بقلم :سليمان قبيلات
في قرية كوبر مسقط رأس النائب الأسير مروان البرغوثي، ثمة ما ينير الحاضر ويعيد إنتاجه مشرقا. فكان على مروان أن يقرأ قدر إنسانه المأزوم بماكينة احتلال غير تقليدي كان عليه أن ينقب عن جذور الخراب في الحاضر العياني المتفجر بالقيد ومآلات الصراع المفتوحة ضده من ذلك وبسببه اتخذ البرغوثي مبتدأ لتفجير الواقع من داخله متكئاً على طاقة روحية كامنة لا يعرف الإسرائيلي مدياتها غير المحدودة في الانتفاض على نصه الوحشي.
في الصباحات المثقلة باكراه الغزاة، كان البرغوثي يرى لقاء تتجدد مأساويته بين احتلال يقوم على النفي المطلق٬ وفلسطين الذبيحة بالتواطؤ والزيف٬ فينكشف الإسرائيلي قاتلا حديثا٬ بينما تتمظهر كوبر قرية مؤنسنة تجمع قسرا مع احتلال كاجتماع الفرح والكآبة كوبر البرغوثي كانت وما تزال نصا نموذجيا محتشدا بالتوتر الواعي بزيف التراتيل الرسمية٬٬ صانعة الهزيمة ومشتقاتها من الوحل٬ فآثرت البقاء سجينة مفاهيم وسياسات تقمع جنودها وتنهزم في المعارك.
لم يقع البرغوثي في فتنة القيادة التي انقادت إليه طائعة٬٬ لان فلسطين تتمسرح لديه فضاء لا متناهيا من الحب الحارق وشوك النوم في أقبية المعتقلات٬ فترسم شخصية أمين السر على مقاساتها القيمية يشتبك في شخصية البرغوثي مستويان أسطوري وواقعي تشكلا في المناخات الضاغطة للصراع اللحظي مع الاحتلال٬ ما أنتج شخصية لا تعرف المهادنة٬ صارمة وجريئة٬ وذات مقدرة على اسباغ الأهمية على الموضوع الذي يتبناه.
أجاد أحابيل التنظيم ودهاليز الحزبية التي غرف من معينها مبكرا٬٬ حتى بات "الدينامو" لحركة فتح وملهما للنضال الوطني الفلسطيني٬ فكان أسر الاحتلال وسجنه مدى الحياة بالمرصاد بتهمة المقاومة التي يعشق انضم البرغوثي إلى حركة فتح في سن الخامسة عشرة٬ وببلوغه الثامنة عشر في العام ٬19766 القى جيش الاحتلال القبض عليه وزج في المعتقل حيث تعلم اللغة العبرية وحصل على الثانوية العامة٬ فضلا عن تطوير ثقافته ومعرفته في اللغتين الفرنسية والإنجليزية.
بعد إطلاقه تراس البرغوثي مجلس طلبة جامعة بير زيت ذات التقاليد العريقة في مقارعة المحتل. تخرج يحمل بكالوريوس التاريخ والعلوم السياسية ومن ثم ماجستير العلاقات الدولية.
والبرغوثي يعد أحد مهندسي الانتفاضة الأولى في العام 19877 فقبض عليه ورُ حل إلى الأردن حيث أمضى 7 سنوات ثم عاد إلى الضفة الغربية في العام 1994 بموجب اتفاق اوسلو٬ وفي عام 1996 شغل مقعدا في المجلس التشريعي الفلسطيني.
أسس في 1983 منظمة الشبيبة الفتحاوية٬ التي اعتبرت أهم وأوسع منظمة جماهيرية في فلسطين المحتلة٬ حيث شكلت القاعدة الشعبية الأكثر تنظيماً وقوة٬ ولعبت دوراً رئيسياً في انتفاضة 1987 انكب البرغوثي المطارد اسرائيليا وأسير الإقامة الجبرية ومن ثم الحبس الإداري على وضع لوائح منظمة الشبيبة٬ بما في ذلك لجان الشبيبة للعمل الاجتماعي٬ ذات الحضور الواسع في المدن والقرى والمخيمات٬ والجامعات والمعاهد والمدارس الثانوية.
تعرض البرغوثي للاغتيال غير مرة ونجا منها جميعا. وقال عن اختطافه في العام 20022 شاؤول موفاز الذي كان وزير دفاع الاحتلال٬ "إن اعتقال البرغوثي هو هدية عيد الاستقلال التي يقدمها الجيش للشعب الإسرائيلي وان اعتقاله ضربة قاتلة للانتفاضة". اما الياكيم روبنشتاين المستشار القانوني للحكومة آنذاك فقال "إن البرغوثي مهندس إرهابي من الدرجة الأولى وقد راجعت ملفاته طوال ثلاثين عاما ووجدت انه من النوع الذي لا يتراجع ولذلك يتوجب إن يحاكم بلا رحمة وإن يبقى في السجن حتى موته".
وفي 20 ايار (مايو) 2004 عقدت المحكمة المركزية في تل أبيب جلستها لإدانة القائد مروان البرغوثي٬ الذي دين بخمس تهم بالمسؤولية العامة٬ لكونه أمين سر حركة فتح في الضفة٬ وبكون كتائب شهداء الأقصى تابعة لفتح فأن أي عمل عسكري قامت به يتحمل البرغوثي مسؤوليته. وقد طالب الادعاء العام الإسرائيلي بإنزال أقصى عقوبة بحق البرغوثي وطالب بحكمة بخمسة مؤبدات وأربعين عاما.
ترأس المناضل مروان البرغوثي القائمة الموحدة لحركة فتح في الانتخابات التشريعية الفلسطينية الثانية٬٬ في التاسع من ايار(مايو) 2006 وقع البرغوثي نيابة عن حركة فتح وثيقة الوفاق الوطني الصادرة عن القادة الأسرى في سجون الاحتلال. وتبنت منظمة التحرير الفلسطينية هذه الوثيقة باعتبارها أساسا لمؤتمر الوفاق الوطني.