بقلم: يونس الخراشي
لا يسعنا إلا أن نشد على يدي الزاكي بادو بحرارة، ونفتخر به. ليس فقط لأنه أدرك إنجازا غير مسبوق وهو يفوز بكأس الجزائر، بل لأنه فعل ذلك مع فريق كان يبحث عن موسم متوسط لا غير، فضلا عن أنه، وهذا الأهم، لم يطلب لنفسه شيئا، حين فتح له رئيس الوزراء الجزائري الباب لذلك، بل قال له بكل روح وطنية عالية :"أطلب منكم أن تفتحوا الحدود".
في مرة قال الملك الراحل الحسن الثاني لسعيد عويطة :"انت عندي بألف سفير"، بل وقال في خطاب رسمي على التلفزيون إن المغرب ليس معروفا في العالم بملكه بقدر ما هو معروف بنوال وعويطة، مشيدا بالإنجازات الرياضية، وداعيًا كل الشباب المغربيين إلى تمثلها في حياتهم، حتى يتحدوا الصعاب، ويمضوا بعيدا جدا في مساراتهم.
ما حدث، ويحدث، بكل أسف، أن هذا الخطاب الصادر من أعلى سلطة في البلد، كخطابات أخرى تهم قطاعات كثيرة، لم يترجمه من يعنيهم الأمر، في السلطة التنفيذية، وإداراتها، والسلطات المحلية، والجهات الوصية في القطاع الرياضي، وغيره، على أرض الواقع، بحيث صار المغربي بحاجة إلى أن يهاجر كي يثبت ذاته، وإلا فإنه لن ينجح على الأرجح.
قصة الزاكي ليست هي القصة الوحيدة، بل هناك قصص كثيرة جدا في المجال الرياضي، آخرها قصة الملاكم محمد الربيعي الذي نال الميدالية النحاسية في دورة ريو ديجانيرو للألعاب الأولمبية، وحين جاء إلى بلده ليجري مباراة عالمية وجد جدار صد ضخم، يشبه سور الصين العظيم، ثم ما أن جاوز الحدود حتى صار سبعا غضنفرا، يضرب الضربة القاضية من الدقائق الأولى.
المصيبة الأعظم ألا يستخلص من يعنيهم الأمر الدروس اللازمة من إنجاز الزاكي، و"ضربة المعلم الدبلوماسية"، وهو يحرج النظام الجزائري إزاء شعبه، حين طلب من رئيس الوزراء أن يعمل على فتح الحدود، فيبادروا هم أيضا إلى "فتح الحدود الوهمية" التي يبرعون، بدهاء ومكر، في وضعها، شائكة متماسكة، أمام كل من يرغب في النجاح، ومنح البلد بعضا مما بذلته له من عطاءات.
لقد أثبت المغرب دائما أنه غني بناسه، برأسماله اللامادي، كما ورد في خطاب للملك محمد السادس، وها هو اليوم يؤكد ذلك لمن ما يزال في قلبه شك، عساه يرعوي، ويتراجع، ويفتح الأبواب الموصدة لأبناء البلد، ويدعهم يشتغلون في هدوء، لكي يعطوا، ويبرعوا، ويبدعوا، ويثبتوا للناس في العالم أنهم أكفاء، ويقدرون على الفوز بكل الألقاب الممكنة وحتى غير الممكنة، ويلقنوا غيرهم الدروس، في الرياضة، والسياسة، والدبلوماسية، وفن العيش.
أخيرا، وحتى نكون أكثر عدلا، فإن الحرب التي يشنها البعض منا على البعض منا ليس سلاحها موجها من المسؤولين فقط، بل ممن يعادون النجاح، إما لأسباب شخصية واهية، أو لها ما يبررها، حتى إن بعضهم سارع يوم أمس إلى التقليل من الإنجاز الذي أدركه الزاكي، وكأنه إنجاز صغير، وشخصي، مع أن الذين احتفوا به في الجزائر، ومصر، وكل العالم العربي، كان مذهلا.
هل تعرفون ما قاله الزاكي لشوبير المصري في برنامج على المباشر، يوم أمس؟
قال له:"أكبر إنجاز ربحته في الجزائر هو الحب الجنوني للجزائريين".
افتحوا الحدود رجاء.. كل الحدود.. عسانا ننجح جميعا.