بقلم : المهدي الحداد
كلما اقترب شهر نوفمبر زادت سرعة نبضات القلوب، ومعها تهافت الحناجر على الدعاء والرجاء بصوت مسموع، لنيل الهدية وبلوغ المقصود، وتحقيق الأمنية الغالية والمتجلية في خطف تأشيرة كأس العالم روسيا 2018.
18دقيقة فقط باتت تفصلنا عن المصالحة مع التاريخ، ثلاث ساعات لا غير ونطلق العنان للأفراح، ونقرع الطبول إيذانا برجوع الأسود إلى رُكح العالمية، بعد صمت وعناد وخصام استمر لعقدين كاملين.
الفريق الوطني على موعد مع النهائي الأول هذا السبت في الدار البيضاء ضد فهود الغابون، الهزيمة فيه ممنوعة والتعادل محرّم، والانتصار بأي شكل وسيناريو عز الطلب لكل المغاربة، والذين شرعوا منذ أيام في تحليل الموقعة وتشريح فصولها، وتبادل التكهنات والحبكات المتوقعة لهذه القمة المثيرة للأعصاب والمهيجة للتوتر.
التعبئة مضاعفة والكل متجند من صغير إلى كبير وراء الأسود لتحقيق الفوز هذا السبت، فجرعات الدعم وشحنات الطاقة سيستمدها رفاق المهدي بنعطية من التيار البشري الصاعق الذي سيتواجد في مدرجات الرعب، هناك بقلعة محمد الخامس حيث تجتمع كل توابل الرهبة والخوف في طابق مسموم يُكرم به الضيوف.
البيضاويون متحمسون وفي غاية الشوق لرؤية الأسود بدارهم، ويتمنون أن يكونوا فأل حسن عليهم، وهم الذين سبق وأن شهدوا ملحمات تاريخية قادت المغاربة للمونديال، ويعدون بالنار والإعصار والتضحية بلا تردد أو انتظار، حبًا في الوطن وطمعًا في أحلى انتصار.
النهائي الأول صعب ومعقد ضد خصم غابوني عائد من بعيد، يلعب بدوره حظوظه في المنافسة على التأشيرة الحلم، ويتمتع بمعنويات مرتفعة عقب فوزه الأخير في الكوت ديفوار على الفيلة، وينتشي مذاق الصُلح مع قائده أوباميانغ الذي سيرجع لقيادة الفهود من جديد.
الضيف سبق وأن لدغنا في ذات التصفيات وفوق أرضية عين الملعب قبل 8 أعوام مع الفرنسي روجي لومير، وكل الأماني أن لا يتكرر نفس السيناريو مع مواطنه هيرفي رونار، لأن أصغر الهفوات ستؤدي إلى مقصلة الإعدام، وأقل خطأ سيكلف لا قدر الله الصفعة والإقصاء والاستسلام المريب.
لا وقت للتفكير ولا مجال لمناقشة الاختيارات التقنية والتكتيكية الآن، والحساب مؤجل إلى ما بعد موقعة أبيدجان حيث النهائي الثاني الحاسم في الأسبوع الثاني من شهر نوفمبر، وكل ما يجب أن نقوم به حاليًا كصحافة وأنصار ومتتبعين وغيورين هو التعبئة والتضحية والرفع من منسوب العزيمة، وتقوية المناعة النفسية لأسود الأطلس كونها السلاح الأبرز والأهم في هكذا مفترقات طرق، تلتقي فيها الأجساد والأقدام، وتصطدم فيها العضلات في أشرس النزالات، وأقوى الإندفاعات البدنية في أخطر المعارك.
رجاءً لا تسمعوا نتيجة مباراة مالي والكوت ديفوار التي ستُلعب في باماكو يوم الجمعة، ولا تخبروا اللاعبين بها، لأنها قد تؤثر مجددًا بشكل قاسٍ وهداّم على روح المجموعة، وتجعلها عن غير قصد تخفف من السرعة، وتنقص من هرمون الحماس والضغط، فلا نستفيد شيئًا من عثرات الآخرين، ولا نربح من معرفة نتائجهم غير الحسرة والندم في النهاية.
أسقطوا الغابون وجهزوا العدة لغزو أبيدجان، نهائي أول مستعجل القرار والثاني لا يقبل بالأعذار، افعلوا الممكن والمستحيل لعدم تفويت الفرصة هذه المرة، فمصير أمة بين أيديكم.