهم'.
وقال رئيس الوزراء: 'الحكومة تستمر وبناء على توجيهات واهتمام الرئيس في دعم القضاء، وتحرص على تطويره وضمان استقلالية وهيبته ونزاهته، وصولا إلى ترسيخ مبدأ سيادة القانون والفصل بين السلطات، لضمان الاستجابة بفعالية لاحتياجات أبناء شعبنا، وتتناغما مع دور القطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المَدني في بلِادنا'.
وأضاف 'سعينا منذ اللحظَةِ الأولى لتَولينا مَهامَنا في حُكومَةِ الوفاقِ الوَطَنيِ على تَعزيزِ المُصالَحَةِ وإزالَةِ آثارِ الانقسامِ، لاسيما على صعيد السُلطَةِ القَضائِيَةِ، وعَمِلنا جاهدينَ على تَوحيدِ مُؤسساتِ الدَولَةِ الفلسطينية، وسَنواصِلُ العَمَلَ على تحقيقِ الوحدَةِ الوطنية، إلى جانبِ إعادَةِ اعمارِ قطاعِ غزة، رغمَ العَقباتِ والمُعيقاتِ المُختَلِفة، وسنَستَمِرُ في الاضطلاع بِمَسؤولياتِنا في تَلبِيَة احتِياجات المُواطِنين في جميعِ أماكِن تَواجُدِهِم'.
وشدد رئيس الوزراء على أن حكومةَ الوفاقِ على استِعدادٍ دائمٍ لتقديمِ الدَعمِ اللازِمِ في سَبيلِ تَوفيرِ الامكانِياتِ والمناخِ المناسِبِ لِتَحقيقِ التطورِ والازدهارِ في قطاعِ العَدالةِ بِفلسطين رغمَ التحدياتِ والظُروفِ.
وأشار إلى أنه اجتمع قَبلَ أسابيع بمَجلِسِ القضاءِ الأعلى والنيابَةِ العامة وعددا من المَرافِقِ العَدلية، في سِياقِ تَنسيقِ الجُهودِ، والسَعيِ لِترسيخِ مَنظومَةٍ مُشتَرَكَةٍ تَعمَلُ على تَحديدِ الصلاحياتِ، وللتأكيدِ على أهمِيَةِ عَمَلِ القَضاء في تَحقيقِ المَصلَحَةِ العَامَة.
وجدد رئيس الوزراء تأكيده على أنه عمل الحكومة وِفقَ نَهجِ تَكامُليةِ وشُمولِية الأدوارِ وتَعزيزِها بَينَ سُلطاتِ الدولة، يأتي في إطارِ السعي لِتحقيقِ الأمل المَنشودِ في العيشِ الكريمِ في ظلِ دَولةِ المُؤسساتِ والقَانونِ، وبِتظافر الجُهود يمكن إزالةُ جَميعِ المُعوِقاتِ التي تَقِفُ في سَبيلِ الحق بالعَيشِ بِكرامةٍ وأمان في ظلِ دَولةِ المُؤسساتِ والقانونِ، وهذا يَتَطَلَبُ تَعاونَ كافَةَ الأطرافِ ذاتِ العلاقةِ التي تَضَعُ الكل أمامَ مَسؤولياتِه ومَهامِه.
وأشاد الحمد الله بدور مجلس القضاء الأعلى في تَنفيذِ المهام المناطة به في تعزيز استقلال القُضاة، وضمانِ كرامتهم ونزاهتهم وكفاءتهِم، وتأهيلِهم للعملِ في السلكِ القَضائي، وتَطويرِ أداء المحاكمِ وتَسهيلِ إجراءاتِ الدَعاوي، وغيرها من الجهودِ المبذولة من قبَلِ المجلس لمأسسة وتطويرِ عمل القضاء.
ودعا إلى توفير البيئة التشريعية لتعزيز كفاءة القضاة، وتوفير كافة الإمكانيات والدعم الفني للإسراع في تنفيذ الأحكام، ووضع قوانين للفصل المرن بين السلطات الثلاث، وتمكين المواطن للحصول على العدالة وكافة حقوقه وفقا للقانون.
وثمن رئيس الوزراء دور الشُركاء الدُوليينَ خاصَة برنامجَ الأممِ المتحدة الإنمائي في رفد هذا القطاعِ بالخبرات المميزةِ وتنفيذ الدوراتِ وورش العمل المُتخصصَة، والتي تساهم في النهوض بالسلطةِ القضائِية في فلسطين.
بدوره، أشار رئيس مجلس القضاء الأعلى علي مهنا، إلى التحديات الكبيرة التي تواجه تطور القضاء في فلسطين، وأهمها استمرار الاحتلال الإسرائيلي، والانقسام الداخلي، وشح الموارد، ورغم كل ذلك نواصل الجهود لتطوير القضاء والارتقاء به.
وشدد على ضرورة الفصل بين السلطات الثلاث، والعمل على تنسيق مرتكزات العدالة، والحفاظ على سيادة القانون، والنهوض بالسلطة القضائية، وتحقيق نهضة حقيقية في المحاماة، والنيابة العامة، والضابطة القضائية، ودون هذه الأمور لا يمكن النهوض بقطاع العدالة في فلسطين.
وقال: 'حان الوقت لتغيير الثقافة التي تقوم على الانعزالية بين مكونات قطاع العدالة، والعمل على دعم كل الإجراءات التي تعزز التعاون والتشارك'، مؤكدا الانفتاح الدائم على كافة الشركاء لتحقيق نقلة نوعية لهذا القطاع.
وشكر مهنا الرئيس محمود عباس على دعم استقلال القضاء، وتحقيق السيادة والعدالة المطلوبة، وكذلك رئيس الوزراء رامي الحمد الله وحكومة التوافق على دعم السلطة القضائية، رغم كل الظروف وشح الإمكانيات.
وأكد أهمية تعزيز الموارد البشرية والقضائية، وزيادة عدد القضاء الذي يعتبر قليلا بمقارنة بالدول المجاورة، وتوفير الدعم الاداري واللوجيستي، و'العمل على استعادة وحدة السلطة القضائية بين شطري الوطن بعيدا عن المحاصصة السياسية'.
ودعا إلى العمل على وصول العدالة إلى المواطن، وإنشاء المحاكم الصلحية في التجمعات الكبيرة، خاصة الموجودة في القدس، ورفع جودة الخدمات المقدمة، والحفاظ على أمن المعلومة.
من جهته، قال النائب العام عبد الغني العويوي، إن هناك ظروفا استثنائية صعبة نعيشها في فلسطين، خاصة مع استمرار الاحتلال الإسرائيلي، وحالة الانقسام، وقلة الامكانيات، وشح الموارد، وهذه كلها أمور تصعب من عمل القضاة.
وأكد أن دور منظومة العدالة كبير، وأركان العدالة وقضاة فلسطين مطالبون بأن يدركوا حجم هذه المسؤولية الملقاة عليهم، وأن يتقوا الله، مطالبا بإجراء تعديلات على قانون السلطة القضائية، وإصدار قوانين عصرية تستجيب للتطور، وهناك مجهود كبير من قبل القضاة ووزارة العدل لحل هذه الاشكاليات.
وأشاد العويوي بدور قضاة فلسطين وأعضاء النيابة، رغم الظروف الصعبة التي نعيش فيها، وما يتعرضون له من من ضغوطات وصعوبات.
وأردف إن النيابة العامة تؤكد دائما على دعمها لجهود تطوير أركان العدالة، لتساهم في المجهود الوطن الرامي إلى محاربة الجرائم، والمشاكل الاجتماعية التي تضرب المجتمع.
بدوره، قال ممثل برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP)، روبرتو بالاك، 'إن لدينا التزاما كبيرا لدعم قطاع العدالة في فلسطين، للوصول إلى الأمن والعدالة، وتحقيق المساواة، ولتقديم خدمات أفضل للمواطنين في هذا القطاع الهام والحيوي'.
وأوضح أنه جرى خلال السنوات الماضية العمل والشراكة مع مجلس القضاء الأعلى، لدعم وبناء القدرات في مجال التخطيط عبر التنسيق مع المانحين، ومن خلال برامج تفصيلية، وسنواصل العمل والدعم للحصول على نظام ناجع لمؤسسات سيادة القانون في قطاع القضاة.
وأشار بالاك إلى أن البرنامج يتم تنفيذه وتنسيقه بجهد من عدد من الدول المانحة، وهم شركاء في العمل مع نظام العدالة، ويعملوا على تصميم الاستراتيجيات بما يفيد الشعب الفلسطيني، ويخدمه بصورة إيجابية.
وأثنى على عمل القضاء في فلسطين، خاصة أنهم يعملون في ظروف استثنائية، ووجود العراقيل واستمرار الاحتلال، داعيا إلى مواصلة الاستثمار في هذا القطاع، لتقديم أفضل الخدمات.
من جهته، قال نائب نقيب المحامين حاتم شاهين، إن منظومة العدالة بكافة أركانها غير قابلة للتجزئة، ونحرص دائما على الوصول إلى علاقة تكاملية بين كافة أركان العدالة بما يليق بدولة فلسطين.
وأوضح أن 'منظومة القضاة بكافة أركانها، غير قادرة بعد على الوصول إلى العدالة التكاملية، ولا تلبي الطموحات'، لافتا إلى أن نقابة المحامين أخذت على عاتقها دعم ومساندة القضاء، وقامت من أجل ذلك بتطوير أنظمة التدريب، واطلاق البرامج اللازمة لتطوير قدرة المحامين المزاولين، وتأهيل المتدربين، وتعمل على إنشاء معهد للتدريب.
وتابع شاهين: 'نراقب عن كثب عمل مجلس القضاء، ونأمل أن يستمر في جهوده للوصول إلى قضاء متطور يحترم المواطنين والمجتمع'، داعيا إلى تطوير القضاء الإداري أسوة بالدول العربية لخدمة المواطنين.
وجرى خلال أعمال المؤتمر عرض فيلم قصير، تضمن انجازات وأعمال مجلس القضاء الأعلى.
أرسل تعليقك