حيفا-فلسطين اليوم
عقد التجمع الحيفاوي اجتماعًا خاصًا إثر قرار بلدية حيفا تجميد التمويل لمسرح الميدان وتشكيل لجنة مكونة من أعضاء البلدية ولجنة المعارف فيها لدراسة وقف تمويل مسرح الميدان نهائيا، وذلك بسبب عرضه لمسرحية "الزمن الموازي" المستوحاة من حياة الأسير وليد دقة الذي دخل عامه الثلاثين وراء القضبان في السجون "الإسرائيلية".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها مسرح الميدان لتدخّل من قبل البلدية، على حريته الفكرية، حيث تعرّض لحملة تحريضية في شباط(فبراير) الماضي من قبل بلدية حيفا واليمين، في أعقاب إعلان المسرح عن تنظيم مهرجان الفيلم الفلسطيني في حيفا، بالتعاون مع جمعية " ذاكرات" حين صرّح مصدر مقرّب من رئيس البلدية، "يونا ياهف"، لصحيفة "يسرائيل هيوم" بأن "رئيس البلدية أوعز لطاقم من المختصين بفحص إمكانية التدخل لوقف عروض من هذا النوع وإيقاف الدعم الذي تقدّمه البلدية لمسرح الميدان بطريقة قانونية.
ويرى التجمع أن "تصريحات البلدية بأن مسرح الميدان يضر بالجو العام بين العرب واليهود في المدينة أو التبريرات الفارغة من الجوهر أن المسرحية تعادي الدولة ما هي إلا فذلكات لسياسة كم الأفوه والترهيب وكبت الأقلية العربية الفلسطينية من التطور الثقافي، وبالأساس محاولة لطمس حقيقة الرواية الفلسطينية. وهذه الحرب في سياق السياسات العامة لذبح الثقافة الفلسطينية لعرب فلسطين التاريخية".
ويؤكد التجمع الحيفاوي على "أهمية سرد حكايتنا وقصتنا الخاصة بنا، وأننا كأقلية فلسطينية لنا أحلامنا وأوجاعنا، نريد أن نتحدث عنها في المسرح ومن حقنا ذلك. ونؤكد أن مسرحية الزمن الموازي لا تعادي الدولة وإنما تأتي ضمن الرواية الفلسطينية ووجدانية مأساته اليومية. وعليه، فإنه يستهجن تصنيف أي تعبير عن النيراتيف الفلسطيني كعداء للدولة. ونؤكد أن هذا التصنيف ينبع من سياسات اليمين الفاشية التي تحاول فرض الرواية الصهيونية بالقوة إيمانًا منها بصدق وحقيقة روايتنا الفلسطينية".
وبين التجمع الحيفاوي أن "مسرح الميدان يشكل إحدى أهم المرافق العربية الثقافية في حيفا، وهو يتشكّل كالمسرح الفلسطيني المحترف والمستقل لفلسطينيي الداخل. يتشكّل ويتطوّر ويبدع من داخل الوجع والوجدان الفلسطيني. ونحن نريد أن نحافظ عليه كذلك ولن نسمح بالتدخل في استقلاليته. ويرفض التجمع الحيفاوي الربط بين الحقوق الأساسية والحق في تمويل مؤسسات ثقافية وطنية، ويرفض أن يشترط التمويل بأية شروط على المضامين، ويؤكد أن الدعم الذي يحصل عليه مسرح الميدان هو حق وواجب، مثله مثل باقي مسارح البلاد، بل ويطالب التجمع بزيادة ميزانيات الدعم لمسرح الميدان (وهو أصلا ضئيل، ما يقارب المليون ومائتي ألف شيقل والتي 60% منها تعود للبلدية على شكل إيجارات وضريبة أرنونا، ولا يفي باحتياجات المسرح ولا يحوله إلى مسرح متطور وعصري) أسوة بباقي المسارح اليهودية. ويؤكد التجمع الحيفاوي أن من واجبات بلدية حيفا تجاه مواطنيها العرب الفلسطينيين الذين يدفعون الضرائب أن تموّل مسرح الميدان من الأموال العامة التي تخصهم أيضًا".
وتابع التجمع، "سياسة الرقابة الفكرية قد انتهت، وما يحق لمسارح يهودية، مثل "البيما" الذي عرض مسرحية "عائد الى حيفا" لـ "غسان كنفاني" يحق لنا ولمسرح الميدان، وليس من باب تلميع صورة إسرائيل، بل من باب حقنا بالتعبير عن أنفسنا وعن هويتنا وعن امتدادنا الثقافي بالمسرح والفن، وأنه من حقنا كأقلية قومية أن ننشر إبداعاتنا باسمنا كأقلية فلسطينية، وليس باسم المؤسسة الممولة حتى وإن كانت الدولة".
وناشد التجمع "الفنانين والمنتجين اليهود الأحرار أن يدعموا مسرح الميدان، كون هذه القضية هي قضية حرية التعبير عن الرأي أيضًا، وأن سياسة الترهيب الفكري والسياسي إذا نجحت مع مسرح الميدان، ستطالهم لاحقًا مع تمادي سياسات اليمين الفاشي في التعدي على كل فكر لا يتوافق معهم".
وأكد التجمع الحيفاوي على ما قاله النائب د. باسل غطاس في رسالته ليونا ياهف على "عدم أخلاقية أي قرار يتبنى وقف التمويل لمجرد عرض مسرحية لا تروق للأغلبية السياسية في البلاد".
واستهجن التجمع الحيفاوي "قرار البلدية وقف التمويل ومن ثم إقامة لجنة تحقيق تتابع الموضوع، أي أولا صدور الحكم ومن ثم نقرر. (كجزء من سياسة الترهيب) وبغض النظر عن قرار اللجنة الخاصة، والتي يستنكر التجمع إقامتها كونها تتصرف كمحكمة تفتيش تقمع الفكر وحرية التعبير عن الرأي وتحاول فرض أجندة على مسرح الميدان أو غيره من المسارح والأعمال الفنية".
وحذر التجمع من "التمادي مع هذه السياسات التي ستؤدي مؤكدًا للتصعيد كونها لا تخدم سياسة "التعايش" الذي تدعيه البلدية وتزيد الهوة لبناء شراكة ندية مبنية على العدل التاريخي للأقلية الفلسطينية".
ودعا التجمع الحيفاوي إلى "إقامة لجنة شعبية من كل الأحزاب والمؤسسات الفاعلة، لترجمة القائمة المشتركة محليًا، وتقوية مواقفنا، والحد من عنصرية اليمين، وحماية فننا ومسرحنا وحرية فنانينا في الإبداع".
أرسل تعليقك