بقلم - محمد أمين لكواحي
انتظرنا جميعًا أن يتحول ملعب محمد الخامس، إلى أيقونة الملاعب المغربية، وحلمنا بأن يصير الملعب تحفة رياضية، تعزز خريطة الملاعب ببلادنا، التي لطالما حلمت بنيل شرف تنظيم العرس الكروي العالمي لكرة القدم، بعدما ظل مسؤولونا المبجلون في السنوات الماضية، يحملون ملاعبهم الورقية والكرتونية، ويجولون بها مقرات الفيفا، يستجدون حلمًا اسمه كأس العالم، لكن المحصلة أن الجبل تمخض؛ فولد فأرًا صغيرًا شبيهًا بفئران التجارب الجينية المشوهة.
مبالغ فلكية وميزانية ضخمة قدرت بـ22 مليار سنتيم، خُصصت من أجل الإصلاح فقط، وهو الإصلاح الذي لم يكتمل بعد، فالصور المسربة عبر العالم الأزرق "فيسبوك"، تغني عن كل كلام قد يخطه عمود صحافي أو يكتب في جريدة، لأن صور المراحيض والمرافق الصحية في الملعب، الذي لا يضم صنبورًا واحدًا يروي عطش الجماهير التي تبح حناجرها بالهتافات والأناشيد، تغني عن كل ما يمكن أن يكتب أو يخطه قلم، وهي وحدها شاهدة على "جريمة" المسؤولين، ومعها الشركة المسؤولة عن إصلاح ملعب الشرف " stade d'honneur " كما يحلو للبيضاويين تسميته، والذي أصبح من دون شرف، بعد الفوضى العارمة والسقطة التنظيمية المدوية، التي عرفتها مقابلة الكلاسيكو بين الغريمين الوداد والجيش.
انتظرنا جميعًا أن نرى شكلًا جديدًا للملعب، في مداره المطاطي المخصص لألعاب القوى، أو تغيرًا في شكل الأسوار والجدارات أو الأسقف، أو على مستوى تفريع مداخل ومخارج الملعب، أو تحديث البوابات، أو تغطية الملعب؛ أو تقسيم الملعب لطابقين، على شاكلة ملعب برلين في شكله القديم الذي يشبه إلى حد كبير ملعب محمد الخامس. فبعد نيل ألمانيا شرف التنظيم لكأس العالم أعيد إصلاح ملعب برلين، والذي احتضن النهائي لمونديال 2006، لرمزية الملعب، ولقيمته التاريخية، رغم أن ألمانيا استحدثت في نسخة 2006 أربعة ملاعب جديدة، وهو ما يعكس جفاف الخيال الخصب لمهندسينا ولمسؤولينا التقنيين، ولغياب المحاسبة والعقاب على صرف كل تلك الملايير ، من أجل إصلاح ملعب هو في الأصل، قنبلة موقوتة وسط أحياء الدار البيضاء التي تعرف رواجا وحركية كبيرة.
الفضيحة الكبرى، أن مدة الإصلاح دامت سنة بالتمام والكمال وثلاثة أشهر، مع ما ترتب عن طول مدة الإصلاح من مشاكل اثقلت ميزانية فريقي الوداد والرجاء، دون أن يكون لهذا الإصلاح أي معنى، لأن ميزانية تصل 22 مليار سنتيم ؛ تعني بناء ملعب حديث من ملاعب الجيل الجديد، متوسط الحجم، خصوصا اذا علمنا أن ورش الإصلاح لم يكتمل بعد، لأن البوابات الإلكترونية غير مثبتة ولا تعمل بالشكل المطلوب، وغياب الإنارة بالملعب، الذي فرض تغيير مقابلة المنتخب المغربي القادمة إلى ملعب أدرار بأكادير، وغياب موقف للسيارات، مع بقاء الشكل الخارجي دون بصمة جديدة توحي بأن الملعب خضع لكل هاته الإصلاحات، مع تسجيل ملاحظة أساسية متعلقة بالكراسي المثبتة، وهي من النوع الذي لم يعد مستعملا في هكذا ملاعب من هذا الحجم، لعدم توفرها على حاجز على مستوى الظهر، تمنح المتفرج الراحة على امتداد زمن تسعين دقيقة من اللعب، وغياب لوحات إشهار إليكترونية على جنبات الملعب والتي تمنح رؤية بصرية جديدة للمتلقي، وتمنح مساحة أفضل للمسشهرين والمساندين الرسميين للفريق.
المهزلة الأكبر، هي ما رافق المقابلة من عبثية التنظيم، والذي يفتح السؤال عن الجهة المانحة التي تكفلت بالتنظيم، وهي نفسها الشركة المكلفة بإصلاح الملعب، والتي ليس من اختصاصها تنظيم مقابلات في كرة القدم، فكانت الفوضى والهرج والمرج، عنوانا لعرس كروي أريد به أن يكون احتفالا لافتتاح الملعب "التحفة" كما سوق له المنظمون - لا سامحهم الله - فتحول العرس، لنكسة كبيرة لكثير من الجماهير التي اقتنت التذاكر وظلت مرابضة خارج أسوار الملعب، بدون أن يسمح لها بمتابعة المقابلة في المدرجات.
نداء : رجاء أيها المسؤولون؛ حين تطلبون من الجماهير المغربية أن تغير سلوكها، وأن تحافظ على ملعبها، فاحترموا أنتم أولا مهامكم واتقنوا عملكم، عملًا بحديث الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام : " إن الله تعالى يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه."