رام الله - وفا
يظهر الانخفاض على سعر سلع ذات طابع عالمي في اسعارها كالبترول مثلا، لهيب الاسعار في السوق المحلية، وعمق الازمة في الاقتصاد الوطني "العصي" على أي برود في الاسعار العالمية، لاسباب ذاتية وأخرى موضوعية، وأخرى تتعلق بالاحتلال الإسرائيلي وفق مختصين.
وعكست دراسة بريطانية جديدة حجم الضغوط الاقتصادية التي يعانيها المواطن، لتوفير أبسط الاحتياجات، حيث إن السلة الغذائية في فلسطين هي الأعلى سعرا من بين دول الشرق الأوسط مقارنة بالدخل الشهري، حيث تصل فيها تكلفة الأطعمة الأساسية لأربعة أفراد إلى 86.9% من الراتب الشهري.
وحول هذا الموضوع، قال رئيس جمعية حماية المستهلك صلاح هنية، فيما يتعلق بعدم انخفاض الاسعار في سوقنا المحلية، بانخفاضها عالميا، هذا يبرر من قبل الجهات المختصة بأننا لا نملك معابر ولا حدود، وان الاحتلال يفرض علينا ما يرتئي من ضرائب وجمارك، وهذا في جزئية صحيح.
وأضاف، ولكن إذا ما أخذنا سلعة كالأرز على سبيل المثال، فإن سعر الطن يقارب الـ650 دولارا حتى يصل مخازنه في الارض الفلسطينية، فلماذا هذا السعر العالي جدا في الأسواق، وهذا ما يتطلب دراسة لهذا الوضع.
وتابع هنية، إذا ما أخذنا استهلاك المواطن من غير السلع الغذائية، من قبيل الكهرباء والمياه والتي انخفضت أسعارها في "إسرائيل"، فإن أسعارها لم تنخفض في السوق الفلسطينية، فكيف نشجع الانتاج وقد تلقيت شكوى من أحد مصانع رام الله يدفع شهريا 12 ألف شيقل فاتورة كهرباء.
وأشار هنية الى ان المطلوب هو تنظيم الوضع الاقتصادي وليس فرض رسوم ضريبية وجمركية جديدة.
بدوره، قال المسؤول في إدارة الدراسات في وزارة الاقتصاد الوطني عزمي عبد الرحمن، إن لغلاء الاسعار في فلسطين جملة عوامل ذاتية، أبرزها أن المنتج الوطني لا يغطي إلا بحدود الـ20% من احتياجات السوق، عدا عن أن القطاعين الانتاجي والصناعي غير قادرين على منافسة البضائع العالمية في المجالات الاخرى لظروف موضوعية عدة.
اما اكثر ما يكبل الاقتصاد الفلسطيني فهو ارتباطه بالاقتصاد الاسرائيلي طبقا لاتفاق باريس الاقتصادي، رغم التباين الكبير في معدل دخل الفرد من الناتج المحلي الاجمالي (حوالي 30 ألف دولار سنويا معدل دخل الفرد في إسرائيل، مقابل اقل من ألفي دولار في الأرض الفلسطينية).
ويضيف عبد الرحمن، ان التذبذب في الاسعار العالمية وحجم انخفاضها، لا تتيح لنا في كثير من السلع احداث خفض يتناسب مع اصغر فئة نقدية كالنصف شيقل مثلا، عدا عن ان هناك تلاعبا في الاسعار من قبل بعض التجار.
واكد عبد الرحمن ان المطلوب هو التركيز على المنتج الوطني ودعمه، وكسر حالة التبعية للاقتصاد الاسرائيلي.
وقال المحلل الاقتصادي نصر عبد الكريم، "صحيح ان لكل اقتصاد ظروفه الخاصة، والتي تتأثر بمعايير عدة طبقا لعدة اعتبارات، فاذا ما نظرنا الى اقتصادنا الفلسطيني فإن انعدام السيادة على المعابر والحدود، وفقدان القدرة على رسم سياسات اقتصادية مع شركاء خارجيين، لان البضائع المستوردة تمر عبر اسرائيل، بحكم اتفاقيات تفرض تماثلا او تقاربا في الاسعار بين السوقين الفلسطينية والإسرائيلية".
واضاف عبد الكريم: اذا ما اخذنا قطاعا مثل الصناعة مثلا، فإن حجم المنافسة فيه لعدة ظروف ذاتية، واحيانا عدم القدرة على منافسة منتجات عالمية، تجعل من ارتفاع الاسعار امرا واضحا، او كقطاع الزراعة الذي لا نملك فيه السيطرة على جزء كبير من اراضنا او مياهنا، الا ان هذا لا يبرر غياب الدعم الحكومي.
وتابع عبد الكريم: هنالك سلع كالبترول مثلا.. حتى لو حصلنا عليها كفلسطينيين بالمجان، فإن سعرها سيراوح الى حد الاربعة شواقل، نظرا للضرائب المفروضة عليها محليا واسرائيليا.
واشار الى ان غياب العملة الوطنية ايضا يجعل الاقتصاد الوطني اسير تقلب اسعار صرف العملات الاجنبية، اضافة الى ظاهرة الاحتكار وغياب الرقابة في هذا الاطار او ضعفه، ما يجعل من الاقتصاد اقتصادا ربحيا لا تنمويا، اضافة الى حالة الجمود في مستوى الاجور غير المرتبطة بالغلاء والتضخم.
وشدد عبد الكريم على ضرورة اجراءات فنية في مجالات كالزراعة مثلا، مشيرا الى انه من غير المعقول او المقبول فرض ضريبة دخل عليها في الوقت الذي تعد فيه من اهم السلع الاستراتيجية لعدة اعتبارات، فهذا القطاع مدعوم في معظم العالم، وله عندنا خصوصية توجب دعمه لا فرض ضرائب عليه.
واكد عبد الكريم ضرورة ان تنظم السوق المحلية اكثر وتشدد الرقابة على الاسعار، وان يمنع الاحتكار، وان يعاد تدوير العديد من الموظفين غير الفاعلين في القطاع الحكومي في مجالات تخدم الاقتصاد الوطني، وعلى المدى البعيد يجب اعادة النظر في طبيعة الاقتصاد، فبدلا من الاعتماد على سياسات خاطئة تهدف الى الجباية، الاجدر رسم سياسات تنموية والتركيز على العدالة الاجتماعية، بدلا من لجوء الحكومات الى الاستسهال في الخيارات الاقتصادية.
واظهر مؤشر منظمة الامم المتحدة للزراعة والتغذية "الفاو" لأسعار الغذاء انخفاضا بنسبة 1.9% في الشهر الاول من العام 2016 مقارنة مع الشهر الأخير من عام 2015، مع تراجع أسعار جميع السلع الغذائية التي يرصدها، لا سيما السكر.
وسجل متوسط مؤشر أسعار الغذاء 150.4 نقطة في كانون الثاني، بانخفاض مقداره 16% عن العام السابق، ليسجل أدنى مستوى له منذ نيسان 2009.
وتكمن العوامل الرئيسية وراء الانخفاض الذي طال أمده في أسعار السلع الغذائية الأساسية في وفرة المعروض من السلع الزراعية عموما، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، وارتفاع قيمة الدولار، وفي الشهر الجاري، رفعت منظمة "الفاو" من توقعاتها لأرصدة الحبوب العالمية عام 2016، نتيجة لخفض الاستهلاك المتوقع وارتفاع آفاق الإنتاج الكلي لعام 2015.
وهبط المؤشر الفرعي لأسعار السكر بنسبة 4.1% مقارنة بمستواه في شهر ديسمبر 2015، كأول انخفاض له منذ أربعة أشهر؛ كما تحسنت أحوال المحاصيل في البرازيل، باعتبارها أكبر البلدان لإنتاج وتصدير سلعة السكر على الصعيد العالمي. وانخفض مؤشر أسعار الألبان بنسبة 3.0% بفعل ضخامة كميات الإمداد المعروضة، على الأكثر لدى كل من الاتحاد الأوروبي ونيوزيلندا، إلى جانب فتور الطلب العالمي على الواردات.
وسجل مؤشر "الفاو" لأسعار الحبوب تراجعا قيمته 1.7% إلى 149.1 نقطة، وسط امدادات عالمية وافرة وزيادة التنافس على أسواق التصدير، خاصة سلعتي القمح والذرة، ناهيك عن قوة الدولار.
كذلك تراجع مؤشر أسعار الزيوت النباتية بنسبة 1.7%، على الأكثر بسبب انخفاض أسعار زيت الصويا، فيما يعكس توقعات وافرة من إمدادات فول الصويا العالمية.
أرسل تعليقك