سليمان نبيل أصفهاني
ليس من المستغرب أن تواصل مجموعة من محطات التلفزة العربية سياسة "حرق الحطب"، ضمن إطار عدد من برامج اكتشاف الهواة التي تبيّن ومنذ أربعة أعوام وحتى الآن، أنها تعمل على استغلال أصحاب الطاقات الفنية من دول عربية مختلفة وتضعهم في مزاد علني محاط برسائل التصويت الهاتفية المدفوعة مسبقًا، إضافة إلى كمية من الإعلانات التي توظف لاستعادة الأساس الإنتاجي، وبالتالي الحصول على الأرباح التي حيانًا تلامس الخيال نظرًا لارتفاع أرقامها.
ويبقى الموهوب هو الخاسر الوحيد في تلك المعادلة التي أخرجت القليل من الأسماء، وما زالت هذه الأسماء حتى الآن في بداية الطريق وبلا دعم إنتاجي صحيح أو إدارة أعمال جدية، وفي ظل تلك العملية تتوسع مساحات الأفكار، والغريب أن الممارسات التي باتت ملموسة على ارض الواقع لم تلفت بعد انتباه بعض أصحاب الموهبة الذين مازالوا "يبلعون الطعم" ويرمون جانبًا بعد انتهاء فترة عرض هذا البرنامج أو ذاك.
وهم النجومية هو الطعم المستخدم في عملية جذب المواهب العربية، حيث من الملاحظ أن وعود الأضواء ترمى أمام الهواة من خلال إعلانات تلفزيونية، وبعدها تتم "غربلة" الطاقات لاختيار الوجه الذي من الممكن أن يترك بصمة لدى الناس إلى جانب الصوت الأقوى، ثم يصار "حرق" المراحل وبرمجة عمليات النجاح والرسوب وفق آلية تتناسب مع التوجهات التجارية في المحطات، لان من يصنع تلك البرامج لا يهدف إلى العمل الخيري، وإنما لاستثمار أفكار قادرة على تفعيل عجلة جذب الناس نحو دفع الأموال من اجل إيصال نجمهم المفضل إلى المرتبة الأولى.
وعمليات امتصاص المال تتم عبر وسائل عديدة وغير محدودة، وحتى بطاقات الدخول إلى الأستوديو لحضور التصوير المباشر للحلقات بات مقابل النقود، وهنا يكمن سر الربح والخسارة على حساب الهواة أنفسهم، الذين حين يداهمهم الإهمال سيجدون أنفسهم أمام جملة من الأزمات الخاصة، وحالهم مثل الذي تقدم له نقطة ماء ويرمى بعدها في الصحراء القاحلة.
المهم أن "حرق الحطب" لم يتراجع لان "الحطب" يأتي بإرادته إلى الموقدة لان الإدمان على الأضواء أمر لا يمكن السيطرة عليه، وهو يوازي بمفعوله تعاطي مادة "الهيروين" التي يمكن للمرء أن يدمن عليها من الجرعة الأولى، ومن يقل أن بتلك البرامج تخرج النجوم، عليه أن يرفق أقواله بإثبات، لان السنوات الماضية شهدت "محرقة" ضخمة لم ينج منها سوى الفنان الفلسطيني محمد عساف الذي شكل حالة استثنائية عاكست كل التوقعات، أما قبل وبعد فالحال بقي على ما هو عليه من المراوحة في المكان الواحد.