بقلم - صالح المنصوب
أنهمرت دموعهم وسالت حتى أنهم لم يتمكنوا من نطق حرف للحديث معي ، لم يستحملوا هول صدمة قرار مغادرة. وفراق والداهم وحنانه ، لماذا يا أبي نذهب ونتركك ؟ وكانهم ذاهبون الى الجحيم، لم يتمالكوا هول الصدمة و الدم يسري في عروقم كله حزن .
لم اتمالك نفسي وأنا أرى دموع ابنائي الصغار حمدون وعبدالملك ووجود ، دموع انتزعوها قهراً من داخلهم لفراق والدهم و هي أعظم تعبير بعد إبتساماتهم التي عاشوها معي ، وما كان عليا الا ان إنضممت اليهم لأبوح ما بداخلي الذي حاولت أخفيه عليهم ، وقلت لهم لا تقلقوا لا تتألموا يا أولادي هذا قدرنا ، سيجمعني الله بكم قريبا إن كل لنا في عمرنا بقية.
رن جوالي صباحا تفاجئت أنه صاحب الباص يحثنا على الإستعداد إنه قادم في الطريق ، كان الحزن كبيراً ، ويوم من عمري لاينسى وام يحدث لي قط ، يسألني عبدالملك هل ستأتي معنا قلت له نعم لأخفف عنه من لوعة الحزن والفراق.
وما أن قرروا المغارة شعرت أن روحي ستقبض ودارت بي الأرض ، وغادرتهم أهيم وحيران ، ألعن من كان سبباً في كل هذا .
مشهد لم أتصور ان يحدث عرفت معنى التشرد والنزوح و اهواله سيرحلون وأبقى انا اكتوي بكأس الفراق و وتحرقني دموعهم التي تسكب ، سيذهبون وأنا اعيش الوجع والحزن الدام ، وأمسح كل ماتبقى من سعادة .
الى هذه الدرجة جعلتنا الحرب نهيم ونتعذب ، كلما أستبشرنا بالأمل بدت لنا مواجع جديدة ، حرب لعينه وأوسخ منها من يغذونها ولا يريدونها ان تنتهي ، ناس تموت وناس تسجن وناس تسحل ، دون أي ذنب .
تبددت القيم وسادت الفوضى وتولى السفلة مناصب وأماكن ، وشعور النقص يكاد ان لايغادرهم ، فيدفعهم الى الإنتقام من كل ماهو جميل .
غادروا وفي قلبي نار تشتعل و أصبحت تائه قريب من مرحلة الجنون ، نتحدى قساوة الواقع والظروف و تلاطم امواج الفوضى من كل جانب ، حسرة وألم وحزن ودموع تتشرد بداخلي ، براكين الحزن لم تنتهي .
وصلت إلى حقيقة انه لا يعرف الحزن والفراق والتشرد الا من اكتوى فيه ، كثير ممن التقيهم يكتوون بنفس الكأس تاهوا كما تهنا وعانوا الكثير .
الوجع الكبير انك تجد نفسك مقهوراً حزيناً لاتجد من يطرق عليك باباًً أو يرن لك جوالاً ، يختفي الجميع وتبقى وحيداً ، لكن الله على كل شيء قدير ، فمن مسك بحبل الله لا يمكن أن يتوه او يضيع.
الى اللقاء يا ثروتي وما تبقى لي من أمل ؛ الى اللقاء يا من غُرس حبكم في فؤادي ، الى اللقاء يامن أدخلتم السعادة الى قلبي وهاهي اليوم تغادر معكم .
أقول لكم الى اللقاء بحرقه و أنا مكبل بالحزن ، لأنكم قدمتم إليا فرحين، وغادرتم عني مجبرين .
حفظكم الله وأبقاكم لي و أزآح عنكم الحزن وغرس في قلوبكم سعادة لاتنتهي .