فايز أبو حميدان
سعاد لاجئة سورية عند النظر إليها يبدو ظاهراً وجليــاًعلى وجهها البؤس والحزن ، تحمل في يديها ورقتين أحدهما عقد الزواج والأخرى ورقة الطلاق، يفصلهما تاريخيــاً أربعة أسابيع ، فهاتين الورقتين كانتا بداية ونهاية أحلام سعاد، فهي لاجئة سورية فقدت زوجها الأول في الأيام الأولى لثورة الشعب السوري ، وتم إعتقالها لعدة أسابيع ولحسن حظها إستطاعت الفرار. إبنتها الصغيرة بقيت عند أهل زوجها وبعد أسابيع طويلة من الهرب والإختفاء وصلت إلى الحدود الأردنية ، ومن ثم إلى مخيم الزعتري ، و بعد أشهر من وجودها بمخيم الزعتري، تقدم لخطبتها شاب ، حيث طلب يدها من أحد أقاربها اللذين لاذوا بالفرار من سوريا، وتم الزواج على سنة الله ورسوله ، وانتقلت معه إلى شقة في عمان، وتفاجئت بعدم وجود أثاث في الشقة المتواضعة سوى سرير وغطاء واحد والمجهزة فقط لأمور الزواج المؤقت ، وعند استفسارها تهرب من الإجابة ومكثت مدة أربعة أسابيع بإنتظار عودته بعد هذا السؤال ، وعند حضوره في أحد الأيام يحمل معه قليـلاً من الأكل تفاجئت به يقدم لها أوراق الطلاق ، وعادت أدراجها إلى مخيم الزعتري.
أما هدى فهي لاجئة أخرى في السابعة عشر من عمرها وهي واحدة من 35% من القاصرات السوريات المتزوجات ، تقدم لخطبتها أحد الشباب من دولة عربية أخرى ، و كان والدها متردداً للموافقة على زواجها منه ، ولكن بعد اتصال هاتفي مع أحد أقارب الأب في عاصمة هذه الدولة ، والذي نصح بإتمام الزواج لمعرفته بذلك الشاب ، تم الزواج على سنة الله ورسوله ، وسافرت الطفلة مع زوجها ، وبعد بضعة أيام اتصلت الفتاة بوالدها مستغيثة تريد العودة ، وذلك لأن زوجها أراد بيع جسدها لأصدقائه مما دفعها للهرب إلى أصحاب الخير من الجيران، وبطرق متعددة وصعوبات جمة إستطاع فاعلوا الخير إحضار موافقة الشاب بعودة الفتاة إلى الأردن ، بحجة المشاركة في تأبين والدها الذي مازال على قيد الحياة ، وتبين لاحقاً بأن قريبها الذي يعرف ذلك الشاب هو جزء من عملية الإحتيال التي حدثت.
إن الضحايا في سوريا هم الأطفال والنساء، فقد كشفت الإحصائيات الأخيرة أنه يوجد في الأردن ما يقارب 1,5 مليون نازح منهم حوالي 60-80 % أطفال ونساء ، إن أحد أسباب هروب السيدات من سوريا هو خوفهن من الإغتصاب وهتك العرض. فمن المؤلم أن هذه الحوادث تتكرر كثيراً في الآونة الأخيرة ، لذلك فإن هؤلاء الفتيات والأخوات يشعرن بالطمأنينة حين يلجأن إلى الأردن ، هذا البلد المضياف الذي استقبل الملايين من أبناء الأمة العربية على مدار السنيين ، فتاريخ هذا البلد بقيادته الحكيمة وشعبه المعطاء معروف للجميع فقد وقفوا جنباً إلى جنب مع أبناء الشعب الفلسطيني في أيام النكبة الأولى وحرب 1967 ، وغيرها من الشعوب العربية الأخرى كسوريا ، لبنان ، العراق ، ليبيا ، اليمن ومصر وغيرها ، وفتح حدوده على مصرعيه لطالبي الأمان ، لذلك فالأردن يضرب مثلاً تاريخياً في سعة الصدر والإستعداد لإستقبال اللاجئين واللذين يزيد عددهم حاليـاً عن عدد المواطنيين الأصليين في بعض المناطق ، وهذا ما تعلمنـاه من القيم الأردنية الإنسانية النبيلة وتعاليـم الإسلام .
لكن في بعض الأحيان يتم استخدام بعض الأخوات السوريـات كـــأداة للمتعــــة الجنسيـة بغطاء الزواج ، حيث تم القبض مؤخـراً من قبل الأمن العام على مجموعة مختصة بالإحتيال وتزويج لاجئات سوريات بطرق غير قانونيـة وفي سن أقل من 18 عاماً ، الأمر الذي يتعارض مع القانون الأردني.
فلماذا يتم فبركـة مثل هذه الزيجات دون مراجعة الضمير ؟ أين العادات والتقاليد ؟ أين دور الرجل في الحفاظ على الأنثى وحمايتها ؟ ففي الحروب تزداد أهمية الرجل لحماية الأنثى من الابتزاز، أين دور رجال الدين من هذا الأمر ؟!
لكن للأسف ما يحدث في وقتنا الحاضر معاكس تمامــاً لذلك ، فهو يستغل وضعها المزري من أجل بيع جسدها والمتاجرة به ، أين دور الإعلام في المساهمة في توعية المواطنين للحد من هذه الظاهرة التي تتجلى في اضطهاد المرأة واستغلال وضعها النفسي من أجل المتاجرة بها واستخدامها كأداة للمتعة ؟؟ أين وأين وأين؟؟؟؟